حـــ2/ صيانة الموارد الطبيعية Conservation
===========
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
164 - Behold! in the creation of the heavens and the earth; in the alternation of the night and the day; in the sailing of the ships through the ocean for the profit of mankind; in the rain which God sends down from the skies, and the life which he gives therewith to an earth that is dead; in the beasts of all kinds that he scatters through the earth; in the change of the winds, and the clouds which they trail like their slaves between the sky and the earth; (here) indeed are signs for a people that are wise.
=========
صيانة التربة. التربة ضرورية لنمو النباتات، التي توفّر بدورها الطعام للحيوانات والناس. وتحتوي التربة بصفة رئيسية على المعادن المختلطة بالمواد العضوية (بقايا الحيوان والنبات)، والهواء، والماء. وتتكون من الصخور والمواد المماثلة التي تكسرت بوساطة العمليات الطبيعية والكيمائية، التي يطلق عليها التجوية. وتختلط الحبيبات مع الدُّبال الذي يتكون من بقايا الحيوانات والنباتات. وتحلل البكتيريا الموجودة في التربة الدبال إلى المواد الغذائية التي تحتاجها النباتات..
التربة Soil ثروة طبيعية مهمة تغطي الكثير من سطح الأرض. تعتمد الحياة في الأرض على التربة بوصفها مصدرًا مباشرًا، أو غير مباشر للطعام. فالنباتات مثلاً متجذرة في التربة، وتحصل منها على المغذيات (المواد المغذية)، والحيوانات تحصل كذلك على المواد المغذية من النباتات، أو من الحيوانات التي تأكل النباتات. تسبب ميكروبات معينة في التربة تحَلّل العضويات الميتة التي تساعد على إعادة المواد المغذية للتربة. وبالإضافة لذلك فإن العديد من الحيوانات يجد الحماية في التربة.
تحوي التربة المعادن والمواد العضوية والنباتية والحيوانية الأخرى وكذلك الهواء والماء. وتتغير محتويات التربة بانتظام. هناك العديد من أنواع التربة، ولكلّ منها خواص مميزة بما في ذلك اللون والتركيب. ويساعد نوع التربة في منطقة ما في تحديد القدرة على نمو المحاصيل بها. وتتشكل التربة ببطء وتُدمّر بسهولة ولذلك يجب أن تصان حتى يمكن لها أن تستمر في دعم الحياة.
يستخدم علماء التربة مصطلح البوليبيدونات للكتل المختلفة من التربة في منطقة جغرافية معينة. ويمكن أن تكون هذه الكتل كبيرة الحجوم، وبلا حدود، ولكن بعضها له مساحة سطحية قدرها متر مربع واحد فقط، ولبعض البوليبيدونات سمك يقل عن 13سم. ومقطع التربة مصطلح يستعمل للتعبير عن تركيب التربة.
تركيب التربة
تسمى المعادن والجسيمات العضوية في التربة جسيمات التربة. ويشغل الهواء والماء الفراغ بين الجسيمات، وتعيش النباتات والحيوانات في هذه الفراغات المسامية وتنمو جذور النباتات أيضًا خلال الفراغات المسامية.
المعادن. تمد المعادن النباتات الخضراء بالمواد المغذية. وتشكل الجسيمات المعروفة باسم الرمل و الغرين والطين معظم المحتوى المعدني للتربة.
والرمال والغرين جسيمات لمعادن الكوارتز والفلسبارات. تتكون الأطيان من الإليت والكاولين والمايكات والفيرمكيوليت، ومعادن أخرى. وتضيف كميات شحيحة من معادن عديدة المواد المغذية للتربة ومنها الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم. ومعظم الترب تسمى تربًا معدنية لأن أكثر من 80% من جسيماتها معادن.
النباتات والمواد الحيوانية. تتكون من مواد عضوية في مراحل متفاوتة من التحلل. ويعيش العديد من العضويات أيضًا في التربة. تحوي عضويات التربة جذور النباتات والميكروبات وبعض الحيوانات كالديدان والحشرات والثدييات الصغيرة. وتفكك البكتيريا والفطر والميكروبات الأخرى النباتات والحيوانات الميتة. ويساعد العديد من عضويات التربة والجسيمات العضوية والمعادن على التجمع (التقارب) وتكوين كتل من التربة. وتكسر الجذور والحيوانات الحافرة والتجوية الطبيعية كتل التربة الكبيرة.
تطلق المواد العضوية المتحللة المواد المغذية في التربة. وبالإضافة إلى ذلك تتحد بعض المواد العضوية مع الجسيمات المعدنية. وتشكل المواد المتحللة الأخرى جسيمات تربة عضوية تسمى الدبال. ومعظم الدبال يكون أسود أو ذا لون بني غامق، ويحمل كمية كبيرة من الماء. ويشكل الجزء العضوي من 6% إلى 12% فقط من حجم الجسيمات في معظم أنواع التربة المعدنية. وبالرغم من ذلك فإن هذه الكمية الضئيلة تزيد كثيرًا من مقدرة التربة لدعم حياة النبات. وفي بعض الترب التي تسمى التربة العضوية تمثل العضويات أكثر من 20% من جسيمات التربة.
الماء. يدخل الماء إلى التربة فيذيب المعادن والعناصر الغذائية، ويشكل محلول التربة. ويتسرب الكثير من المحلول بعيدًا ولكن يبقى بعضه في الفراغات المسامية. تحصل النباتات الخضراء على الماء وبعض المواد المغذية بامتصاص محلول التربة من خلال جذورها.
الهواء. يحل الهواء مكان الماء الذي يتسرب عبر الفراغات المسامية الكبيرة. وتعيش عضويات التربة بطريقة أفضل في التربة التي تحتوي دائما على كميات متساوية تقريبًا من الماء والهواء.
كيف تتكون التربة
يعتمد تكون التربة على التأثير الجماعي لعدة عوامل هي 1- الصخر الذي تكونت منه التربة، 2- المناخ، 3- العضويات، 4- الوقت. تتكون التربة ببـطء وفي عملية مستمـرة، تبين الأشكال أدناه كيف تتكون التـربة العادية ثم تتطـور عبر القرون.
التربة تبدأ بالتكوّن حين تكسر الأمطار والثلج والعوامل البيئية الأخرى، الصخور والمواد المشابهة. تتكسر المادة الناتجة التي تسمى المادة الأم إلى جسيمات معدنية.
العضويات البسيطة تعيش على الصخور التي تتحلل (تتفكك). ينتج نبات الأشنة أحماضًا تساعد على تحلل الصخور. وحينما تموت العضويات تتجمع المواد العضوية بين الجسيمات المعدنية.
الطبقات المسماة نطاقات. تحوي الطبقة العليا أو النطاق أ مواد عضوية أكثر وتصبح عميقة بدرجة كافية لدعم بذور النبات. أما الطبقة السفلى أو النطاق جـ فتشبه المادة الأم.
التربة المتطورة تستطيع تدعيم غطاء صحي من المزروعات. وقد تحوي أيضًا طبقة وسطى تسمى النطاق ب. هذا النطاق يحوي معادن غسلت بمياة الصرف من سطح التربة.
تبدأ التربة في التشكل حين تحلل القوى البيئية الصخور، والمواد المماثلة والتي تقع على سطح الأرض أو قريبًا منه. ويسمى علماء التربة المواد الناتجة المادة الأم. ومع تطور التربة على مر القرون تتجمع المواد العضوية، ويصبح تشابه التربة لمادتها الأم أقل فأقل. وربما تزيح المثالج والأنهار وقوى بيئية أخرى المادة الأم والتربة من منطقة لأخرى.
تتعرض التربة للتكوين والتدمير باستمرار. وربما تدمر عمليات التعرية التي تتسبب فيها الريح والمياه الترب التي استغرق تكوينها آلاف السنين بسرعة.
يختلف تشكيل التربة حسب تأثير العوامل البيئية المختلفة. وتشمل هذه العوامل:1ـ نوع المادة الأم. 2ـ المناخ. 3ـ معالم سطح الأرض 4ـ النباتات والحيوانات. 5ـ الزمن.
أنواع المادة الأم. تساعد المادة الأم في تحديد نوع الجسيمات المعدنية في التربة. وتكسر عملية تسمى التجوية المواد الأم إلى جسيمات معدنية. وهناك نوعان من التجوية: 1ـ التفتت الطبيعي 2ـ التفتت الكيميائي.
التفتت الطبيعي. يتسبب فيه الجليد والمطر، وقوى أخرى. تفتت هذه العمليات الصخر إلى جسيمات صغيرة لها نفس تركيب المادة الأم، وينتج الرمل والغرين من التفتت الطبيعي.
التفتت الكيميائي. يؤثر بشكل أساسي في الصخور سهلة التجوية. وفي هذا النوع من التجوية تتكسّر البنية الكيميائية للصخر، حينما يذيب الماء معادن معينة في الصخر.
يُنتج التحلل الكيميائي عناصر تختلف في تركيبها الكيميائي عن المادة الأم. وتذوب بعض هذه المواد في محلول التربة، وتصبح جاهزة في شكل مواد مغذية للنبات. وتتحلل مواد أخرى وتكوِّن جسيمات طينية أو معادن جديدة.
يؤثر المحتوى المعدني للمادة الأم أيضًا على نوع النباتات التي تنمو في تربة ما. فعلى سبيل المثال تنمو النباتات، بما في ذلك الصحراوية والوادية، بشكل أفضل في الترب الحمضية التي تحوي كمية كبيرة من الحديد.
تأثير المناخ. يؤثر المناخ في النشاطات الحيوية والكيميائية في التربة بما في ذلك أنواع ومعدلات التجوية. فالتفتت الطبيعي على سبيل المثال هو النمط السائد من التجوية في المناخ الجاف البارد. تشجع درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة على التحلل والتفتت الكيميائي. وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم نشاطات التربة الأخرى تتطلب ظروفًا دافئة ورطبة. وتهدأ هذه النشاطات أو حتى تتوقف في الطقس البارد. ولذلك فإن التربة في المناخ الجاف تجنح لأن تكون أكثر ضحالة وأقل تطورًا عن تلك الموجودة في أقاليم دافئة ورطبة.
تأثيرمعالم سطح الأرض. تتحكم تلك المعالم أيضًا في كمية التربة المتكونه في منطقة ما. فمثلاً تعري المياه الجارية على الأرض التربة وتعرض صخورًا جديدة للتجوية. ونلاحظ أن تربة المنحدرات تصاب بالتعرية أسرع من تلك التي على مناطق منبسطة وأن فرصتها في التكون قليلة. ولذلك فإنها ليست متطورة كتلك التربة الواقعة على أراضٍ منبسطة.
تأثير النباتات والحيوانات. تساعد عضويات التربة والمواد العضوية التربة على التطور وتحميها أيضًا من التعرية. كما يضيف موت وتحلل النباتات والحيوانات مواد عضوية للتربة. وتساعد هذه المواد العضوية التربة على دعم عضويات جديدة. ولا تتآكل التربة ذات الغطاء النباتي، والتي تحتوي على كمية كبيرة من المواد العضوية بسهولة.
تأثير الزمن. تكون التربة المعرضة لعمليات التربة بكثافة ولمدة طويلة، عميقة وجيدة التطور، بينما تكون التربة سريعة التآكل ـ أو التي حُرمت من مثل هذه العمليات فترة طويلة من الزمن ـ أقل تطورًا.
خواص التربة
تختلف طريقة ومعدل تشكُّل التربة في أجزائها المختلفة. ونتيجة لذلك فإن التربة تكوّن طبقات تسمى نُطُق التربة. وقد تكون نطق التربة سميكة أو رقيقة، وقد تشابه أو تخالف النطق المحيطة. ويمكن أن تميَّز الحدود بين الطبقات ولكنها أحيانًا تكون صعبة الملاحظة.
تحوي معظم الترب ثلاثة نطق رئيسية. منها النطاقان أ و ب ، وهما جيدا التكوين. ويعرف النطاق أ أيضًا باسم قمة التربة أو التربة الفوقية. أما النطاق الثالث فهو النطاق السفلي المسمى جـ أو التربة التحتية. وهو معرض للقليل من عمليات التجوية. ويماثل تركيبه تركيب المادة الأم. ويصف علماء التربة، الترب من خلال خواص نطق التربة. ويشمل هذا 1- اللون 2- النسيج 3- البنية 4- التركيب الكيميائي.
اللون. تتراوح التربة في ألوانها بين الأصفر والأحمر والبني الغامق والأسود. ويساعد لون التربة علماء التربة في تقدير كمية الهواء والماء والمواد العضوية وبعض العناصر في التربة. فقد يدل اللون الأحمر مثلاً على وجود مركبات الحديد في التربة.
النسيج. يعتمد على حجم جسيمات التربة المعدنية. وأكبر الجسيمات هي جسيمات الرمال. ويمكن للمرء أن يرى ويحس حبيبات الرمل المفردة. وجسيمات الغرين كبيرة لحد يجعلها ترى بشكل كاف، أما جسيمات الطين فهي ذات حجم مجهري. ويقسم علماء التربة الترب إلى فئات نسيجية على أساس كميات الرمل والغرين والطين الموجودة في التربة. فالأجزاء المعدنية للتربة والتي تصنف تحت اسم الطفال الرملي تحتوي على 7% إلى 27% طينًا وأقل من 52% رملاً. وفي الطين الغريني تكون أكثر من 40% من الجسيمات المعدنية من الطين وأكثر من 40% من الغرين.
ويساعد النسيج في تحديد كيفية صرف الماء من التربة. فالرمل يسمح بالصرف أكثر من الطين.
البنية. حينما تتجمع جسيمات التربة، تشكل كُتَلاً من التربة تسمى طَفْلات. ومعظم الطفلات تتراوح أقطارها بين أقل من 1,5 و15سم. ويحدد شكلها وترتيبها بنية التربة. وقابلية الطّفلات وجسيمات التربة لتلاصق بعضها مع بعض وتحديد شكلها يسمّى المتانة.
وتحوي معظم الترب نوعين أو أكثر من البنيات إلا أن بعض الترب ليس لها بنيات محددة. وفي بعض هذه الترب لا يكون للطفلات شكل أو ترتيب محدد، أما في ترب أخرى فإن الجسيمات لا تتجمع أصلاً.
وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من بنيات التربة 1ـ طبقية الشكل 2ـ منشورية الشكل 3ـ كتلية الشكل. والطفلات طبقية الشكل رقيقة وذات أطباق أفقية موجودة في أي نطاق. والطفلات منشورية الشكل هي بنيات تربة تحتية عمودية الشكل. أما الطفلات كتلية الشكل فتبدو كالكتل وهي ذات جوانب منبسطة أو منحنية. وتوجد الطفلات كتلية الشكل الكبيرة، ذات الجوانب المسطحة، عادة في التربة التحتية. أما الطفلات كتلية الشكل الصغيرة المتكورة فتكون معظم التربة الفوقية. وهي تحوي مواد عضوية أكثر وماء ومواد مغذية أفضل من الطفلات الكبيرة.
الظروف الكيميائية. يمكن أن تكون التربة حمضية، أو قلوية، أو متعادلة. وتؤثر كمية الحمض والقلوي في التربة على العمليات الحيوية والكيميائية التي تجري فيها. وقد تؤذي الترب ذات الحمضية أو القلوية العالية العديد من النباتات. وتدعم الترب المتعادلة معظم العمليات الحيوية الكيميائية، بما في ذلك العمليات التي من خلالها تحصل النباتات على العديد من المواد المغذية. وتسمى هذه العمليات التبادل الكاتيوني. يذوب العديد من المواد المغذية والعناصر الأخرى في محلول التربة مكونة جسيمات موجبة الشحنة تسمى كاتيونات. ويجذب الطين والدبال الكاتيونات سالبة الشحنة، ويمنعانها من أن تُصفَّى (تُغسل بعيدًا) من التربة الفوقية بوساطة مياه الصرف. ويحوي المحلول الذي يتبقى في التربة كاتيونات أخرى. (الكاتيونات الغذائية التي في الطين والدبال). وتتبادل الكاتيونات الغذائية في الطين والدبال وتلك التي في محلول التربة الأماكن مع الكاتيونات غير الغذائية التي في الجذور. وبهذا تستطيع الجذور امتصاص الغذاء.
كيف تصنف التربة
لا يوجد إجماع دولي على تصنيف التربة. فقد وضعت معظم البلدان نظم التصنيف الخاصة بها تبعًا لاختلافات في تربتها. ووضعت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة (الفاو) نظامًا تصنيفيًا. وتستخدم نظام الفاو، بصفة عامة، الدول النامية التي لم تطور بعد نظم تصنيفها.
وكانت المحاولة الأولى لتصنيف التربة في روسيا في ثمانينيات القرن التاسع عشر. وقد اعتمد هذا التقسيم على الاعتقاد بأن نوع التربة يحدده، بشكل كبير، المناخ.
يعرف هذا النوع من التصنيف بالتصنيف النموذجي، وقد تطور خلال الخمسين عامًا الأولى من القرن العشرين. ولكن بعض العلماء اليوم يعتقد أن عوامل أخرى كثيرة تكون مسؤولة عن تكوين التربة واختلافاتها. وأدى هذا إلى أن يستبدل بالتصنيف النموذجي تصنيفات تعريفية تبنى على وصف التربة. وفي التصنيف التعريفي تجمع الترب المتشابهة لحد كبيرمعًا بدون وصف طريقة تشكيلها.
صيانة التربة
تسهم ترب الأرض الزراعية، وترب أراضي المراعي والغابات في توفير العديد من المنتجات وفي توفير مناطق الترويح، ولذلك ينبغي صيانتها. ويعمل حماة التربة على التأكد من الاستعمال الرشيد للتربة.
يستلزم الاستعمال الرشيد للأراضي الزراعية الحفاظ على مستوى عال من العناصر الغذائية والمواد العضوية في التربة المزروعة. ويضيف المزارعون مواد عضوية للتربة بحرث الأرض تحت بعض النباتات الخضراء. ويضيفون أيضًا مخصبات (سمادًا) ويديرون المحاصيل ليعوِّضوا العناصر الغذائية التي أزالتها النباتات النامية. وبالإضافة إلى ذلك فإن المزارعين يحرثون حقولهم ويزرعونها بطرق تمنع التعرية.
تعاني أراضي المراعي التي استخدمت بصورة جائرة أيضًا التعرية، حيث يقلل الإفراط في الرعي كمية النباتات، والمواد العضوية في التربة. وتصاب التربة بالتعرية بسهولة في حال وجود جذور نباتية قليلة لتثبيتها في مكانها. ويصون الفلاحون أراضي المراعي بتحديد الفترة الزمنية التي ترعى فيها المواشي في منطقة واحدة.
يجب أن تُصان أراضي الغابات أيضًا من التعرية. وفي بعض الحالات يترك قاطعو الأشجار أفرعًا غير مستعملة وأجزاء أخرى من الأشجار على أرض الغابة لتضيف موادّ عضوية للتربة. كما أنهم يعملون على تطوير مجموعات من الأشجار الكبيرة والصحية التي تعمل جذورها على صيانة التربة بتثبيتها في أماكنها ضد التعرية التي تسببها الريح والماء.
***
تكونت طبقة التربة الرقيقة الخصبة، التي تغطي أرض الكرة الأرضية من خلال عمليات طبيعية على مدى آلاف السنين. ولكن في مناطق كثيرة، خربت الممارسة، التي تتسم بالإهمال التربة في غضون سنين قلائل فقط. وتجرف مياه الأمطار، والرياح، والقوى الطبيعية الأخرى التربة بالتدريج. وتُسمّى هذه العملية التعرية، وهي عادة تحدث ببطء شديد. ولكن الأنشطة البشرية أدت إلى زيادة معدلات تعرية الأرض بدرجة كبيرة، وذلك بإزالة الكساء الخضري الطبيعي (الحياة النباتية)، لتمهيد الأرض لمشاريع البناء، وعمليات التعدين، أو الأراضي الزراعية. وتحمي النباتات التربة من القوة المباشرة لقطرات المطر، والريح، كما تثبت جذورها التربة في مكانها. وتمتص النباتات أيضًا بعض مياه الأمطار مما يقلل من سرعة سريانها على الأرض. وهكذا لاتجرف المياه إلا حُبَيْبات قليلة من التربة. وتعد تعرية التربة من مشكلات الصيانة الكبيرة في أجزاء كثيرة من العالم.
ويستطيع المزارعون أن يحدوا من تعرية التربة، بزراعة الأشجار وترك رقع من الكساء الخضري الطبيعي بين حقولهم وعلى المساحات التي لاتحرث. وتعمل الأشجار كمصدَّات للرياح. ويطبق أيضًا كثير من المزارعين طرقًا للصيانة مثل حراثة المناسيب، وزراعة المحاصيل في خطوط شريطية، وعمل المصاطب، وتقليل الحراثة ما أمكن ذلك.
وتطبق حراثة المناسيب على الأراضي المنحدرة، حيث يحرث المزارعون عبر المنحدر (من جانب إلى آخر)، بدلاً من الحراثة إلى أعلى أو إلى أسفل. وتساعد الحواف على إبطاء تدفق مياه المطر.
إقامة المصاطب تساعد في وقف تعرية التربة على جوانب التل. تحتفظ المصاطب بمياه المطر وتمنعها من جرف جوانب التل.
تساعد زراعة المحاصيل في خطوط شريطية، على إبطاء سريان مياه المطر أسفل المنحدر. ويزرع الفلاح العُشب، والبرسيم، أو النباتات الأخرى، التي تنمو متلاصقة في خطوط شريطية بين صفوف الذرة، والقمح، أو محاصيل الحبوب الأخرى. ويحتفظ العشب أو البرسيم بالماء، ويحمي التربة بطريقة أفضل مما تفعل محاصيل الحبوب.
ويُعد بناء المصاطب طريقة تمنع تعرية التربة من على جوانب التل. ويبني المزارعون صفوفًا واسعة ومسطحة تُسمّى المصاطب على جوانب التل. ويشبه جانب التل والمصاطب عليه سلمًا يتكون من درجات كبيرة، وتمسك المصاطب بمياه المطر، وبهذا تمنعها من جرف جانب التل وتكوين الأخاديد.
وتسمى الحراثة البسيطة أيضاً الحراثة المحمية، وتتكون من عدة طرق لخفض عدد المرات التي يجب أن يحرث فيها الحقل (وعادة يحرث المزارعون حقولهم ثلاث أو أربع مرات كل عام). وأحد أشكال الحراثة البسيطة تسمى الحراثة ـ الصفر، أو اللاحراثة.
ويترك المزارعون بقايا المحصول في الحقل بعد الحصاد غطاءً للتربة بدلاً من حرثها. وفي أثناء الزراعة التالية يعد المزارعون مكان البذور بطريقة تترك البقايا بين صفوف المحصول. توفر الحراثة ـ الصفر الغطاء للتربة، وتحافظ على وقود الجرار أيضًا.
وإحدى المشكلات الكبرى في صيانة الأراضي الزراعية هي انخفاض خصوبة التربة، التي تسببها جزئياً زراعة المحصول نفسه في الحقل سنة بعد أخرى. وتنزح زراعة الذرة والقمح ومحاصيل الحبوب الأخرى من التربة مادة كيميائية ضرورية تسمى النيتروجين، إذا زرعت في الحقل نفسه لعدة سنوات. ويمكن أن يحافظ المزارعون على خصوبة التربة بتطبيق عملية تدوير المحاصيل (الدورة الزراعية)، التي تُبدَّل فيها المحاصيل من سنةٍ لأخرى. وعادة ما يكون محصول التدوير نباتاً بقولياً مثل البرسيم أو فول الصويا. وعلى عكس الذرة أو القمح تعيد البقول النيتروجين إلى التربة.
****
نظام الإنتاج الزراعي Cropping system طريقة لزراعة المحاصيل وإنتاج نسبة عالية من الغلال بدون إضعاف التربة. ويشتمل على مجموعة من أساليب مختلفة للإنتاج من أجل التوصل إلى أفضل الطرق للاستفادة من الأرض. ويجب على المزارعين أن يأخذوا بعين الاعتبار تركيب التربة وانحدارها، والصرف، ومشكلات انجراف التربة عند تقريرهم نوع المحاصيل التي تلائم أراضيهم وكذلك يؤخذ بالاعتبار تاريخ استغلال الأرض في إنتاج المحاصيل الماضية. وتُستعمل تركيبات متنوعة من أساليب الإنتاج مثل أساليب الفلاحة المختلفة والدورات الزراعية (تدوير المحاصيل)، والاستخدام الصحيح للأسمدة والمبيدات وذلك من أجل مساعدة المزارع.
ومن أقدم طرق المحافظة على التربة وأوسعها انتشارًا استخدام دورة المحاصيل. وهي تبديل المحاصيل المزروعة في الحقول من سنة إلى أخرى بالتناوب، حيث يستهلك محصولٌ واحد الأملاح المعدنية والمواد العضوية الموجودة في التربة إذا زُرع في الحقل نفسه سنة بعد أخرى. إلا أن زراعة أنواع مختلفة من المحاصيل في الحقل ووفق جدول منتظم يتيح فرصة تعويض معظم الأملاح المعدنية والمواد العضوية، كما يساعد في الحد من أمراض النبات ودورة حياة الحشرات، فعلى سبيل المثال تأخذ الذرة النيتروجين من التربة، بينما تُخرجه محاصيل أخرى مثل الفصة والبرسيم، فإذا زُرعت الذرة في الحقل مرة فمن الممكن زراعة الفصة والبرسيم في السنة التالية؛ وذلك لتعويض النيتروجين الذي استهلكته الذرة. ومن الممكن أيضًا حراثة التربة وفيها المحاصيل المنتجة للنيتروجين بحيث تبقى هذه المحاصيل داخل التربة، وعندما تتفسخ فإنها تُعوّض عن معظم المادة العضوية المفقودة وتعمل على إغناء التربة. وفي الأراضي المنحدرة يتم تبديل الحشائش والمحاصيل عميقة الجذور بالمحاصيل الأخرى من أجل الحفاظ على تماسك التربة ومنع انجرافها.
أَخَذَ استعمال الأسمدة يحل تدريجيًا محل دورة المحاصيل باعتباره وسيلة من وسائل إنتاج المحاصيل التي تحقق أكثر الأرباح سنة بعد أخرى مع إبقائها على خصوبة التربة. وقد تم تطوير الأسمدة الآزوتية وغيرها مما يساعد في إعادة الأملاح المعدنية المفقودة من التربة. وعندما تُضاف هذه الأسمدة ـ وباستعمال طرق الحراثة والمبيدات الحشرية المناسبة ـ يصبح من الممكن زراعة المحصول نفسه سنويًا دون إلحاق الضرر بالتربة. وتشمل التطورات الأخرى في نظام الإنتاج الزراعي المبيدات الكيميائية التي تقضي على الحشرات والأعشاب الضارة والكائنات الحية الدقيقة.
****
ويضيف بعض المزارعين الروث (فضلات الحيوان) وبقايا النباتات (السماد الحيواني والنباتي) إلى حقولهم لرفع خصوبة التربة. ويستخدم الكثيرون مخصبات (أسمدة) كيميائية لهذا الغرض. وقد يُخفِّض الاستخدام الزائد عن الحد لبعض المخصبات الكيميائية، على أية حال، من قدرة البكتيريا على تحليل الدبال، وإنتاج مواد غذائية بطريقة طبيعية. وتزيد صلابة التربة نتيجة لذلك تدريجيًا، وتفقد الكثير من قدرتها على امتصاص ماء المطر. وحينئذ تنجرف التربة بسهولة أكبر. وبالإضافة لذلك ربما تنزح المخصبات من التربة وتدخل إلى البحيرات، وجداول المياه، والآبار، وتلوث المياه. ويُسَبِّبُ استخدام مضادات الآفات المتزايد مشكلات مماثلة.
والمشكلة الشائعة في الأراضي الزراعية المروية هي تراكم الأملاح المختلفة في التربة. وتحتوي معظم جداول المياه على كميات صغيرة من هذه الأملاح في التربة، وربما تقلل من نمو النبات وتفسد أرض المحاصيل.
****
الــرَّيّ Irrigation سقي الأرض بالمياه بالطرائق الاصطناعية، وتوفير الماء الضروري لنمو النباتات في المناطق التي تعاني من ندرة الأمطار، أو عدم سقوطها. ويمكن الحصول علي الماء المستخدم للري من البحيرات والأنهار والجداول والآبار.
يُستخدم الري بشكل رئيسي في ثلاثة أنواع من الأقاليم المناخية وهي الأقاليم الصحراوية مثل مصر والجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية حيث تكاد الزراعة تكون فيها مستحيلة بدون مياه الري. وفي الأقاليم ذات الأمطار الموسمية مثل الأراضي الأسترالية، يجعل الري الزراعة فيها أمرًا ممكنًا حتى خلال أشهر الجفاف. وفي الأقاليم الرطبة مثل نيوزيلندا وأوروبا الغربية، يحافظ الري على المحاصيل خلال فترات الجفاف.
كانت مساحة الأراضي المروية في العالم في منتصف ثمانينيات القرن العشرين نحو 220 مليون هكتار، منها 17,700,000هكتار تقع في أستراليا التي تُعد أكثر قارات العالم جفافًا.
تتفاوت كمية المياه اللازمة للزراعة وذلك حسب نوع المحصول والمناخ. فمثلاً يحتاج محصول الأرز كميات من المياه أكبر مما يحتاجه محصول القطن. ويحتاج محصول القمح الذي يُزرع في المناطق الدافئة كميات مياه أكبر من محصول القمح الذي يزرع في المناطق الباردة؛ وعليه يجب أن تُسقى الأراضي الزراعية بكميات مياه تكفي لنمو المحصول والتبخر من سطح الأرض.
يُستخدم الماء في بعض الأقطار لأغراض الري أكثر من أي استخدامات أخرى. وعليه قد يكون لترشيد استهلاك الماء وتوفير مشروعات الري الأهمية الحيوية في تأمين الغذاء والإنتاج الزراعي في أي دولة. وتزداد الحاجة للمياه باستمرار مع زيادة النمو السكاني حيث مازال هناك الكثير من الناس بحاجة لتوفير المياه في منازلهم، بالإضافة إلى توفير المزيد من المياه للمصانع بسبب زيادة الإنتاج. ففي المناطق التي تزيد احتياجاتها المائية على كمية الإمداد المائي المتوافر فيها، تم اتخاذ بعض التدابير لتوزيع المياه على شكل حصص. فمثلاً تقوم السلطات في غربي الولايات المتحدة الأمريكية بتوزيع الحصص المائية من نهر كولورادو على عدة ولايات مختلفة.
مصادر مياه الري
يِستلزم الري توافر مصادر كبيرة للمياه العذبة. وتعتبر المياه السطحية والمياه الجوفية المصدرين الرئيسيين للمياه العذبة.
المياه السطحية. تُوجد فوق سطح الأرض في الجداول والأنهار والبحيرات، وهي المصدر الرئيسي للمياه المستخدمة لأغراض الري. وتتكون المياه السطحية في الغالب من الأمطار والثلوج حيث تنساب مياه الأمطار فوق سطح الأرض وتتجه نحو الجداول والأنهار. وتتراكم الثلوج في فصل الشتاء بكميات هائلة فوق المرتفعات والجبال، وتذوب في فصل الربيع ثم تنساب نحو المياه السطحية.
يُشيّد المهندسون في مناطق عديدة من العالم السدود على الأنهار لتخزين المياه في بحيرات اصطناعية خلفها. وتُشكِّل هذه البحيرات خزانات مائية تحجز المياه السطحية للاستفادة منها عند الحاجة لأغراض الري أو لبعض الأغراض الأخرى. فالخزانات الحديثة، بشكل عام، باستطاعتها أن تحجز كميات مائية هائلة. فمثلاً يختزن سد نهر أورد الضخم، في غربي أستراليا الذي يكون بحيرة أرجيل، حوالي 5,723,000 ميجالتر. ويمد هذا السد المزارع الخاصة بتجارب زراعة الذرة الرفيعة والقطن والأرز القرطم والفول السوداني بما تحتاجه من مياه للري.
المياه الجوفية. هي المياه المختزنة تحت سطح الأرض في الفراغات بين الصخور والفراغات البينية لحبيبات الرمل والمكونات الأخرى للتربة. تملأ المياه الفراغات كلما تحركت المياه نحو الأسفل داخل التربة وتصل في النهاية إلى طبقة صخرية أو ترابية غير منفذة. وتصبح الأرض الموجودة فوق هذه الطبقة منطقة مشبعة بالماء وتدعى الطبقة الصخرية المائية، وقد تستغرق عملية تجميع المياه في الطبقات الصخرية المائية آلاف السنين. وتعتبر الأراضي المجاورة للأنهار من أفضل المناطق المغذية للمياه الجوفية، حيث يتسرب إليها الماء من الأنهار إلى داخل الأرض، ثم ينتقل إلى الطبقة الحاملة.
المصادر المائية الأخرى. تسهم بقدر ضئيل مقارنة بالكميات المائية الأخرى المستخدمة لأغراض الري. فمثلاً يقوم المزارعون في صحراء النقب بجمع المياه من الندى واستخدامها في ري حقولهم. كما يستخدم المزارعون في بعض المناطق الأخرى مياه الصرف الصحي المعالَجة في ري بعض المحاصيل. ويمكن أيضًا استخدام مياه البحر لأغراض الري، إذا ما أُزيلت الأملاح منها، ولكن تحلية هذه المياه وضخها عبر الأراضي عملية مكلفة للغاية.
توصيل مياه الري
الري بالرش ينثر الماء فوق الحقل على هيئة رذاذ. و نظام الرش المبين مجهز بمحرك و عجلات، و يتحرك عبر الحقل معتمدا على قدرتة الذاتية
يتطلب الري وسيلة لنقل المياه من مصدر الإمداد إلى المزرعة. وتحصل غالبية المزارع على المياه السطحية بوساطة شبكة من القنوات. وتنقل قناة الري الكبرى المياه من المصدر الرئيسي إلى قنوات أصغر حجمًا تدعى القنوات الفرعية. وتتصل القنوات الفرعية بالمساقي التي تنقل المياه بدورها إلى المحاصيل. فإذا كان مستوى المزرعة أقل من منسوب مصدر الإمداد فإن الماء في هذه الحالة يتدفق في القنوات نتيجة للجاذبية الأرضية. أما إذا كان مستوى المزرعة أعلى من مصدر الإمداد، فإن عملية ضخَّ الماء إلى أعلى في هذه الحالة من الأمور التي تحتاج جهدًا كبيرًا.
توجد وسائل ومعدات رفع المياه في معظم الدول النامية وتكون بسيطةً جدًا. وتتكون وسيلة الرفع من عارضة أفقية مثبتة على ركيزة، ومثبّت في أحد طرفيها وعاء لحمل الماء، والطرف الثاني مجهز بثقل موازنة. وقد تكون وسيلة الرفع دولابًا مائيًا يشتمل على عدة أوان فخارية مثبتة بسلسلة حول الدولاب، ويدار بوساطة حيوانات جر الأثقال، أما في الدول التي تتوافر فيها تقنية حديثة فيُضخ الماء من الآبار العميقة المحفورة تحت مستوى الماء الأرضي الذي يمثل قمة الطبقة الصخرية المائية. ويفضّل أن تحفر آبار الري في المزارع التي تمدها بالماء أو بالقرب منها. ترفع المضخة الموجودة في البئر الماء إما إلى القناة أو إلى الأنبوب لنقله إلى المحاصيل. فإذا كانت البئر بعيدة عن المزرعة، فيجب في مثل هذه الحالة توفير شبكة قنوات أو أنابيب لتوصيل المياه إلى المحاصيل في المزرعة.
ومن المحتمل أن تُفقد مياه الري قبل وصولها إلى المحاصيل. فمثلاً تفقد المياه من الخزانات، نتيجة للتبخر، ويزداد مقدار الفقد المائي من الخزانات كلما زادت مساحة المسطح المائي فيها ويمكن تقليل هذه الفواقد بإنشاء خزانات عميقة ذات مسطحات مائية صغيرة.
وقد تُفقد المياه بالتسرب في المناطق التي تتَّسع مسام تربتها، ويحدث التسرب عادة عندما ترشح المياه من أرضية الخزانات أو القنوات وجوانبها. ويمكن السيطرة على التسرب بتبطين هذه الخزانات والقنوات بطبقة ترابية ناعمة لا تسمح بنفاذ الماء منها بسهولة. ويحاول المهندسون أن يشيدوا الخزانات في المواقع المناسبة التي لا تسمح التربة فيها بتسرب الماء بكميات كبيرة. ويمكن أيضا منع التسرب من القنوات والجداول بتبطينها بمادة مانعة للتسرب مثل الأسفلت أو الخرسانة.
تُسمى عملية التبخر من أوراق النباتات النتح. فالنباتات عادة تمتص الماء من خلال جذورها. وتفقده بعملية النتح. فمثلاً قد يُؤدي النتح من الحشائش النامية في قنوات الري أو بالقرب منها إلى فقدان كميات كثيرة من المياه. وعمومًا يمكن تقليل بعض هذه الفواقد بتبطين القنوات بمادة مانعة للتسرب، تحد من نمو الحشائش فيها.
طرق ريّ المحاصيل
تتطلب عملية ري المحاصيل مهارة معينة، فمثلاً ينبغي على المزارع أن يعرف متى يجب أن يروي كل نوع من أنواع المحاصيل المختلفة، وما كمية المياه اللازمة لكل محصول. وبشكل عام تحتاج النباتات الري فقط بعد أن تستنفد معظم مياه التربة. كما يجب على المزارع أن يأخذ بعين الاعتبار بعض العوامل قبل الشروع في الري. ومن هذه العوامل معرفة كمية المياه المتاحة للري ونوع المحصول، ومستوى الماء الأرضي ومقدرة التربة على الاحتفاظ بالماء.
توجد أربع طرائق رئيسية للري وهي: 1- الري السطحي 2- الري بالرش 3- الري بالتنقيط 4- الري تحت السطحي.
الري بالغمر يغطي كل سطح الحقل باماء تماما، و تعمل الحواجز الترابية المساماة الحواجز أو الأكتاف على حجز المياة عن الحقل . تبين الصورة بعض المزارعين و هم يقومون بغرس بعض شتلات الأرز في حقل مغمور بالماء في الهند
الري السطحي. يعتبر هذا النوع من الري أكثر الطرق شيوعًا، يُجْري المزارع بهذه الطريقة المياه فوق سطح الحقل، ويوجد أسلوبان رئيسيان للري السطحي هما الري بالغمر و الري بالخطوط.
الري بالغمر. يغطى سطح الحقل بالماء تمامًا، ثم يأخذ الماء في التسرب داخل مسام التربة. وتحافظ الحواجز الترابية الموجودة في الحقل والتي تدعى أكتافًا أو حواجز على حجز المياه فوق سطح الحقل. ففي الكثير من المزارع تُقسم الحقول إلى أجزاء بوساطة حواجز، ويغمر المزارع كل جزء منها على حدة.
تناسب هذه الطريقة الأراضي المستوية والمنحدرة باعتدال مع توفّر كميات كبيرة من الماء. كما تناسب التربة العميقة التي لها القدرة الكافية على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الماء. وبشكل عام تستخدم هذه الطريقة في ري محاصيل البرسيم والأرز والقمح وبعض الحبوب الأخرى. فالأزر المغمور يزرع في أحواض محاطة بحواجز ويبقى مغمورًا طيلة الموسم، بينما تُغمر المحاصيل الأخرى لعدة ساعات فقط في كل رية.
الري بالخطوط. تُستخدم مساق ضيقة تدعى الخطوط لنقل الماء بين صفوف المحاصيل، يتدفق الماء في أنبوب ويصب في الخطوط من خلال فتحاته.
الري المحوري في المملكة العربية السعودية.
الري بالخطوط. معظم المحاصيل التي تزرع علي هيئة صفوف، تُروى بوساطة مساقٍ ضيقة تدعى الخطوط وفي هذه الطريقة تشق الخطوط على امتداد الحقل. ويضع المزارع البذور في قمة الحافة المائلة ما بين الخطوط. وعند الري يرتفع الماء في الخطوط إلى حافاتها العلوية ليمد البذور بالرطوبة اللازمة للنمو. وتستخدم هذه الطريقة في ري أنواع كثيرة من الأراضي المختلفة.
الري بالرش. يتم بوساطة أنابيب ممتدة على سطح الأرض أو مثبتة فوق النبات. وهذه الطريقة أصبحت شائعة الاستعمال منذ عام 1940م نتيجة لتطور صناعة أنابيب البلاستيك والألومنيوم وتوفّرها بأسعار مناسبة.
تقوم المضخة بدفع المياه من خلال أنبوب مجهز بفوهات تدعى رشاشات. وتعمل هذه الرشاشات على توزيع المياه على المحاصيل على هيئة قطرات أو رذاذ. ويستطيع المزارع في معظم الحالات نقل الأنبوب من مكان إلى آخر لري الحقل بأكمله. وتكون نظم الرش ذاتية الحركة مجهزة بمحرك وعجلات، وجميعها مثبَّت في وحدة الرش. وتنتقل هذه الأنظمة عبر المزرعة بالاعتماد على قدرتها الذاتية.
يمكن استخدام طريقة الري بالرش لمعظم أنواع المحاصيل والترب، ويمكن استخدام هذه الطريقة أيضا لري الأراضي المنبسطة أو المنحدرة. وتعتبر هذه الطريقة ذات كفاية عالية خصوصًا لري المزارع التي تكون مصادرها المائية محدودة. ونظم الرش قد يلزمها مقدار كبير من الطاقة مما يجعل استخدامها محصورًا في المناطق التي تتوفّر فيها الطاقة. ولكن بعض النظم تستخدم رشاشات ذات ضغط منخفض وتحتاج طاقة أقل.
الري بالتنقيط. يُوزّع الماء من خلال أنابيب بلاستيكية، وينقط الماء فوق التربة من خلال فتحات صغيرة مثبتة في الأنابيب. والصورة توضح طريقة الري بالتنقيط لمحصول القطن.
الري بالتنقيط. يتم من خلال فتحات صغيرة تدعى منقطات مثبتة على أنابيب بلاستيكية ممدودة فوق، أو تحت سطح الأرض. فعندما يتدفق الماء في الأنبوب تزود هذه الفتحات التربة بالماء على هيئة قطرات. وتحصل التربة المجاورة للنباتات مباشرة على المياه، وبذلك يكون مقدار الفاقد من الماء قليلاً.
يُستخدم نظام الري بالتنقيط في جميع أنواع المحاصيل والأراضي. وتُعد طريقة الري بالتنقيط طريقة مثالية للري في المناطق التي تعاني من ندرة في المياه. ولكن تكلفة تركيب الأجهزة وصيانتها تجعلانها غير مناسبة لكثير من المزارع. وعموما تُستخدم هذه الطريقة لري المحاصيل ذات القيمة العالية فقط مثل الفواكه والخضراوات.
الري تحت السطحي. يتم سقي التربة بالمياه من تحت الجذور بوساطة قنوات أو أنابيب مدفونة تحت سطح الأرض ويبقى سطح التربة جافًا. ويتطلب الري تحت السطحي وجود طبقة ترابية عديمة النفاذ، أو صخرية تحت منطقة الجذور لكي يتراكم الماء فوق هذه الطبقة ويرطب الجذور.
توفير الصرف الاصطناعي
مشروع الري والصرف في الأحساء بالمملكة العربية السعودية.
تحت ظروف عديدة يُصرف الماء من التربة بشكل طبيعي. ولكن قد تتسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة في زيادة كمية المياه وتراكمها في التربة، ويأخذ نظام إدارة المياه الكفء بعين الاعتبار توفير نظام صرف اصطناعي للتخلص من المياه الفائضة.
فعندما تُمد الأرض بكميات مائية كبيرة، يرتفع الماء الأرضي إلى مستوى سطح الأرض تقريبًا، وتصبح التربة مشبعة. ويؤدي الماء الأرضي إلى هذا المستوى إلى القضاء على جميع النباتات خصوصًا النباتات ذات الجذور الضحلة جدًا. وتتأثر جميع أشجار الفاكهة والكروم والبرسيم وقصب السكر والقطن والحبوب بارتفاع الماء الأرضي. وتحتاج معظم النباتات توفّر الهواء في التربة حاجتها للماء. فمسامات التربة توفر الهواء اللازم للنباتات ولكن مسامات التربة المشبعة تكون مملوءة بالماء.
يتخلص المزارعون من المياه الفائضة الموجودة في التربة بوساطة مصارف مغطاة أو مكشوفة. وتكون المصارف المغطاة إما من أنابيب أو فخار مجوف. وهذه الأنابيب مجهزة بأعداد كبيرة من الفتحات تسمح بدخول الماء فيها وتمنع دخول التراب. وتُعدُّ تكلفة إنشاء المصارف المكشوفة قليلة مقارنة بنظام الصرف المغطى، ولكن صيانتها مكلفة جدًا، كما أنها تُعيق حركة العمال والمعدات الزراعية. وبعض نظم الصرف تعيد المياه إلى قنوات الري لإعادة استخدامها.
تحتوي معظم مياه الري على نسبة ضئيلة من الأملاح المذابة. وتبقى هذه الأملاح في التربة سواء امتصّ المحصول الماء أو تبخر من سطح الأرض. وقد تقلل زيادة الأملاح نمو النباتات أو تمنعه. فمثلاً تتفاعل بعض الأملاح كيميائيًا مع جزيئات التربة لتُغير تركيب التربة. ويمكن لمثل هذا التغير أن يعيق حركة الهواء أو الماء في التربة. وكذلك فإن الأملاح تضر ببعض النباتات، وتتنافس مع الجذور على المياه المتوفرة في التربة.
يتخلص المزارعون من أملاح التربة الزائدة بغسل التربة بالماء والتي تعرف بالتصفية أو الترشيح. وتضاف إلى التربة في عملية الغسيل هذه كميات ماء كافية لإزالة الأملاح من منطقة الجذور. ولكن إذا لم يتوفّر في الأرض أي نظام جيد للصرف، فإن عملية الغسيل قد تؤدي إلى تشبع التربة. والغسيل غير الملائم قد لا يزيل الأملاح من التربة إلى الحد الكافي. وأحد مضار الغسيل الأخرى هو احتمال تأثيره السلبي على نمو النباتات في المناطق المنخفضة والمحاذية للجداول حيث تُصرَّف المياه المالحة إليها ببطء. وهذا ما حدث في بعض الأراضي الأسترالية، مثل تلك الأراضي الواقعة على جانبي نهر موري في جنوبي أستراليا. فهذه الأراضي تأثرت إلى حد كبير بالملوحة نتيجة لري الأراضي بالغمر والخطوط في ريفيرينا ونيو ساوث ويلز وشمالي فكتوريا. وقد تصبح هذه الأراضي وماشابهها في نهاية الأمر أراضي رديئة وغير صالحة للزراعة.
... يتبع ...الحلقة ٣