{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف : 146]
{يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر : 29]
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر : 38]
{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف : 146]
=================
السياسة هي مجموعة التدابير والحكم اللازمة لجلب المصالح والحفاظ عليها من المفاسد للمخلوقات وفق ما أنزل خالقها "ولا ينبئك مثل خبير =D "ويعد الألتزام بها عدلاً وملكاً وسبيل الرشاد
وتعد كنشاط وفعل خلافةً وجهاداً
ويعد انتاجها وتحقيقها فوزاً سواء لحظياً "الحياة الدنيا =D " وختاما "الحياة الأخرى =D "
ويكن احترافها وحنكها "الأخذ بالعزيمة الأقوى أولوياً تقوى والأخذ بالرخصة ضيقاً رحمة ولطفاً "
وتعد المصالح هي موضوع المناهج والعلوم السياسية ومقصودها الضروري "" لحكمة أداء الأمانة "النسل/النفس/ العقل/الدم / الدين/المال/العرض" أو جماعياً بنياوياً اقتصادي =التحتي - وجداني - نفساني =فوقي - اجتماعي =سطحي الخ
وتعد التدابير وقائية "سياسات وقوانين تسيرها وتنظيمها كحلال " أو علاجية "سياسات العقابية كحرام " هي حاجيتها لأداء سنة الله في تدبيره وسنة رسوله
وتعد الأفكار والأداب والسلوكيات الأخلاقية هي زينتها وتحسينياتها لحكمة استبقوا الخيرات وأتقاكم =التفوق والتقدم الحضاري =D {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13]التقدم الأنثرابولوجي"
ويعد الأشتغال بها وتريضها هو سمرها ورفاهيتها لحكمة الترويض والتأهيل =D
وختاماً تعد المناهج وآليات التنفيذ هي المسمى الذي تخصص وتحدد نوعية السياسية بمرجعية كذا وعلى هذا يكن الجزاء =D بحكمة
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة : 48]
===========================
سِياسة
التّعريف
1 - للسّياسة في اللّغة معنيان : الأوّل : فعل السّائس.
وهو من يقوم على الدّوابّ ، ويروّضها.
يقال : ساس الدّابّة يسوسها سياسةً.
الثّاني : القيام على الشّيء بما يصلحه.
يقال : ساس الأمر سياسةً : إذا دبّره.
وساس الوالي الرّعيّة : أمرهم ، ونهاهم ، وتولّى قيادتهم.
وعلى ذلك فإنّ السّياسة في اللّغة تدلّ على التّدبير ، والإصلاح ، والتّربية.
وفي الاصطلاح تأتي لمعان
2 - منها : الأوّل : معنًى عامّ يتّصل بالدّولة ، والسّلطة.
فيقال : هي استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطّريق المنجّي في العاجل والآجل ، وتدبير أمورهم.
وقال البجيرميّ : السّياسة : إصلاح أمور الرّعيّة ، وتدبير أمورهم.
وقد أطلق العلماء على السّياسة اسم : « الأحكام السّلطانيّة » أو « السّياسة الشّرعيّة » ، أو « السّياسة المدنيّة » .
ولمّا كانت السّياسة بهذا المعنى أساس الحكم ، لذلك سمّيت أفعال رؤساء الدّول ، وما يتّصل بالسّلطة « سياسة » وقيل : بأنّ الإمامة الكبرى - رئاسة الدّولة - موضوعة لخلافة النّبوّة في حراسة الدّين ، وسياسة الدّنيا.
وعلى ذلك فإنّ علم السّياسة : « هو العلم الّذي يعرف منه أنواع الرّياسات ، والسّياسات الاجتماعيّة والمدنيّة ، وأحوالها : من أحوال السّلاطين ، والملوك ، والأمراء ، وأهل الاحتساب ، والقضاء والعلماء ، وزعماء الأموال ، ووكلاء بيت المال ، ومن يجري مجراهم.
وموضوعه المراتب المدنيّة ، وأحكامها ، والسّياسة بهذا المعنى فرع من الحكمة العمليّة.
ولعلّ أقدم نصّ وردت فيه كلمة » السّياسة « بالمعنى المتعلّق بالحكم ، وهو قول عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعريّ في وصف معاوية - رضي الله عنهم - : » إنّي وجدته وليّ الخليفة المظلوم ، والطّالب بدمه ، الحسن السّياسة ، الحسن التّدبير «.
3 - المعنى الثّاني : يتّصل بالعقوبة ، وهو أنّ السّياسة : » فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها ، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئيّ «.
الألفاظ ذات الصّلة
أ - التّعزير
هو تأديب على ذنب لا حدّ فيه ، ولا كفّارة غالباً ، سواء أكان حقّاً للّه تعالى ، أم لآدميّ.
ومن نظر إلى العقوبة قال : هو تأديب دون الحدّ.
أو قال : عقوبة غير مقدّرة حقّاً للّه تعالى أو للعبد.
ولذلك قال ابن القيّم : التّعزير لا يتقدّر بقدر معلوم.
بل هو بحسب الجريمة في جنسها ، وصفتها ، وكبرها ، وصغرها.
وعنده أنّ التّعزير يمكن أن يزيد عن الحدّ.
وحجّته أنّ الحدّ في لسان الشّرع أعمّ منه في اصطلاح الفقهاء.
فالتّعزير أخصّ من السّياسة.
ب - المصلحة
4 - المصلحة المحافظة على مقصود الشّرع.
ومقصود الشّرع من الخلق خمسة
وهو أن يحفظ عليهم دينهم ، ونفسهم ، وعقلهم ، ونسلهم ، ومالهم.
فكلّ ما يتضمّن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة.
وكلّ ما يفوّت هذه الأصول فهو مفسدة ،ودفعها مصلحة.
أو بعبارة أخرى : هي المحافظة على مقصود الشّرع بدفع المفاسد عن الخلق فالمصلحة هي الغرض من السّياسة.
الحكم التّكليفيّ
5 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة "مدارس لقضاة وأئمة مجتهدين = الأجتهاد أحد أصول الفقه الخاصة بالتدابير المصالح ودرء المفاسد( المنهج الرباني سنة الله ورسوله قرآن وسنة كاستدلال مباشر أو غير مباشر =القياس ) المصالح ودرء المفاسد وتتنوع تنوع طفيف بحسب الزمان والمكان والأعراف =D " إلى أنّ للسّلطان سلوك السّياسة في تدبير أمور النّاس وتقويم العوج ،وفق معايير وضوابط يأتي بيانها كما بينا، ولا تقف السّياسة على ما نطق به الشّرع.
قال الحنفيّة "مذهب اجتهادي تميز بالأسلوب القسمة الشمولية =افتراضيات مسبقة لحل المشاكل بشكل حصري واتخاذ الحيل اللازمة =D ": السّياسة داخلة تحت قواعد الشّرع ، وإن لم ينصّ عليها بخصوصها ، فإنّ مدار الشّريعة - بعد قواعد الإيمان - على حسم موادّ الفساد لبقاء العالم.
وقال القرافيّ من المالكيّة : إنّ التّوسعة على الحكّام في الأحكام السّياسيّة ليس مخالفًا للشّرع، بل تشهد له الأدلّة ، وتشهد له القواعد ، ومن أهمّها كثرة الفساد ، وانتشاره ، والمصلحة المرسلة الّتي قال بها مالك ، وجمع من العلماء.
وقال أبو الوفاء بن عقيل من الحنابلة : للسّلطان سلوك السّياسة ، وهو الحزم عندنا ، ولا يخلو من القول فيه إمام.
ولا تقف السّياسة على ما نطق به الشّرع.
إذ الخلفاء الرّاشدون - رضي الله عنهم - قد قتلوا ، ومثّلوا ، وحرقوا المصاحف.
ونفى عمر ، نصر بن حجّاج ، خوف فتنة النّساء.
واعتبروا ذلك من المصالح المرسلة.
وقد حذّر ابن القيّم من إفراط مَنْ منع الأخذ بالسّياسة ، مكتفياً بما جاءت به النّصوص ، وتفريط من ظنّ أنّ الأخذ بها يبيح لوليّ الأمر فرض ما يراه من عقوبة على هواه.
ثمّ قال : وكلا الطّائفتين أُتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث اللّه به رسوله ، وأنزل به كتابه.
فإنّ اللّه سبحانه أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم النّاس بالقسط ، وهو العدل الّذي قامت به الأرض والسّموات.
فإن ظهرت أمارات العدل ، وأسفر وجهه بأيّ طريق كان ، فثمّ شرع اللّه ودينه ، فأيّ طريق استخرج بها العدل ، والقسط ، فهي من الدّين.
وأمّا الشّافعيّة فقد ذهبوا إلى أنّ السّياسة يجب أن تكون في حدود الشّريعة ، لا تتعدّاها.
حتّى قالوا : لا سياسة إلاّ ما وافق الشّرع.
وبذلك كانوا أبعد النّاس عن الأخذ بالسّياسة بالمعنى المراد عند الجمهور وهو عدم الاقتصار على ما وردت به نصوص بخصوصه.
أقسام السّياسة
6 - تقسم السّياسة إلى قسمين : سياسة ظالمة ، تحرّمها الشّريعة.
وسياسة عادلة تظهر الحقّ ، وتدفع المظالم ، وتردع أهل الفساد ، وتوصّل إلى المقاصد الشّرعيّة ، وهي الّتي توجب الشّريعة اعتمادها ، والسّير عليها.
والسّياسة العادلة من الشّريعة ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها ، وما يسمّيه أكثر السّلاطين الّذين يعملون بأهوائهم ، وآرائهم - لا بالعلم - سياسةً فليس بشيء.
وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الرّاشدون يسوسون النّاس في دينهم ، ودنياهم، فكان الحكم والسّياسة شيئاً واحداً.
ثمّ لمّا اتّسعت الدّولة ظهر الفصل بين الشّرع ، والسّياسة لأنّ أهل السّلطة صاروا يحكمون بالأهواء من غير اعتصام بالكتاب والسّنّة.
قال ابن القيّم : تقسيم بعضهم طرق الحكم إلى شريعة وسياسة ، كتقسيم غيرهم الدّين إلى شريعة وحقيقة ، وكتقسيم آخرين الدّين إلى عقل ونقل. وكلّ ذلك تقسيم باطل.
بل السّياسة، والحقيقة ، والطّريقة ، والعقل ، كلّ ذلك ينقسم إلى قسمين : صحيح ، وفاسد.
فالصّحيح قسم من أقسام الشّريعة لا قسيم لها ، والباطل ضدّها ، ومنافيها ، وهذا الأصل من أهمّ الأصول ، وأنفعها.
وهو مبنيّ على حرف واحد ، وهو عموم رسالته صلى الله عليه وسلم بالنّسبة إلى كلّ ما يحتاج إليه العباد في معارفهم ، وعلومهم وأعمالهم ، وأنّه لم يحوج أمّته إلى أحد بعده ، وإنّما حاجتهم إلى من يبلّغهم عنه ما جاء به.
حسن سياسة الإمام للرّعيّة
7 - إنّ للسّياسة أثراً كبيراً في الأمّة ، فحسن السّياسة ينشر الأمن ، والأمان في أنحاء البلاد.
وعندئذ ينطلق النّاس في مصالحهم وأموالهم مطمئنّين ، فتنمو الثّروة ، ويعمّ الرّخاء، ويقوى أمر الدّين.
ولا يمكن أن يتحقّق ذلك إلاّ إذا كانت للإمام سياسة حازمة ، تهتمّ بكلّ أمور الأمّة ، صغيرها وكبيرها ، وترغّب النّاس بفعل الخيرات ، وتثيب على الفعل الجميل ، كما تحذّر من الشّرّ ، والفساد ، وتعاقب عليه ، وتقطع دابر دعاته ومقترفيه وبغير هذه السّياسة تضعف الدّولة ، وتنهار وتخرب البلاد.
والسّياسة الحازمة المحقّقة لخير الأمّة هي الّتي يكون فيها الإمام بين اللّين والعنف ، ويقدّم اللّين على الشّدّة ، والدّعوة الحسنة على العقوبة.
وعليه أن يهتمّ بإصلاح دين النّاس ، لأنّ في ذلك صلاح الدّين والدّنيا.
وأعظم عون على ذلك ثلاثة أمور
الأوّل : الإخلاص للّه تعالى ، والتّوكّل عليه.
والثّاني : الإحسان إلى الخلق بالنّفع والمال.
والثّالث : الصّبر على أذى الخلق ، وعند الشّدائد.
قواعد السّياسة
أسس السّياسة الشّرعيّة العامّة : هي تلك القواعد الأساسيّة الّتي تبنى عليها دولة الإسلام ، ويستلهم منها النّهج السّياسيّ للحكم.
الأساس الأوّل : سيادة الشّريعة
8 - يؤكّد القرآن الكريم هذه السّيادة في أكثر من موضع.
من ذلك قوله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}.
وقوله تعالى : { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}.
قال ابن جرير : ألا له الحكم والقضاء دون سواه من جميع خلقه ، وذلك حقّ في الدّنيا والآخرة ، لأنّ مبنى الحساب في الآخرة إنّما يقوم على عمل النّاس في الدّنيا.
ولا يحاسب النّاس على ما اجترحوا في الدّنيا إلاّ على أساس هذه الشّريعة الّتي جاءت أحكامها منظّمةً للحياة الاجتماعيّة والسّياسيّة ، والاقتصاديّة ، وأمور المعاملات الأخرى.
9- وما دامت الحاكميّة في هذا العالم لشريعة اللّه تعالى في كلّ شؤون الحياة ، وإلى آخر الزّمان ، فإنّ الكثير من الآيات جاءت آمرةً بتطبيق أحكامها ، واتّباع ما أمرت به ، وترك ما نهت عنه.
من ذلك قول اللّه تعالى : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
قال ابن جرير : فاتّبع تلك الشّريعة الّتي جعلناها لك ، ولا تتّبع ما دعاك إليه الجاهلون باللّه الّذين لا يعرفون الحقّ من الباطل ، فتعمل به ، فتهلك إن عملت به ، وهو قول ابن عبّاس وقتادة وابن زيد.
وقال الزّمخشريّ : فاتّبع شريعتك الثّابتة بالدّلائل والحجج ، ولا تتّبع ما لا حجّة عليه من أهواء الجهّال ودينهم المبنيّ على هوًى وبدعة.
ومن ذلك قوله تعالى : {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}.
قال القرطبيّ : قوله تعالى : {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} يعني الكتاب والسّنّة.
قال تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ، وقالت فرقة : هذا أمر يعمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأمّته.
والظّاهر أنّه أمر لجميع النّاس دونه.
أي : اتّبعوا ملّة الإسلام والقرآن ، وأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه ، وامتثلوا أمره ، واجتنبوا نهيه.
ودلّت الآية على ترك اتّباع الآراء مع وجود النّصّ.
10 - وممّا يؤكّد أنّ الأمر باتّباع ما أنزل اللّه تعالى لا يخصّ القرآن فحسب ، بل يعمّ السّنّة أيضاً ، ما جاء في عدد من الآيات من الأمر باتّباعها وتطبيقها.
من ذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.
حقّ الإمام في وضع الأنظمة المستنبطة من الشّريعة
11 - تقرير مبدأ سيادة الشّريعة لا يعني حرمان الإمام ، ومن دونه أهل الحكم والسّلطة من حقّ اتّخاذ القرارات ، والأنظمة الّتي لا بدّ منها لسير أمور الدّولة.
ذلك لأنّ نصوص الشّريعة محدودة ، ومتناهية ، وأمّا الحوادث ، وتطوّر الحياة ، والمسائل الّتي تواجه الأمّة والدّولة معاً ، فغير محدودة ، ولا متناهية.
ولا بدّ للإمام ، وأهل الحكم من مواجهة كلّ ذلك بما يرونه من أنظمة ، ولكن هذا الحقّ ليس مطلقاً ، وإنّما هو مقيّد بما لا يخالف النّصوص الشّرعيّة ، ولا يخرج على مبادئ الإسلام ، وقواعده العامّة ، وأن يكون ذلك لمصلحة الأمّة الواجبة الرّعاية ، والّتي لأجلها قامت الدّولة ، ولا يكون ذلك إلاّ بعد الرّجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص من الفقهاء وغيرهم.
الأساس الثّاني : الشّورى
12 - الحكم أمانة ، والإمام ، ومن يتولّى السّلطة مسئولون عن تلك الأمانة.
لذلك كان من صفاتهم أنّهم لا يستبدّون برأي ، ولا يغفلون عن الاستفادة من عقول الرّجال لقوله تعالى
{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.
وعليه ، فإنّ من المقرّر فقهًا أنّ على الإمام مشاورة العلماء العاملين النّاصحين للدّولة وللأمّة ، وأن يعتمد عليهم في أحكامه ، كي يدوم حكمه ، ويقوم على أساس صحيح.
وينظر مصطلح » شورى «.
الأساس الثّالث : العدل
13 - العدل هو الصّفة الجامعة للرّسالة السّماويّة الّتي جاء الرّسل عليهم الصلاة والسلام لتحقيقها ، وإرشاد النّاس إليها ، وحملهم عليها.
ففي القرآن الكريم
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}.
وقوله تعالى : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} الآية.
فالعدل أمر فرض اللّه سبحانه على المسلمين السّعي لإقامته في الأرض ، وليكون من أبرز خصائصهم بين الأمم ، لأنّ دينهم دين العدل.
حتّى قال عمر - رضي الله عنه - بأنّه » لا رخصة فيه في قريب ، ولا بعيد ، ولا في شدّة ، ولا رخاء « وقال ابن تيميّة بوجوبه على كلّ أحد ، وفي كلّ شيء.
وتفصيل ذلك في مصطلح » عدل «.
مصدر السّلطات
14 - نصب الإمام واجب شرعاً ويتعيّن الإمام بالبيعة من أهل الحلّ والعقد ، والإمام مكلّف بأحكام الشّريعة ، وملزم بالحلال ، والحرام ، ومسئول عن ذلك كأيّ مسلم في الأمّة ، وهو فوق ذلك مسئول عن تطبيق تلك الأحكام في كلّ شأن من شئون الدّولة ، لأنّه بمنصبه أقوى رجل في الأمّة ووجبت عليها طاعته.
وانظر مصطلح : » طاعة ، الإمامة الكبرى ، بيعة.
«.
أنواع السّياسة الشّرعيّة
أوّلاً : السّياسة الشّرعيّة في الحكم
الإمامة
15 - من الثّابت أنّ الإسلام دين ودولة ، لأنّ القرآن الكريم هو كتاب عقيدة ، كما هو كتاب أحكام ، وقواعد تنظّم صلة الإنسان بالإنسان ، والإنسان بالمجتمع ، والمجتمع المسلم بغير المسلم في حالة السّلم ، والحرب.
وهو إلى جانب ذلك يحوي كلّ أنواع الحقوق ، وفروعها.
فالحقوق المدنيّة إلى جانب الحقوق الجزائيّة ، والاقتصاديّة ، والماليّة ، والتّجاريّة ، والدّوليّة بفرعيها العامّة والخاصّة.
ولم تكن هذه الحقوق مواعظ متروكةً لرغبة الإنسان ، وإنّما هي أحكام آمرة ، واجبة التّنفيذ، وهذا لا يكون إلاّ بقيام الدّولة.
وهذه الدّولة لا بدّ لها من إمام » رئيس « يتولّى أمورها ، كما يسهر على مصلحة الأمّة وقد أرشد القرآن الكريم إلى ذلك بهذه الآية المجيدة : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.}.
قال القرطبيّ : هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع ، لتجتمع به الكلمة ، وتنفّذ به أحكام الخليقة.
وفي السّنّة أنّ رسول اللّه عليه الصلاة والسلام قال : " لا يحلّ لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلاّ أمّروا عليهم أحدهم ".
وقال : " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمّروا أحدهم ".
قال الشّوكانيّ : وإذا شرع هذا لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض ، أو يسافرون ، فشرعيّته لعدد أكثر يسكنون القرى والأمصار ، ويحتاجون لدفع التّظالم ، وفصل التّخاصم ، أولى وأحرى.
وفي ذلك دليل لقول من قال : إنّه يجب على المسلمين نصب الأئمّة ، والولاة ، والحكّام.
ولمّا كان صلاح البلاد ، وأمن العباد ، وقطع موادّ الفساد ، وإنصاف المظلومين من الظّالمين لا يتمّ إلاّ بسلطان قاهر ، قادر لذلك وجب نصب إمام يقوم بحراسة الدّين ، وسياسة أمور الأمّة ، وهو فرض بالإجماع.
وأمّا صفات هذا الإمام وشروطه وما تنعقد به إمامته فتنظر في » الإمامة الكبرى ، وبيعة «.
حقوق الإمام
16 - ذهب الماورديّ ، وأبو يعلى إلى أنّ للإمام حقّين : الطّاعة ، والنّصرة.
وقال ابن جماعة : إنّها عشرة حقوق : الطّاعة ، والنّصيحة ، والتّعظيم والاحترام ، والإيقاظ عند الغفلة والإرشاد عند الخطأ ، والتّحذير من كلّ عدوّ ، وإعلامه بسيرة عمّاله ، وإعانته ، وجمع القلوب على محبّته ، والنّصرة.
وهذه الحقوق لا تكون للإمام إلاّ إذا أطاع اللّه سبحانه ، ولزم فرائضه ، وحدوده ، وأدّى للأمّة حقوقها الواجبة عليه.
وبرعاية الأمّة هذه الحقوق تصفو القلوب ، وتجتمع الكلمة ، ويتحقّق النّصر.
وأمّا فيما سوى ما تقدّم ، فإنّ الإمام واحد من النّاس ، يستوي معهم جميعاً في الحقوق والأحكام.
بل يجب أن يكون أكثر النّاس خشيةً للّه تعالى.
وأحسنهم قياماً بأداء فرائضه ، واتّباع أوامره ، لأنّه رأس الدّولة.
واجبات الإمام
17 - حقوق الأمّة الّتي هي واجبات الإمام يمكن أن تجمع في عشرة
أولاً : حفظ الدّين ، والحثّ على تطبيقه ، ونشر العلم الشّرعيّ ، وتعظيم أهله ، ومخالطتهم ومشاورتهم.
ثانياً : حراسة البلاد ، والدّفاع عنها ، وحفظ الأمن الدّاخليّ.
ثالثاً : النّظر في الخصومات ، وتنفيذ الأحكام.
رابعاً : إقامة العدل في جميع شئون الدّولة.
خامساً : تطبيق الحدود الشّرعيّة.
سادساً : إقامة فرض الجهاد.
سابعاً : عمارة البلاد ، وتسهيل سبل العيش ، ونشر الرّخاء.
ثامناً : جباية الأموال على ما أوجبه الشّرع من غير عنف ، وصرفها في الوجوه المشروعة، وعلى المستحقّين ، من غير سرف ، ولا تقتير.
تاسعاً : أن يولّي أعمال الدّولة الأمناء ، النّصحاء ، أهل الخبرة.
عاشراً : أن يهتمّ بنفسه بسياسة الأمّة ، ومصالحها ، وأن يراقب أمور الدّولة ، ويتصفّح أحوال القائمين عليها.
تعيين العمّال وفصلهم
أ - تعيين العمّال
18 - لا يستطيع الإمام أن يتولّى أمور الحكم كلّها بنفسه دون أن يعاونه في ذلك عمّال يعيّنهم.
وكلّما اتّسعت أمور الحكم ، وتشعّبت زادت الحاجة إلى هؤلاء العمّال.
» وهذه القضيّة بيّنة في ضرورات العقول لا يستريب اللّبيب بها «.
وهذا " ما فعله الرّسول عليه الصلاة والسلام حين كان في المدينة.
فقد ولّى على مكّة المكرّمة عتّاب بن أسيد رضي الله عنه ، وعلى الطّائف عثمان بن أبي العاص الثّقفيّ رضي الله عنه.
وبعث عليّاً ومعاذاً وأبا موسى رضي الله عنهم إلى اليمن.
وكان يؤمّر على السّرايا ، ويبعث جباة الزّكاة ويرسل السّفراء إلى الملوك والقبائل ".
وعلى هذا النّهج سار الخلفاء الرّاشدون ، ومن بعدهم.
وقد أقرّ الفقهاء بأنّ تعيين العمّال من واجبات الإمام.
ب - صفات العمّال
19 - يجب على الإمام أن يولّي أهل الدّيانة ، والعفّة ، والعقل والأصالة ، والصّدق ، والأمانة ، والحزم ، والكفاية ، وتكون الكفاية بحسب طبيعة العمل.
وعليه أن يختار الأمثل ، فالأمثل ، لحديث : " مَنْ ولّى رجلاً على عصابة ، وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى للّه منه ، فقد خان اللّه ورسوله ، وجماعة المؤمنين ".
وعليه أن يتجنّب التّعيين وفق هواه.
ولا يكون اختيارهم إلاّ بعد امتحان ، وتجربة.
ج - ما يجب على الإمام نحو عمّاله
20 - يجب على الإمام أن يأخذ جميع عمّاله بعدم الظّلم ، قلّ أو كثر ، وأن يعرّفهم أنّه لا فرق بينهم وبين سائر النّاس ، لأنّ العامل الظّالم أعدى عدوّ للدّولة.
وعليه أن ينظر في أمور عمّاله ، فإن وجد منهم من يستحقّ التّرقية رقّاه ، ولا يجوز له أن يجعل التّرقية قفزاً دون سبب.
وإن وجد منهم مسيئاً حاسبه ، وله أن يعفو عنه ، إلاّ إذا كان ما آتاه يوجب حدّاً ، أو تعدّى على حقّ من حقوق الرّعيّة ، فلا بدّ من العقاب.
وعليه أن يعزل كلّ من يخلّ بواجب العمل إذا لم يمكن تقويمه.
ولا يتأتّى له ذلك إلاّ بدوام مراقبة العاملين في الدّولة ، والوقوف على أمورهم وتصرّفاتهم ، وعلاقتهم مع النّاس ، والتزامهم بتنفيذ ما يأمر به من السّياسة.
ويعينه على هذه المهمّة جهاز دقيق يطلعه على جميع شئون الدّولة ، والأمّة.
د - ديوان الموظّفين
21 - يجب أن يكون في الدّولة ديوان يخصّ العاملين في أجهزتها المختلفة.
وينظر مصطلح » ديوان «.
ثانياً : السّياسة الشّرعيّة في المال
22 - يقصد بالأموال في هذا المجال : أموال المصالح العامّة الواردة إلى خزينة الدّولة.
وهي تتألّف من أنواع ينظر بيانها وكيفيّة التّصرّف فيها في مصطلح » بيت المال «.
ثالثاً : السّياسة الشّرعيّة في الولايات
ولاية الجيش
23 - لمّا كان الجيش للجهاد والدّفاع عن البلاد ، لذلك وجب على الإمام العناية بترتيبه وإعداده ، وتنظيم قيادته ، وتفقّد أحواله ، وتعرّف أحوال العدوّ ، وإنّ تحقيق ذلك لا يتمّ إلاّ بتأمين الأموال اللّازمة لتسليحه ، وإدارته ، ودفع ما يستحقّه أفراده بشكل منظّم ، وملائم.
وينظر التّفصيل في مصطلح » جهاد «.
النّظر في أمور القضاة
24 - إنّ القضاء منصب جليل وخطير ، لأنّه يحقّق العدل في الأمّة ، وعلى العدل تقوم الدّولة الصّالحة ، وقد أحاطت الشّريعة هذا المنصب باحترام شديد ، ونظّمت أحكامه ، وقواعده ، وصفات من يتولّاه ، وأصول التّقاضي.
ويجب على الإمام أن يتفقّد أحوال القضاة ، ويتحرّى عن أخبارهم ، وعن سيرتهم في النّاس، وعن أحكامهم ، ويسأل الثّقات الصّالحين عن كلّ ذلك.
وينظر مصطلح » قضاء «.
النّظر في ولاية الصّدقات
25 - الزّكاة هي الرّكن الثّالث من أركان الإسلام ، وقد تكلّفت النّصوص الشّرعيّة ببيان محلّها ، ونصابها ، وجبايتها ، وأصول صرفها ، ومستحقّيها.
ولذلك فإنّ على رئيس الدّولة أن يولّي أمور الزّكاة المسلم ، العدل ، العالم بأحكامها ليكون قادراً على الاجتهاد في تطبيقها.
وقد تكون ولايته شاملةً جباية الزّكاة ، وقسمتها ، وقد تكون للجباية دون القسمة ، وقد تكون مطلقةً ، فله إن شاء أن يقسمها ، وله أن يترك القسمة.
أمّا إن كان مكلّفاً بأخذ مال محدّد من أموال الزّكاة ، فلا يشترط فيه العلم بأحكامها ، لأنّه عندئذ يكون كالوكيل بالقبض.
وانظر التّفصيل في مصطلح » زكاة «.
السّياسة الشّرعيّة في شأن المخالفين من بغاة وغيرهم
26 - قد تخرج فئة مسلّحة منظّمة.
فإن كان خروجها على الدّين كانت مرتدّةً.
وإن كان خروجها على الإمام كانت فئةً باغيةً.
ولكلّ منهما في الفقه أحكام خاصّة انظر : » ردّة ، بغاة ، حرابة «.
رابعاً : السّياسة الشّرعيّة في العقوبة
أ - العقوبة سياسة
27 - تنقسم العقوبة إلى
- عقوبات مقدّرة شرعاً.
وهي الحدود ، والقصاص.
- وعقوبات غير مقدّرة.
وهي التّعزير.
أمّا العقوبة سياسةً : فتكون عند اقتراف جريمة ، أو معصية ، وبهذا ترادف التّعزير : فقد صرّح الحنفيّة بأنّ النّبّاش لا يقام عليه حدّ السّرقة ، فإن اعتاد النّبش أمكن أن تقطع يده ، على سبيل السّياسة.
ر : مصطلح » سرقة «.
كما صرّحوا بأنّه قد تزاد العقوبة سياسةً. فإذا أقيم حدّ السّرقة ، مثلاً ، فقطعت يد السّارق، جاز حبسه حتّى يتوب.
كما صرّح الحنفيّة والمالكيّة : بأنّ للإمام حبس من كان معروفاً بارتكاب جرائم ضدّ الأشخاص ، أو الأموال ، ولو لم يقترف جريمةً جديدةً.
ويستمرّ حبسه حتّى يتوب ، لأنّ عثمان بن عفّان سجن ضابئ بن الحارث وكان من لصوص بني تميم ، وفتّاكهم ، حتّى مات في السّجن.
وكذلك يفعل مع من عرف بالشّرّ والأذى وخيف أذاه لأنّ ذلك ممّا يصلح اللّه به العباد والبلاد.
» ر : عقوبة - تعزير «.
ب - التّغريب سياسةً
28 - ثبت " أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عزّر المخنّثين ، وأمر بإخراجهم من المدينة المنوّرة ، ونفيهم ".
وجاء عن عمر أنّه كان ينفي شارب الخمر إلى خيبر زيادةً في عقوبته.
ونفى نصر بن حجّاج لمّا خاف فتنة نساء المدينة بجماله ، بعد أن قصّ شعره ، فرآه زاد جمالاً.
ولذلك جاز نفي أمثال هؤلاء إلى بلد يؤمن فساد أهله.
فإن خاف به عليهم حبس.
وبهذا أخذ أحمد ، لأنّ هذا ليس من باب المعاقبة ، وإنّما من قبيل الخوف من الفاحشة قبل وقوعها.
» ر : تغريب «.
وقد ورد " في السّنّة تغريب الزّاني غير المحصن بعد جلده في حديث زيد بن خالد ".
وهذا عند أكثر الفقهاء جزء من الحدّ ، وقال الحنفيّة : إنّه لا يغرّب حدّاً ، وأجازوا تغريبه سياسةً ،دون تحديده بسنة ، بل بقدر ما يراه الإمام إذا كانت هناك مصلحة عامّة توجب ذلك.
وذهب الحنابلة إلى تحريم حبسه بعد الحدّ.
فإن لم ينزجر جاز للإمام حبسه حتّى يتوب.
وقيل : حتّى يموت.
ج - القتل سياسةً
29 - يجيز بعض الفقهاء القتل على سبيل السّياسة في جرائم معيّنة.
وانظر تفصيل ذلك في مصطلح » تعزير «.
من له حقّ العقوبة سياسةً
30 - للعلماء خلاف في تحديد من له حقّ فرض العقوبة سياسةً. هل هو الإمام ، ونوّابه ، أم هو القاضي ؟.
وتفصيل ذلك في مصطلح » عقوبة ، تعزير '.