أخبار الإنترنت
recent

صيانة المياه ٦

صيانة الموارد الطبيعية Conservation
=====
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
Behold! in the creation of the heavens and the earth; in the alternation of the night and the day; in the sailing of the ships through the ocean for the profit of mankind; in the rain which God sends down from the skies, and the life which he gives therewith to an earth that is dead; in the beasts of all kinds that he scatters through the earth; in the change of the winds, and the clouds which they trail like their slaves between the sky and the earth; (here) indeed are signs for a people that are wise.
=====
صيانة المياه ٦
====
التَّحليل الكهربائي Electrolysis عملية يمر فيها تيار كهربائي خلال سائل، فيُحْدِث تفاعلاً كيميائيًا. فإذا كان السائل هو الماء فإنه يتحلل إلى عنصريه ـ الهيدروجين والأكسجين. أما إذا كان السائل محلولاً يحتوي على فلز ما، فإن التحليل الكهربائي يؤدي إلى تفكك المحلول بحيث يترسب الفلز.
والتحليل الكهربائي للمحاليل الفلزية وسيلة مفيدة في تغليف بعض المواد بأغلفة فلزية وفي تكرير وتنقية الفلزات.
كيف يعمل التحليل الكهربائي؟ يتجمع غاز الهيدروجين أثناء عملية التحليل الكهربائي للماء بالكاثود، بينما يتجمع غاز الأكسجين عند الأنود. تبين الأسهم اتجاه سريان الإلكترونات.  
كيف يعمل التحليل الكهربائي. للقيام بالتحليل الكهربائي يُوضع موصلان كهربائيان، كقضيبين من الجرافيت أو فلز مثلاً، في سائل. يسمى هذان القضيبان قطبين كهربائيين. يُوصل القطبان إلى أطراف بطارية أو مولد تيار مستمر بأسلاك ولابد أن يحتوي السائل على إلكتروليت يمكنه من حمل التيار وإكمال الدائرة الكهربائية. فعلى سبيل المثال، لايمكن تحليل الماء المقطر كهربائيًا إلا إذا أُضيف إليه قليل من ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) وهو إلكتروليت معروف. يُكوّن القطبان الكهربائيان والسائل والوعاء الذي يجمعها ما يسمى بخلية التحليل الكهربائي. ويُسمى القطب الكهربائي الموصل إلى قطب البطارية السالب بالكاثود، وهو يحمل الإلكترونات من البطارية إلى خلية التحليل الكهربائي، بينما يُسمى القطب الموصل إلى قطب البطارية الموجب بالأنود، وهو يحمل الإلكترونات من خلية التحليل الكهربائي إلى البطارية.
عندما يسري التيار الكهربائي خلال خلية التحليل الكهربائي، تحدث تغيرات كيميائية عند سطح كل من القطبين الكهربائيين. فعند الكاثود يتحد السائل المتحلل مع الإلكترونات القادمة من البطارية، وتُسمى هذه العملية بالاختزال. أما عند الأنود فإن السائل يفقد إلكترونات يعطيها للمصعد، وتسمى هذه العملية بالأكسدة.
وفي عملية التحليل الكهربائي للماء، يُختزل الماء عند الكاثود إلى هيدروجين باتحاده مع الإلكترونات، بينما يفقد الماء عند الأنود إلكترونات. وبذلك يتأكسد، متحولاً إلى غاز الأكسجين. وغالبًا ما يبلغ حجم الهيدروجين الناتج ضعف حجم الأكسجين، نظرًا لأن الماء يحتوي على ذرّتَي هيدروجين لكل ذرة أكسجين. المعادلة الكيميائية الدالة على العمليات التي تحدث عند التحليل الكهربائي للماء هي:
2H2O¶2H2 + O2 
في التحليل الكهربائي للمحاليل المحتوية على أيونات (ذرات مشحونة) يؤدي اختزال الفلز عند الكاثود إلى ترسيب بعض الفلزات مثل النحاس والفضة مما يسبب طلاء الكاثود به.
استخدامات التحليل الكهربائي. يؤدي التحليل الكهربائي دورًا هامًا في الصناعة. فينتج فلز الصوديوم مثلاً بتحليل كلوريد الصوديوم المنصهر، وينتج أيضًا في هذه العملية غاز الكلور عند الأنود. ولكل من فلز الصوديوم وغاز الكلور استخدامات صناعية وكيميائية مهمة. وينتج التحليل الكهربائي لكلوريد الصوديوم الذائب في الماء مادة كيميائية هامة أخرى هي هيدروكسيد الصوديوم (الصودا الكاوية).
ينتج المغنسيوم والألومنيوم وبعض الفلزات الأخرى تجاريًا بالتحليل الكهربائي، فيتم الحصول على فلز الألومنيوم بوساطة التحليل الكهربائي للألومينا الذائبة في معدن الكريوليت المنصهر. وينقى النحاس وغيره من الفلزات بالتحليل الكهربائي. فإذا كان الأنود قضيبًا من نحاس غير نقي، وكان الكاثود قضيبًا من نحاس نقي، فإن القضيب غير النقي يذوب أثناء التحليل الكهربائي في أيونات النحاس Cu+2 ويترسب النحاس النقي من هذا القضيب على سطح الكاثود، بينما تترسب كل الشوائب الموجودة في المصعد إلى قاع خلية التحليل الكهربائي ويمكن إزالتها بعد ذلك.
تشمل المواد الكيميائية المنتجة تجاريًا باستخدام التحليل الكهربائي: ثاني أكسيد المنجنيز، وبيروكسيد الهيدروجين، والكلورات، والبيركلورات. ويستخدم كل من بيروكسيد الهيدروجين والبيركلورات في وقود الصواريخ. كما يُستخدم التحليل الكهربائي أيضًا في أنودة سطوح الفلزات لزخرفتها أو لجعلها أكثر مقاومة للتآكل.
قوانين التحليل الكهربائي. كان الكيميائي الإنجليزي مايكل فارادي واحدًا من أوائل العلماء الذين بحثوا في التحليل الكهربائي، وقد استطاع بعد كثير من التجارب والحسابات الدقيقة أن يحدد القوانين الثلاثة الآتية التي تحكم عملية التحليل الكهربائي: 
1- لا تعتمد قدرة تيار كهربائي على إحداث تحليل كهربائي على المسافة بين القطبين الكهربائيين. 2- تتناسب كمية المادة المتحللة كهربائيًا مع كمية الكهرباء المستخدمة. 3- تتناسب كمية المادة المتحللة كهربائيًا أيضًا مع المكافئ الكيميائي للمادة. المكافئ الكيميائي لفلز يساوي الوزن الذري (بالجرامات) مقسومًا على التكافؤ.
وجد فارادي أن تحليل المكافئ الواحد لأي فلز يتطلب 96,500 كولوم من الكهرباء. وعلى سبيل المثال فإن الوزن الذري للنحاس هو 63,54 وتكافؤ النحاس2، وعلى هذا يصبح المكافئ الكيميائي للنحاس هو 31,77جم. هذه الكمية من النحاس سوف تترسب على الأنود عندما تمر كمية من الكهرباء مقدارها 96,500 كولوم في المحلول. ويقاس عدد الكولومات الذي ينساب في كل ثانية بوحدات تُسمى الأمبير.
ويمكن اعتبار الفولطية (فرق الجهد) مشابهًا للضغط الكهربائي الذي يدفع كمية الكهرباء خلال الدائرة. وللفولطية في عملية التحليل الكهربائي نفس أهمية التيار. ولابد من وجود حد أدنى من الفولطية لإجراء عملية التحليل الكهربائي لمادة معينة. فتحليل الماء إلى هيدروجين وأكسجين عند درجة حرارة 25°م مثلاً يتطلب 1,23 فولط.
*****
هناك عمليات أخرى تستعمل للتخلص من طعم الماء ورائحته غير المرغوبة أو لإعطائه صفات خاصة تحسن طعمه ورائحته. في هذه العملية يرش الماء أو يقطر خلال الهواء حيث يقوم أكسجين الهواء بتخليص الماء من رائحته وطعمه.
ويحتوي الماء عند كثير من المجتمعات البشرية على بعض المعادن التي تجعله عَسرًا. والماء العَسر يتطلب كميات كبيرة من الصابون لتكوين رغوة. كما أنه يشكل رواسب على جدران الأنابيب والمعدات الأخرى. وهناك عمليات عديدة لجعله ماء يسرًا. 
****
إزَالَةُ عُسْرِ المَاء Water softening طريقةٌ لإزالة المعادن من الماء، حيث إن هذه المعادن تتسبب في جعل الماء عَسِرًا، أي لا يذيب الصابون بسهولة، كما أنه يعمل على تكوين ترسبات في المواسير والغلايات وغير ذلك من الأجهزة. والطرق الرئيسية لإزالة عسر الماء، استخدام الصودا الجيرية وعمليات التبادل الأيوني. وفي عملية الصودا الجيرية يضاف رماد الصودا وأكسيد الكالسيوم للماء بكميات تتحدد عن طريق اختبارات كيميائية. وتختلط هذه المواد الكيميائية مع الكالسيوم والمغنسيوم في الماء وتُكوِّن مركبات غير قابلة للذوبان تستقر في قاع صهريج الماء.
وفي عملية التبادل الأيوني يترشّح الماء خلال مواد غير عضوية تُسمى الزيوليت . وعندما يمر الماء خلال المُرَشِّح، فإن أيونات الصوديوم في الزيوليت تتبادل مع أيونات الكالسيوم والمغنسيوم في الماء وبذلك يتم إزالة العسر. وبعد استنفاد مزيلات عسر المياه المنزلية، يُمرر محلول مركز من كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) خلال المرشِّح ليحل محل الصوديوم الذي فقد. واستخدام اثنين من المواد التبادلية، يجعل من الممكن إزالة كل من الفلزات والأيونات الحمضية من الماء. وبعض المدن تمنع أو تقيد استخدام أجهزة التبادل الأيوني في مياه الشرب انتظارا للنتائج الخاصة بمدى تأثر الناس بالصوديوم المضاف إلى الماء الذي تمت إزالة عُسْرِه.
****
وتضيف بعض المدن الجير أو رماد الصودا إلى الماء لمنع صدأ الأنابيب. كما تساعد مادة الكربون المنشط على تحسين طعم ورائحة الماء وإزالة الكيميائيات السامة منه.
وتضيف كثير من التجمعات البشرية مادة الفلوريد لمياهها لمكافحة تسوس الأسنان.
***
معالجة مياه الشُّرْب بالفلوريدات Fluoridation  تكون بإضافة مواد كيميائية تسمى الفلوريدات إلى إمدادات المياه، لجعل الأسنان تقاوم التآكل. فقد كشف الباحثون في ثلاثينيات القرن العشرين أن الناس الذين عاشوا في أماكن يحتوي ماؤها على فلوريدات طبيعية، يقِلُّ حدوث التآكل في أسنانهم بنسبة الثلثين عن أولئك االذين يعيشون في مناطق ماؤها خالٍ من الفلوريد. وفي الولايات المتحدة، أخذت بعض المدن تضيف الفلوريد إلى الماء عام 1945م كتجربة. وبحلول الخمسينيات من القرن العشرين، أوضحت التجارب أن تآكل الأسنان قد قل في هذه المدن، فأوصى مسؤولو الصحة العامة في الولايات المتحدة بمعالجة مياه الشرب بالفلوريدات في كل المناطق السكنية.
وفي الوقت الحاضر، يشرب كثير من الناس في شتى أنحاء العالم ماءً معالجًا بالفلوريدات. ومن المفيد أيضًا ـ لمنع تآكل الأسنان ـ استعمال حبوب فلوريد ومعاجين الأسنان، وأن يستعمل أطباء الأسنان محاليل فلوريد قوية في علاجهم للأسنان.
الفوائد والمخاطر والتكاليف. أوضحت عدة دراسات أن المعالجة بالفلوريدات تقلل كثيرًا من تآكل الأسنان. غير أن جرعات كبيرة من الفلوريدات قد تكون ضارة خاصة بالعظام والأسنان. ففي الهند وبلاد أخرى مثلاً، حدث ضرر بالعظام لأناس احتوت مياه شربهم على مستوى من الفلوريد تراوح بين 2 و3 أجزاء في المليون أو أكثر. والمعدل المستخدم عمومًا في معالجة الماء بالفلوريدات هو جزء واحد في المليون. ويزداد تبقُّع (تغير لون) الأسنان كلما ازداد معدل الفلوريدات في ماء الشرب. وحتى مع معدلات الفلوريدات التي يوصى بها لمعالجة الماء؛ تظهر بقع أو رقع بيضاء في الأسنان عند بعض الناس.
ويعتقد بعض العلماء أن معالجة الماء تنطوي على بعض المخاطر الخاصة لدى مرضى الكلى، ولدى ذوي الحساسية خاصة من المواد السامة. غير أنه لم يثبت انتشار آثار ضارة عن معالجة الماء. ويعتقد معظم الخبراء أن مخاطر الأضرار من المعالجة قليلة جدًا.
ويحبذ المسؤولون عن الصحة العامة وأطباء الأسنان في كثير من البلاد معالجة المياه. فهم يرون أنها تحقق كثيرًا من الفوائد وتنطوي على قليل أو لا تنطوي على مخاطر صحية. ويقول المؤيدون أيضًا: إن المعالجة توفر للمجتمع كله وقاية بالفلوريد ببساطة وفعالية وتكلفة قليلة مقارنة بتكاليف علاج تسوس الأسنان.
مسائل أخلاقية. يعارض كثير من الناس معالجة مياه الشرب لأنهم يفضلون تجنب المخاطر المتعلقة بها، حتى لو كانت قليلة جدًا. ويشعر بعض الناس بأن لهم الحق لأن يقرروا بأنفسهم شؤونهم الصحية، وأن المجتمع يخرق هذا الحق بإضافة الفلوريد إلى الماء الذي يمدهم به. ومن ناحية أخرى، فإنه إذا لم تعالج مياه الشرب فسيصاب الناس بتآكل الأسنان، مما كان بالإمكان الوقاية منه. ويرى كثير من الناس أن هذه النتيجة غير مقبولة أيضًا وهكذا تؤدي معالجة المياه بالفلوريد إلى نزاع أخلاقي لم يصل إلى حل. 
***
معمل تنقية المياه الرئيسي في شيكاغو يعتبر أكبر معمل لمعالجة المياه في العالم. وهو يخدم حوالي 2,8 مليون نسمة في شيكاغو والضواحي القريبة منها. وتبلغ طاقته الإنتاجية حوالي 5,7 بلايين لتر من الماء يوميًا. وقد أقيم على شبه جزيرة صناعية تمتد إلى داخل بحيرة ميتشيجان تبلغ مساحتها 25 هكتارًا.  
توزيع الماء. ُيسحب الماء المعالج إلى محطة ضخ حيث يضخ في أنابيب ضخمة من الحديد المجَلْفن تسمى أنابيب المياه الرئيسية. تمدد هذه الأنابيب الرئيسية تحت الشوارع وتنقل الماء إلى كل صنابير إطفاء الحرائق. وتتصل بأنابيب أصغر توصل بدورها الماء إلى كل بيت ومكتب ومطعم. وتدفع محطة الضخ الماء في الأنابيب الرئيسية تحت ضغط يكفي لإيصاله لكل صنبور، ويكون هذا الضغط عادة عاليًا إلى درجة لا تستطيع عندها أن تحبس ماء صنبور مفتوح بإصبعك.
وأحيانًا، يكون الاحتياج إلى الماء بدرجة لا تستطيع محطة الضخ أن تؤمنه، وفي هذه الحالة ينساب الماء ببطء من الصنابير وخاصة في أيام الصيف الحارة حينما يقوم الناس بري المسطحات الخضراء وملء برك الحدائق أو كثرة الاستحمام. كما يمكن أن ينخفض ضغط الماء عندما تستعمل المطافئ كميات كبيرة من الماء لإطفاء حريق كبير.
تضخ العديد من المدن الماء إلى خزانات تخزين من أجل الإبقاء على ضغطه عاليًا طيلة الوقت، وتُبنى هذه الخزانات عادة فوق قمم التلال أو على هيئة أبراج عالية. ولدى فتح هذه الخزانات يجري الماء بفعل الجاذبية إلى أسفل ويكتسب قوة للاندفاع داخل الأنابيب الرئيسية.
التخلص من الماء المستعمل. يُستعمل معظم الماء في منازلنا للتخلص من الفضلات وحملها بعيدًا. ويُسمى هذا الماء مع ما يحمله من فضلات ماء الصرف الصحي. وتستعمل المصانع الماء لشطف فضلات الصناعة كالأحماض وزيوت التشحيم. ويصرف ماء الصرف الصحي في معظم المدن في نظام أنابيب تمتد تحت الشوارع، وتنقل ماء المجاري بعيدًا عن المنازل والمصانع والفنادق والمباني الأخرى.
لمياه الصرف الصحي رائحة كريهة، وأهم من هذا احتواؤها على البكتيريا المسببة للأمراض. وتوجد في معظم المدن معامل لتنظيف مياه الصرف الصحي وقتل البكتيريا فيها قبل أن تُصرَّف إلى نهر أو جدول أو بحيرة. ولمعرفة كيفية معالجة مياه الصرف الصحي.
*****
المجاري Sewage  المياه التي تحوي فضلات الإنسان. ويطلق عليها أيضًا مياه الصرف الصحي. تحوي المجاري مايقرب من 10% مواد صلبة وتأتي من بالوعات ومراحيض المنازل والمطاعم والمباني الحكومية والمصانع وغيرها. كما تحوي أيضاً مواد مذابة لا يمكن رؤيتها، إضافة إلى قطع صغيرة من تلك المواد الصلبة من فضلات الإنسان، والقاذورات المفتتة. ويمكن أن تحوي مياه الصرف الصحي أيضًا بعضا من مياه السيول أو الفيضانات. ومعظم مياه الصرف الصحي تحتوي على كيميائيات ضارة وبكتيريا مسببة للأمراض.
وتنساب مياه الصَّرف الصحي في البحيرات والمحيطات والأنهار أو الجداول. وتُعالج معظم مياه الصَّرف الصّحي في العديد من الدول الغربية بطريقة مّا، قبل أن تذهب إلى مجاري المياه كسائل شبه رائق يسمى الدفيق. ويكون مظهر مياه الصَّرف الصحي مُنفّرًا وكذلك رائحتها، كما أنها تقتل الأسماك والنباتات المائية.
ويمكن أن تُحدث مياه الصَّرف الصّحي التي تمت معالجتها ضررًا بالماء من بعض النواحي. فمثلاً تقوم غالبية الطرق المستخدمة في معالجة مياه الصرف الصحي بتحويل الفضلات العضوية إلى مركبات غير عضوية تسمى النترات، والفوسفات، والكبريتات. وتعد بعض هذه المركبات طعامًا للطحالب البحرية وتسبب نموّاً كبيرًا لهذه الأحياء المائية البسيطة. وبعدما تموت الطحالب فإنها تتعفن، وتستهلك عملية التعفن هذه الأكسجين. وإذا تم استهلاك قدر كبير من الأكسجين، تموت الأسماك والنباتات .
يسمى نظام الأنابيب التي تحمل مياه الصرف الصحي من المنازل والمباني الأخرى نظام الصرف الصحي. ويوجد نوعان رئيسيان من أنظمة الصرف الصحي هما: 1ـ أنظمة الصرف الحضرية، 2ـ أنظمة الصرف الريفية.
أنظمة الصرف الحضرية
في نظام الصرف العام تحمل أنفاق المجاري الكبرى والتي تسمى الملاقي مياه الصرف الصحي إلى محطة معالجة فضلات المياه. وتتألف معالجة هذه المياه في معظم المدن من خطوتين رئيسيتين: أولية وثانوية. وتتطلب بعض المدن خطوة أخرى تسمى المعالجة الثالثية.
المعالجة الأولية. تزيل أثقل المواد الصلبة من مياه الصَّرف الصّحي. وفي محطة المعالجة تمرر المياه أولاً خلال شبكة تحصر القطع الكبيرة من المواد. ثم تمرر من بعد ذلك خلال غرفة حصى حيث تهبط المادة الثقيلة غير العضوية كالرمل مثلاً إلى أسفل. وتمرر السوائل بعد ذلك إلى خزان الترسيب الأولى. ويهبط كثير من المواد الصلبة العالقة إلى قاع هذا الخزان، حيث تكون مادة طينية تسمى الوحل. وتطفو الشحومات على السطح، حيث يتم إزالتها بعملية تسمى القشط. وعندئذ يترك المحلول السائب لينساب خلال جداول المياه .
وتزيل المعالجة الأولية مايقرب من نصف المواد الصلبة العالقة والبكتيريا في مياه الصرف. وفي بعض الأوقات يضاف غاز يسمى الكلور بعد المعالجة الأولية أو الثانوية، لقتل أغلب البكتيريا المتبقية. وتزيل المعالجة الأولية مايقرب من 30% من الفضلات العضوية. وحينما تنطلق الفضلات العضوية المتبقية إلى جداول المياه فإن البكتيريا تقوم بتحليلها وبذلك تستمر عملية تنقية فضلات المياه. وتستهلك عملية التحلل هذه الأكسجين الموجود في الماء. 
المعالجة الثانوية. تزيل مايتراوح بين 85 و90% من المواد الصلبة، والفضلات المستهلكة للأكسجين، المتبقية في مياه الصرف بعد إتمام المعالجة الأولية لها. وأغلب طرق المعالجة الثانوية شيوعًا هي: 1- عملية الوحل المنشط، 2- عملية الترشيح بالتنقيط.
عملية الوحل المنشط. وفيها ينساب السائل السائب من خزان الترسيب الأولي إلى خزان ثان يسمى خزان التهوية. ويحقن الهواء في هذا الخزان على هيئة فقاعات. أما الوحل الذي يحتوي على البكتيريا المفيدة فإنه يظل موجودًا بالخزان. وتتحرك البكتيريا المفيدة خلال السائل، حيث تقوم بتحويل المادة العضوية إلى مواد أقل ضررًا. بعد ذلك ينساب السائل إلى داخل خزان الترسيب النهائي، حيث يستقر الوحل في القاع. وعندئذ يطرد السائل إلى مجاري المياه. ويؤخذ جزء من الوحل مرة أخرى إلى خزان التهوية.
عملية الترشيح بالتنقيط تتم عن طريق مرشحات التنقيط، وهي خزانات ملئت بالأحجار المسحونة. وحينما تسكب الفضلات على الأحجار فإنها تتفاعل مع الطينة اللزجة التي تتشكل على سطح الأحجار. وتحتوي هذه الطينة اللزجة على بكتيريا مفيدة تقوم بتحويل المادة العضوية إلى مواد أقل ضررًا. ويتم إزالة هذه المواد في خزان الترسيب النهائي، حيث تستقر في القاع على هيئة وحل.
يضخ الوحل المتبقي من المعالجات الأولية والثانوية إلى خزان هضم الوحل. وفي هذا الخزان تقوم البكتيريا بتكسير الوحل إلى مواد أقل ضررًا مخرجة غاز الميثان، وهو وقود مفيد. أما الوحل المتبقي فيمكن تجفيفه، لكي يستخدم مخصبات للتربة أو يحرق فيما بعد.
المعالجة الثالثية. تستخدم بعد إتمام المعالجات الأولية والثانوية لإنتاج سائل أكثر نقاءً. هناك أساليب متنوعة للمعالجة الثالثية، والطريقة التي يختارها مجتمع ما تتوقف على: 1- المواد التي تحتويها مياه الصرف، 2- كيفية استخدام السائل بعد ذلك .
وتشتمل أساليب المعالجة الثالثية على معالجة كيمائية، وفرز مجهري، ومعالجة بالإشعاع، وطرد السائل إلى جداول المياه والبحيرات.
وتجعل المعالجة الثالثية سائل مياه الصرف أكثر أمنًا لإلقائه في مجاري المياه، وكذلك أكثر أمنًا لأن يستخدم في المصانع .
أنظمة الصرف الريفية
وهناك كثير من المناطق الريفية لا تخدمها شبكات الصرف الصّحي العامة. وفي هذه المناطق يستخدم أصحاب المنازل خزان النزح (حوض التطهير) لمعالجة فضلاتهم. وتصنع هذه الخزانات من الخرسانة أو الحديد الصلب وتدفن في أعماق الأرض بالقرب من المنازل أو المباني.
تمر مياه الصرف إلى خزانات النزح عبر أنبوب يصل الخزان بالبناية. وتغوص المواد الصلبة إلى قاع الخزان على هيئة وحل أو تطفو على السطح على هيئة رغوة. ويمر السائل الناتج بعد ذلك من الخزان إلى خطوط الترويق، وهي مجموعة من الأنابيب بها فتحات تسمح بمرور مياه الصَّرف إلى الخارج حيث يتم توزيعها بالتدريج خلال التربة الزراعية. وتقوم بكتيريا التربة بعد ذلك بتحليل ما تبقى من المواد العضوية في سائل المجاري .
وفي خزان النزح تقوم بكتيريا مياه الصرف بالهجوم على الوحل والرغوة وتحليلهما. وعملية التحليل هذه تقوم بتحويل معظم الفضلات إلى غازات ومواد غير ضارة تسمى الدبال. وينفذ الغاز إلى الهواء الجوي، أما الدبال فيجب ضخه على فترات إلى محطة معالجة مياه الصَّرف.
*****
تعالج مياه الصرف الصحي في الأقطار المتقدمة، والقليل فقط منها يتخلص منه بدون معالجة ويُصرَّف إلى الأنهار. ويسبب تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الأنهار مشاكل خطرة للمدن التي تأخذ مياهها من هذه الأنهار.
تحليـة مـاء البـحر
حوالي 97% من الماء الموجود على الأرض في المحيطات المالحة. وبسبب الحاجة إلى الماء تطلع الناس مليًا عبر التاريخ إلى هذا المعين الذي لاينضب. ويعتقد الناس حاليًا أكثر من أي وقت مضى أن تحلية ماء المحيط ستفي وتواجه الاحتياج المتزايد للماء العذب.
و الملح الموجود في ماء البحر هو ملح المائدة الشائع. ويستطيع الإنسان أن يشرب بأمان الماء الذي يحتوي على أقل من 0,5كجم من الملح في كل 100كجم من الماء. ويحتوي ماء البحر على سبعة أضعاف هذه الكمية من الملح. ولاشك أن الشخص الذي يشرب ماء البحر فقط سيموت؛ إذ إن الجفاف سيصيب خلايا جسمه أثناء محاولتها التخلص من كمية الملح الزائد. وكذلك فإن الناس لايمكنهم استعمال ماء البحر في الزراعة أو الصناعة، لأن هذا الماء يقتل معظم المحاصيل، ويسبب صدأ الآلات والمعدات سريعًا.
وعرف الناس طرقًا عديدة لتحلية ماء البحر. وتعطي عملية تحلية ماء البحر الأمل في حل مشكلات شُح الماء العذب في المناطق الساحلية القريبة من البحر. ولا تحل تحلية ماء البحر كل المشكلات المائية. وحتى لو احتوت المحيطات على ماء عذب فستظل هناك مشكلات أخرى مثل تلوث المياه والسيطرة على مياه الفيضانات وكذلك عمليات توزيع المياه.
تشمل عملية تحلية ماء البحر المعمول بها هذه الأيام التقطير والتناضُح (التنافذ) العكسي وتحليل الماء كهربائيًا. كما تُعد عملية تجميد الماء إحدى طرق تحلية الماء وذلك بفصل الماء عن الملح.
التقطير السريع متعدد الأطوار أكثر إنتاجًا للماء من بين كل طرق تحلية الماء. يجري تسخين ماء البحر ثم يمرر إلى حجرة ذات ضغط منخفض. وهذا يؤدي إلى تحول جزء من الماء إلى بخار بالرغم من أن درجة حرارة الماء دون الـ 100°م ويتكثف البخار إلى ماء عذب داخل ملف تكثيف يتم تبريده بماء البحر الداخل. ويمرر ما تبقى من ماء البحر المسخن في حجرة مماثلة للحجرة الأولى ويكون الضغط في كل حجرة أقل منه في سابقتها.  
التقطير. التقطير طريقة قديمة شائعة لتحويل الماء المالح إلى ماء عذب. وتستخدم معظم السفن التي تجوب المحيطات هذه الطريقة للحصول على ماء الشرب. ويمكن تقطير ماء البحر بسهولة وذلك بغليه في غلاية وسحب البخار في أنابيب إلى قوارير باردة. يصعد البخار تاركًا الملح وراءه، وحالما يبرد البخار في القوارير فإنه يتكثف إلى ماء عذب.
وتبخر حرارة الشمس ملايين الأطنان المترية من الماء من سطح المحيطات يوميًا.ويتبخر الماء ثم يتكثف، ثم يهطل عائداًِ إلى الأرض على هيئة ماء عذب.
قلد الناس الطبيعة منذ قرون عديدة واستخدموا حرارة الشمس في تقطير ماء البحر. واستعمل يوليوس قيصر قبل ألفي عام عملية التقطير بوساطة حرارة الشمس في مصر للحصول على ماء الشرب اللازم لجنوده. ولايزال سكان غوام وجزر جالاباجوس وأماكن أخرى يستخدمون حرارة الشمس في عملية تقطير ماء البحر.
ويمكن إجراء عملية تقطير ماء البحر بالاعتماد على أشعة الشمس بسهولة، وذلك بملء حوض ضحل بماء البحر وتغطية الحوض بقطعة بلاستيكية شفافة أو بلوح زجاجيّ يوضع بشكل مائل. يتحول الماء المالح إلى بخار بتأثير أشعة الشمس ويصعد البخار حتى يلامس السطح السفلي من القبة أو لوح الزجاج حيث يتكثف ويسيل ماءً عذبًا إلى أحواض تجميع. يعطي نمط التقطير هذا كميات قليلة من الماء العذب. ففي يوم واحد، وفي طقس مشمس يعطي مثل هذا الحوض خمسة لترات من الماء العذب من كل متر مربع من مساحة سطح الحوض. ولايعتبر التقطير باستخدام أشعة الشمس طريقة شائعة لأنه مكلف. وتنشأ التكلفة من كون هذه الطريقة تحتاج مساحات هائلة من الأرض لإنتاج كميات كافية من الماء العذب. والتقطير بالاعتماد على أشعة الشمس أقل كفاية من العمل بأساليب التقطير الأخرى.
تستعمل معظم معامل تحلية الماء الحديثة طريقة تسمَّى التقطير السريع متعدد الأطوار، وهذا أسلوب قديم يقوم على الغلي والتكثيف. وحسب طريقة التقطير السريع يُسحب ماء البحر المسخن إلى حجرة كبيرة ذات ضغط منخفض. ويؤدِّي الضغط المنخفض إلى تحول قسم من الماء إلى بخار بسرعة. ثم يتكثف البخار إلى ماء خالٍ من الملح. ويمرر ماء البحر خلال حجيرات تقطير متعددة كل منها ذات ضغط أقل من سابقتها. ويكون الماء في المراحل النهائية من هذه الطريقة نقيًا إلى درجة أنه يكون عديم المذاق، الأمر الذي يوجب إضافة قليل من الملح إليه لإعطائه المذاق الطبيعي.
التناضُح العكسي يستخدم أغشيـة يضـخ خلالهـا الماء المالـح المضغوط. ينفذ الماء العذب عبر الأغشية تاركًا الملح وراءه. وقد رفع قطاع من الغشاء كما يرى في المخطط السفلي من أجل رؤية الغشاء من الداخل.  
التناضُح العكسي. التناضح العكسي طريقة واسعة الاستعمال في تحلية ماء البحر. وفي التناضح الطبيعي ينفذ سائل قليل التركيز عبر غشاء إلى سائل آخر أكثر تركيزًا. وهكذا إذا جرى فصل الماء المالح، والماء العذب بعضهما عن بعض داخل حجرة باستخدام غشاء شبه نفاذ، فإن الماء العذب ينفذ منسابًا عبر الغشاء إلى الماء المالح. وإذا ماطُبق ضغط كاف على الماء المالح ينعكس هذا الانسياب الطبيعي للماء بحيث يعصر الماء العذب من الماء المالح نافذًا خلال الغشاء تاركًا الملح وراءه. وبهذا الأسلوب تجري طريقة التناضح العكسي لتحلية الماء المالح.
التحليل الكهربائي يرتكز على حقيقة أنه لدى ذوبان ملح في الماء، فإن الملح يتفكك إلى أيونات سالبة الشحنة وأيونات موجبة الشحنة. يوضح هذا المخطط وحدة تحليل كهربائي من ثلاث حجرات وكيفية سحب الأيونات من الحجرة الوسطى.  
التحليل الكهربائي. يستعمل التحليل الكهربائي بشكل رئيسي لتحلية الماء الجوفي نصف المالح. ويرتكز التحليل الكهربائي على حقيقة أنه إذا تم ذوبان الملح في الماء فإنه يتحلل إلى أيونات (جسيمات مشحونة كهربائيًا) من الصوديوم والكلوريد. تحمل أيونات الصوديوم شحنة كهربائية موجبة وتحمل أيونات الكلوريد شحنة كهربائية سالبة. ويستخدم في التحليل الكهربائي حجرة واسعة مقسمة إلى عدد من الحجيرات بوساطة حوائط من صفائح البلاستيك الرقيقة تسمى الأغشية. ويتم استخدام طرازين من الأغشية أحدهما يسمح بعبور الأيونات الموجبة خلاله فقط ويمرر الآخر الأيونات السالبة فقط. ويوجد قطب كهربائي موجب في إحدى الحجرات الطرفية، وفي الطرف الآخر قطب كهربائي سالب.
ولدى تمرير تيار كهربائي خلال الماء المالح تنسحب الأيونات السالبة عبر الأغشية المنفذة للشحنات السالبة متجهة إلى القطب الموجب، وتنسحب الشحنات الموجبة خلال الأغشية المنفذة للشحنات الموجبة متجهة إلى القطب السالب. ونتيجة لهذا، يتجمع الملح في حجيرات متجاورة متعاقبة؛ لأن أيونات الصوديوم تدخل من جانب وأيونات الكلوريد من الجانب الآخر. ويجري سحب الماء المالح للخارج ويبقى الماء العذب في الحجيرات البينية.
عمليات أخرى لتحلية الماء المالح. قامت العديد من المعامل خلال سبعينيات القرن العشرين بتجريب التجميد بوصفه طريقة لتحلية ماء البحر. عند تجميد ماء البحر تكوِّن بلورات الجليد الناتجة ماء نقيًا في حالة صلبة. وينفصل الملح ويحجز بين بلورات الجليد. ويتم تجميد الماء بطرق عديدة، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في كيفية فصل بلورات الجليد عن الملح. وتتم هذه العملية عادة بشطف وغسل الملح بماء عذب. وينصهر الجليد بعدئذ ويصبح ماء سائلاً عذبًا. وقد حالت التكلفة العالية والمشاكل الهندسية دون الاستعمال التجاري لتجميد الماء كطريقة لتحليته.
مستقبل تحلية الماء المالح. تتطلب كل طرق التحلية كميات كبيرة من الطاقة، وتوليد الطاقة أمر باهظ التكلفة سواء ولـّدت من طرق كهربائية أو بحرق الوقود أو من معامل قدرة نووية.
و قد تسعف تحلية المياه بشكل رئيسي المناطق الجافة الواقعة على سواحل البحار، ولكنها تعطي أملاً بسيطًا للتغلب على شُح الماء العذب في المدن التي تقع بعيدًا عن شواطئ البحار أو التي تقع فوق الجبال. وجلب الماء إلى هذه المدن يمكن أن يكون أكثر تكلفة من عملية تحلية الماء.
إن ارتفاع تكلفة تحلية الماء ليست ذات أهمية في الأماكن التي لا يتوافر فيها سوى ماء البحر. ولهذا تم إنشاء أكثر من مائتي معمل لتحلية الماء في العالم من أشهرها تلك الموجودة في كل من السعودية والكويت وأستراليا وكاليفورنيا وجرينلاند وبعض الأقطار في أمريكا الجنوبية. وبعض هذه المعامل صغيرة الحجم ، ويخدم العديد منها مراكز عسكرية في أماكن معزولة أو يخدم عمال حفر آبار في الصحاري، كما يخدم منتجعات الجزر ومعامل الصناعة.
وتنتج معامل تحلية الماء في العالم ما مجموعه أكثر من 3,8 بليون لتر من الماء العذب يوميًا. ويفي هذا الإنتاج بجزء بسيط من احتياجات العالم للماء العذب. إن محطة تحلية مياه كبيرة، كتلك التي أقيمت في مدينة الجبيل في المملكة العربية السعودية، قد جرى تصميمها بحيث تُنتج حوالي 950 مليون لتر من الماء العذب يوميًا.
وتركز كثير من الحكومات ومراكز الأبحاث الخاصة على بناء معامل تحلية مياه تستخدم القدرة النووية لتقليل التكلفة، وسيكون بمقدور هذه المعامل إنتاج قدرة كهربائية بالإضافة إلى الماء العذب.
ما الماء، وما طبيعته
لا يعتبر الماء المادة الأكثر شيوعًا على الأرض فحسب، بل يعد أيضًا أحد الأشياء غير العادية. وليس هناك أي مادة أخرى يكون بمقدورها فعل كل الأشياء التي يستطيع الماء فعلها. ويعد الماء حالة استثنائية بالنسبة لكثير من النواميس الطبيعية وذلك بسبب خواصه غير العادية.
كيمياء الماء. يتكون الماء من وحدات دقيقة تسمى الجزيئات. وتحتوي قطرة من الماء على عدة ملايين من الجزيئات. ويتألف كل جزيء بدوره من وحدات دقيقة جدًا تسمى الذرات وتتكون جزيئات الماء من ذرات هيدروجين وذرات أكسجين. والهيدروجين والأكسجين غازان، لكنه لدى اتحاد ذرتين من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين يتكون المركب الكيميائي H2O ـ الماء. وحتى الماء النقي يحتوي على مواد أخرى بجانب الهيدروجين والأكسجين العاديين. فهو يحتوي مثلاً على نسبة ضئيلة جدًا من الديوتريوم وهو ذرة هيدروجين تزن أكثر من ذرة الهيدروجين العادي. ويسمى الماء المتكوّن من اتحاد الديوتريوم مع الأكسجين بالماء الثقيل.  والماء اتحاد من مواد كثيرة مختلفة ولكن الهيدروجين والأكسجين يشكلان الجزء الأكبر منها.
جزيء الماء /يتركب جزيء الماء من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين واحدة. وفي كل ذرة هيدروجين متسع لإلكترون آخر حول نواتها. أما ذرة الأكسجين فلديها متسع لإلكترونين آخرين حول نواتها.  
 تقوم ذرتا الهيدروجين وذرة الأكسجين بملء الفراغ في نواتيهما وذلك باشتراكهما بالإلكترونات. ويكوّن جزيء الماء الناتج بناءً بالغ التماسك بسبب اشتراك ذراته في الإلكترونات.  
 خواص الماء. بمقدور الماء أن يكون صلبًا، وسائلاً، أو غازًا. وليس هناك أية مادة أخرى تظهر بهذه الحالات الثلاث في نطاق ومدى درجة حرارة الأرض العادية. والجزيئات المكونة للماء في حركة دائمة. وتتوقف الحالة التي يكون عليها الماء على مقدار سرعة حركة هذه الجزيئات. تكون الجزيئات في الماء الصلب (الثلج) متباعدة بعضها عن بعض، كما تكون غالبًا عديمة الحركة. وتكون الجزيئات في حالة ماء سائل قريبة بعضها من بعض وتتحرك بحرية تقريبًا. أما جزيئات الماء في الحالة الغازية فإنها تتحرك بشدّة وتلتطم بعضها ببعض.
الماء الثقيل Heavy water   ماء يحتوي على نظير ثقيل من الهيدروجين يسمى ديوتريوم رمزه الكيميائي D بدلاً من الهيدروجين العادي. وصيغته الكيميائية 2H2O أو D2O. وتبلغ كتلة ذرة الديوتريوم حوالي ضعف كتلة ذرة الهيدروجين العادي. ويسمى الماء الثقيل أيضًا أكسيد الديوتريوم.
ونظراً للفرق بين كتلتي ذرتي نوعي الهيدروجين تختلف الخواص الطبيعية للماء الثقيل عن خواص الماء العادي. فالماء الثقيل يتجمد عند درجة 3,82°م. بدلاً من درجة الصفر المئوي، ويغلي عند درجة 101,42°م، بدلاً من 100°م، ولاتنبت فيه البذور ولا تعيش فيه الحيوانات.
والماء الثقيل نافع في بعض أنواع المفاعلات النووية التي تسمى مفاعلات الماء الثقيل، حيث يعمل وسيطا للتحكم في طاقة النيوترونات المنطلقة من التفاعل المتسلسل وهو يعمل أيضًا مبردًا حيث يزيل الحرارة الناتجة عن التفاعلات النووية. وهذا يمنع ارتفاع الحرارة في قلب المفاعل، ويحمل الحرارة كي يمكن استخدامها في إنتاج البخار والطاقة. وتنتج كميات كبيرة من الماء الثقيل عن طريق التبادل الحفزي للديوتريوم بين الماء وغاز كبريتيد الهيدروجين. وبعد ذلك يقطر الماء المشبع بالديوتريوم.
وقد فصل جيلبرت لويس، وهو كيميائي من جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، الماء الثقيل عن الماء العادي لأول مرة عام 1932م.
الثلج. معظم المواد تنكمش ويقل حجمها حينما تبرد. والماء ينكمش ويقل حجمه إذا بُرِّد إلى أن تصل درجة حرارته 4°م فقط. لكنه يتمدد ويزداد حجمه إذا ما برد إلى ما دون 4°م. ولهذا السبب ولدى تشكل الثلج عند درجة صفر مئوي يطفو فوق سطح الماء. ولو كان الماء ينكمش عند تجمده لكان حجم الثلج أثقل من حجم مساوٍ من الماء السائل. وعلى فرض ذلك يغوص الثلج تحت الماء. وإذا ما تم هذا ستصبح الأرض صحراء متجمدة عديمة الحياة، سوف يتراكم المزيد من الثلج عند كل شتاء فوق قيعان البحيرات والأنهار والمحيطات، ولن تستطيع حرارة الشمس صيفًا النفاذ إلى عمق كاف لإذابة هذا الثلج، وهكذا تنعدم الحياة في الماء كما تبطئ دورة الماء في الطبيعة، ويأتى وقت يتحول عنده كل الماء إلى ثلج ماعدا طبقة خفيفة من الماء قد تبقى فوق الثلج في وقت الصيف.
الحالة السائلة. يكون الماء سائلاً عند درجات حرارة معظم الأماكن على سطح الأرض. وليس هناك أية مادة شائعة أخرى تكون سائلة عند درجات الحرارة العادية. وفي الحقيقة فدرجات الحرارة التي يكون عندها الماء سائلاً هي درجات حرارة غير عادية. فعند الضغط الجوي العادي يكون الماء سائلاً بين درجتي حرارة صفر مئوية، وهي نقطة تجمد الماء، و 100°م وهي نقطة غليان الماء. لكن أغلب المواد التي لها تركيب وبناء مماثل لتركيب الماء وبنائه لاتكون سائلة عند درجات الحرارة هذه. وتشمل هذه المواد الغازات ذات الصيغ الجزيئية H2Se, H2Te, H2S. وهي ذات صلة وثيقة بالماء، وفي كل منها ذرتا هيدروجين وذرة واحدة من عناصر التلوريوم أو السيلنيوم أو الكبريت. وإذا ما سلك الماء مثل سلوك هذه الغازات القريبة منه لكان سائلاً بين درجتي الحرارة (-100°م) و (-90°م). وفي هذا الحال فلن يكون هناك ماء سائل على الأرض حيث إن درجات الحرارة على الأرض هي أعلى بكثير من - 90°م.
ويبلغ وزن الماء كيلو جرامًا واحدًا لكل لتر. ويقارن العلماء وزن المواد الأخرى بوزن حجمها نفسه من الماء ليحددوا الثقل النوعي لهذه المواد. 
***
الكثافة     
 Density  
 كثافة السائل يمكن تحديدها باستعمال مقياس الثقل النوعي للسوائل (إيدرومتر). وتوضع هذه الأداة في السائل بحيث تغوص فيه. ويدل مدى عمق غوصها على كثافة السائل.  
الكَثَافَة الكتلة ـ أي مقدار المادَّة ـ الموجودة في حجم الوحدة لأَي مادَّة، وتُسْتَخرج كثافة المادَّة بقسمة كتلتها على حجمها. وتقاس كثافة السَّائل أَو الجسم الصُّلب بعدد الجرامات الموجودة في السنتيمتر المكعَّب الواحد، بينما تقاس كثافة الغاز بعدد الجرامات في اللتر الواحد. وفيما يلي معادلة الكثافة:
الكثافة = الكتلة/الحجم
أو ت = ك/ح
ويمكن تحديد تركيز المادة في المحلول بقياس كثافة هذا المحلول. وقياس الكثافة مفيد في التَّعرف على المعادن، والأَجسام الصُّلبة الأُخرى. وبالإِمكان حساب الوزن الجُزَيئي للغاز، من خلال كثافته. 
أَمَّا كثافة السَّائل فيمكن تحديدها بقياس الكتلة المطلوبة لملء حاوية معروفة الحجم. وفي أكثر الحالات يُستخدم لهذا الغرض جهاز معروف حجمه بدقَّة ويُسمَّى مقياس الكثافة. وهناك أداة تُدْعَى مقياس الثقل النوعي للسوائل (الأيدرومتر) تُسْتَخدم لتحديد كثافة السَّائل..
 مِقياس الثِّقل النوعِي للسوائل أو الهيدرومتر أداة تُستخدم لتحديد كثافة السوائل. ويعتمد تصميمه على نظرية أرخميدس التي تقول إن وضع أي جسم في سائل ما يجعله أخف وزنًا، وأن النقص في الوزن يساوي وزن السائل الذي تمت إزاحته.
ويكون مقياس الثقل النوعي للسوائل عادة على شكل أنبوب زجاجي به ثقل في القاع. ويتم غمسه بالكامل في السائل بغرض قياس الثقل النوعي لهذا السائل. وتتم مقارنة المستوى الذي ينغمس إليه الثقل بميزان على الجانب الآخر من المقياس. ولنفرض أن المقياس قد انغمس بمقدار 6سم عندما وضع في الماء، ثم تم وضعه في سائل آخر وغاص المقياس بمقدار 8سم. تحسب كثافة السائل الثاني بقسمة 6 على 8؛ أي 0,75 مرة قدر كثافة الماء. وعند مقارنة كثافات لسوائل معروفة مطلوب قياس الثقل النوعي لها، يمكن تحديد كميات السوائل الممزوجة معًا.
وهناك أنواع كثيرة من مقاييس الثقل النوعي. وأحد هذه المقاييس، ويسمى مقياس اللبن، ويستخدم في اختبار نقاء اللبن. وهناك نوع آخر يسمى مقياس الكحولية يستخدم لفحص المشروبات الكحولية. كما يتم فحص قوة المحلول الملحي الموجود في غلايات السفن من خلال مقياس يسمى مقياس الملوحة.
وهناك نوع آخر من مقاييس الثقل النوعي للسوائل يُصنع خصيصًا لفحص بطاريات الخزن، ويسمى مقياس الحمضية، ويُستخدم لتحديد كمية الحمض في البطاريات. ويعمل تركيز الحمض في البطارية على زيادة كثافة السائل في البطارية.
كثافة الجسم الصلب يمكن تحديدها بقياس كتلة الجسم وحساب حجمه وقسمة الكتلة على الحجم. ويمكن تحديد الحجم بغمر الجسم في الماء (أعلى اليمين). ويساوي حجم الجسم حجم الماء الفائض. وعند استعمال هذه الطريقة لجسم صلب يطفو في الماء، تربط ثقالة في الجسم لتغطيسه (أسفل اليمين). ويطرح حجم الثقالة من مجموع حجم الماء المزاح لتحديد حجم الجسم.  
أَمَّا كثافة الجسم الصُّلب المنتظم الشَّكل فتُحدَّد بمجرد قياس كتلة الجسم، وحساب حجمه وقسمة الكتلة على الحجم. أَمَّا كثافة الجسم الصُّلب غير المنتظم الشَّكل، فتحدَّد بغمره في مقدار معروف من سائل، وقياس حجم السَّائل المُزَاح. ويعادل حجم السائل المُزَاح حجم الجسم الصُّلب. ثمَّ تُقاس كتلة الجسم، وتقسم على حجمه.
ومن الصَّعب قياس كثافة الغازات، لأَنها شديدة الانخفاض، وتتغيَّر كثيرًا بتغيُّر درجة الحرارة والضَّغط. ويمكن تحديد كتلة الغاز بطرح كتلة حاوية فارغة، من كتلة الحاوية نفسها وهي مملوءة بالغاز. ويمكن معرفة حجم الحاوية بقياس كمية الماء الذي تحتويه باستخدام قارورة مُدَرَّجة
***
الحالة البخارية. إذا بقي كأس ماء غير مغطى بضعة أيام سيختفي منه الماء تدريجيًا؛ وذلك لأن جزيئات الماء في حركة دائمة. وتتحرر جزيئات الماء التي على السطح عن الجزيئات الأسفل منها وتصعد إلى الهواء على هيئة بخار. وكلما ارتفعت درجة الحرارة زاد تبخر الماء؛ لأن جزيئاته ستتحرك بسرعة أكبر.
ويمكن تحويل الماء إلى بخار بغليه، وتلزم كمية هائلة من الحرارة لإنتاج البخار. وفي الحالة العادية يغلي الماء عند درجة 100°م، ولكنه عندما يصل لهذه الدرجة لايتحول مباشرة إلى بخار بل تكون هناك فترة توقف قصيرة يمتص الماء خلالها كميات إضافية من الحرارة دون أي ارتفاع لدرجة حرارته. تسمى كمية الحرارة هذه بالحرارة الكامنة. وكمية الحرارة اللازمة لتحويل الماء المغلي إلى بخار تعادل خمسة أضعاف كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة الماء من درجة التجمد إلى درجة الغليان. وهكذا فإن البخار يخزن كمية كبيرة من الطاقة الحرارية الكامنة التي يستخدمها الناس لتشغيل الآليات.
ويُخزِّن بخار الماء الموجود في الهواء كميات هائلة من الطاقة الحرارية الكامنة. وتنطلق هذه الطاقة لدى تبريد البخار وتكثيفه وسقوطه على هيئة مطر. ويرتبط ارتفاع الحرارة الكامنة للماء بالسعة الحرارية المتميّزة للماء.
السعة الحرارية. تعني السعة الحرارية مقدرة المادة على امتصاص الحرارة دون أن تسخن بذاتها (دون أن ترتفع درجة حرارتها). وللماء سعة حرارية أكبر من أية مادة أخرى ماعدا النشادر. ولتوضيح السعة الحرارية غير العادية للماء، لك أن تتصور كيلو جرامًا من الماء، وكيلو جرامًا من الذهب وكيلو جرامًا من الحديد، كلها عند درجة حرارة -273,15°م وهذه الدرجة هي درجة الصفر المُطلق التي يفترض أن تكون كمية الحرارة لأي مادة عندها لاشيء مطلقًا. وإذا ما جرى تسخين المواد الثلاث وقامت كل مادة منها بامتصاص نفس كمية الطاقة الحرارية فإن الذهب سينصهر عند درجة 1102°م، ولكن الجليد سيبقى عند درجة -184°م. وعندما يبدأ الحديد بالانصهار عند درجة 1299°م، فإن درجة حرارة الجليد تكون صفرًا (صفر°م).
التوتر السطحي. يعني التوتر السطحي مقدرة المادة على الالتصاق والتماسك بعضها ببعض. وللماء توتر سطحي عالٍ جدًا. ويوضح صنبور يقطر ماءً كيف يلتصق الماء ببعضه، فحالما يقطر الماء من الصنبور فإن كل قطرة تتمسك بفوهة الصنبور قبل أن تقطر على هيئة كرة صغيرة. وتتماسك جزيئات الماء بعضها مع بعض بدقة إلى حد يستطيع معه الماء حمل أجسام أثقل منه ومثال لذلك، فإن الإبرة أو موسى الحلاقة تطفو على الماء، كما تستطيع الحشرات المشي فوق الماء. ويستطيع الماء الالتصاق بمواد أخرى، كالأقمشة والزجاج والتربة، ولدى التصاقه بهذه المواد فإنه يبللها. 
T.H.E

T.H.E

الأستاذ /طارق العقيلي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.