أخبار الإنترنت
recent

صيانة المياه٤

صيانة الموارد الطبيعية Conservation
=====
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
Behold! in the creation of the heavens and the earth; in the alternation of the night and the day; in the sailing of the ships through the ocean for the profit of mankind; in the rain which God sends down from the skies, and the life which he gives therewith to an earth that is dead; in the beasts of all kinds that he scatters through the earth; in the change of the winds, and the clouds which they trail like their slaves between the sky and the earth; (here) indeed are signs for a people that are wise.
=====
صيانة المياه٤
====

وتشكل مياه النظام النهري شبكة صرف للأراضي الزراعية في تلك المنطقة. وتسمى المنطقة التي تصرف مياهها في النظام النهري حوض صرف ذلك النظام. وتبلغ مساحة حوض صرف نهر الأمازون نحو 7,000,000كم² ويغطي حوض صرف نهر موراي جــنوب شـرقي أستراليا نحو سُبع مساحة أستراليا.
وهناك خط وهمي يسمى خط تقسيم المياه أو خط تقسيم الصرف، يفصل بين أحواض صرف الأنهار الرئيسية، وغالبًا ما يتبع هذا الخط قمة سلسلة جبال مرتفعة، مثل جبال الروكي في أمريكا الشمالية، التي تفصل الأنهار التي تنساب شرقًا نحو المحيط الأطلسي، أو غربًا نحو المحيط الهادئ. وتعد سلسلة جبال جريت ديفايدنج بأستراليا مثالاً آخر لخط تقسيم المياه. 
أجزاء النظام النهري . قد ينزح النهر الماء من مساحة ضخمة. منبع النهر في هذا الرسم مثلجة (نهر جليدي) في أعالي الجبال، غير أن أجزاء النظام النهري تتألف من جميع المياه التي تنساب إلى النهر والنهر ذاته.  
مجرى النهر. يتألف مجرى النهر من الأراضي الواقعة على جانبي المياه التي تنساب في ذلك النهر، ويسُمى السطح السُفلي لمجرى النهر بـ القاع. وتسُمى كل حافة من حافتي المجرى شط النهر. ويميل مجرى النهر إلى الانحدار الشديد قرب المنبع، وإلى الانبساط تقريبًا قرب المصب، ولذا يتدفق الماء في معظم الأنهار بأقصى سرعة له في أعالي المجرى.
وفي كثير من الأنهار، تقع المساقط المائية والشلالات في أعالي المجرى. وتتكون هذه المساقط المائية حيث تعترض النهر طبقة قوية من الصخر المقاوم. أما الصخور الرخوة في مهبط النهر فتتعرى بفعل جريان المياه، وينجم عن ذلك هبوط شديد الانحدار في مجرى النهر. وعندما يمر الماء على حافة الطبقة شديدة الصلابة من المجرى، يسقط إلى الجزء الأكثر انخفاضا. وتتكون الجنادل (المنحدرات) في مجرى النهر من جراء تدفق المياه بسرعة، فوق الجـــلامد الكبيرة، والــسلاسل الصــخرية تحت الماء. ويشـــــق تيار الأنـــهـار سريعــــة الجــريان ـ أحيانًا ـ خانقًا، وهو مجرى عميق تحفه جدران عالية تصل إلى قاع النهر.
قد يشق المجرى الأعلى للنهر ـ كذلك ـ وديانًا عبر اليابسة؛ فبينما ينساب النهر بسرعة إلى أسفل التل أو الجبل، تتآكل اليابسة بفعل قوة الماء ويتكون على شطي النهر واد شديد الانحدار على شكل حرف V الإنجليزي. وغالبًا ما يطلق الجغرافيون على المجرى الأعلى مرحلة الشباب وعلى المجرى الأوسط مرحلة النضج، وعلى المجرى الأدنى ـ عندما ينساب النهر محملاً بالطين ببطء عبر اليابسة ـ مرحلة الشيخوخة.
وفي مرحلة النضج، ينساب النهر بقوة، فيجرف معه التربة وهو يتلوى حول المنعطفات، ويكون الوادي أوسع مما كان عليه في مرحلة الشباب.
أما في مرحلة الشيخوخة، فتنساب معظم الأنهار عبر مناطق منبسطة ـ نسبيا ـ تُسمى سهولاً فيضية تغمرها المياه عندما يفيض النهر. وتبسط الفيضانات كلاً من الطين الخصب والطمي على التربة، كما أنها قد تكوِّن جسورًا طبيعية تتألف من ترسبات أرضية وصخرية تعُليِّ شطي النهر. وتُتاخم المستنقعات في السهول الفيضية الجسوُر الطبيعيةُ.
يبلـــغ اتساع السهول الفيضية لبعض الأنهار مئات الكيلومترات، ويميل مجرى النهر ـ حيث توجد السهول الفيضية الفسيحة ـ إلى الالتواء من أحد جانبي السهل إلى الجانب الآخر. وتعرف هذه الالتواءات بالتعرجات. ويمكن أن تكون التعرجات عقدًا كاملة ـ تقريبًا ـ ذات مضيق ضيــق من الأرض، يفصل بداية كل عقدة عن نهايتها، وعندما يفيض النهر، فإنه غالبًا ما يشق طريقه عبر هذا المضيق، وبعد انحسار مياه الفيضان، يستقيم النهر في جريانه، وتنفصل عنه العقدة فلا تستمد المياه منه. بل تمتلئ بمياه الأمطار والمياه الجوفية، وقد تظل لسنوات طويلة بحيرة على شكل هلال يطلق عليها البحيرة الهلالية.
مصب النهر. تنخفض سرعة جريان ماء النهر فجأة عند مصبه، وقد يؤدي هذا إلى تكون مسطح من الأرض يعرف باسم الدلتا، التي تتكون عند مصب النهر، وتمتد حتى البحيرة أو المحيط الذي يصب فيه النهر. وتتكون الدلتا، لأن النهر يحمل إلى مصبه نتاج عمليتي التعرية ونحت الصخور. وهو ما يطلق عليه حمولة النهر التي تكون ذائبة في المياه، ولا يمكن رؤيتها. وتختلط هذه الحمولة غير المرئية بمياه البحيرة أو المحيط عند مصـــب النهر. ويحمل النهر كذلك حمولة مرئية تتــألف من مواد تتراوح، بين الجلاميد وجسيمات الطمي الدقيقة. وأحيانًا ما تحدد الجسيمات الدقيقة في الحمولة المرئية لون مياه النهر التي قد تتراوح بين الأحمر والبني أو الأصفر، وتتكون الدلتا عندما يرسِّب النهر حمولته المرئية بسرعة عند المصب. ولكل من نهر المسيسيبي ونهر النيل دلتا كبيرة.
قد يتكون ـ حيث يكون المناخ جافًا ـ شكل أرضي يشبه الدلتا عندما يجري النهر من انحدار عال إلى انحدار أكثر انبساطًا. فعلى سبيل المثال، عندما ينساب النهر من انحدار جبلي إلى السهل. تقل سرعة جريانه. وعندئذ ترسِّب المياه حمولتها، مكــــونة كتلة أرضية على شكل مروحة تُسمى مروحة طميية.
ولبعـــض الأنهار مصبات عميقة متسعة تسمى مصب النهر. وقد تكونت المصبات النهرية بسبب ميل معظم الأنهار الرئيسية إلى أن تشق وديانها إلى مستوى سطح البحر. وقد انخفض مستوى سطح البحر ـ في عدة فترات في الماضي ـ إلى عدة مئات من الأمتار. فعلى سبيل المثال، انحصرت كمية كبيرة من المياه على الأرض على هيئة ثلج جليدي أثناء العصر البليستوسيني من العصر الجيولوجي، منذ مليون وثلاثة أرباع المليون إلى 10,000سنة مضت. ونتيجة لذلك، تشق الأنهار أوديتها على عمق، إلى حيث هبط مستوى سطح البحر مرة أخـــرى، وامتلأت الوديان العميقة ومصبات الأنهار بمياه المحيط، مكونة مصبات نهرية. ويطلق على أودية الأنهار التي تغمرها مياه البحار أودية مغمورة أو شرم. فعلى سبيل المثال، تُعد المداخل الساحلية العميقة جنوب غربي أيرلندا، وشمال غربي أسبانيا شرقًا أودية مغمورة. وتعد الفيوردات مداخل إلى البحر مشابهة للأودية المغمورة أو الشرم، ولكنها تكونت عندما غمر البحر الأودية العميقة، التي جرى حفرها عن طريق الأنهار الجليدية. ويشتمل ساحل النرويج على كثير من هذه الفيوردات وتحتوي المداخل البحرية العمـــيقة عند مصـــبات الأنـــهار على خلجان صغيرة من المياه العذبة من الأنهار والماء المالح من المحيط. ويمتد المصب النهري لنهر الأمازون في أمريكا الجنوبية لعدة مئات من الكيلومترات من المصب في اتجاه أعلى النهر.
*****
المَثْلَجَة Glacier كتلة ضخمة من الجليد، تتدفَّق ببطء على اليابسة. وتتشكل المثالج في المناطق القطبيَّة الباردة، وكذلك في الجبال العالية، حيث تساعد درجة الحرارة المنخفضة بهذه الأماكن، على تكوُّن الثلج بكميات هائلة، ثم يتحول إلى جليد. ويتراوح سمك معظم المثالج بين 100 إلى 3,000م.
وقد يحجز بعض ماء المطر في المثالج الجبلية، وعندما تزحف هذه المثالج على جوانب الجبال فإنها تنحت هذه الجبال إلى قمم حادة مثلمة خشنة.
مثلجة قارية تغطي معظم أنتاركتيكا، ويشكل الرَّصيف الجليدي المعروف باسم رف (رصيف) روس الجليدي جزءاً من اللَّوح الجليدي الضخم. وتعلو حوافه فوق سطح بحر روس على طول الحافة الغربية للقارة.  
أنواع المثالج. يوجد نوعان رئيسيان من المثالج هما: المثالج القارّيَّة، والمثالج الوادية. وهما يختلفان في الشكل والحجم والموقع.
المثالج القارِّيَّة ألواح من الجليد عريضة وسميكة جدًا، تغطي مساحات شاسعة من اليابسة، بالقرب من المناطق القطبيّة الأرضيَّة. فعلى سبيل المثال المثالج القارية بجرينلاند وأنتاركتيكا، تدفن الجبال والهضاب، كما تخفي الملامح الأرضية تماماً، فيما عدا القمم الشاهقة. وتتحد هذه المثالج عند المركز وتنحدر إلى الخارج في اتجاه البحر في جميع الاتجاهات.
المثالج الواديَّة أجسام طويلة وضيقة من الجليد، تملأ وديان الجبال العالية. ويتحرك العديد منها، أسفل الوديان المنحدرة من أغوار مجوفة، على شكل زبدية واقعة بين القمم. وتتكون المثالج الوادية، في جبال قرب خط الاستواء، مثل جبال شمال الأنديز بأمريكا الجنوبية، ولكن على ارتفاعات 4,500 م تقريبًا أو أكثر، كما تتشكل المثالج الوادية، على ارتفاعات أقل بجبال الألب الأوروبية وبجبال الألب الجنوبية في نيوزيلندا، وفي بعض السلاسل الجبلية القريبة من القطبين.
شكل مقطعي لمثلجة وادية  
كيف تتكوَّن المثالج. تبدأ المثالج في التَّشكل عندما تتساقط كميات من الثلج في الشتاء، لايمكن أن تذوب وتتبخر خلال فصل الصيف. فيتراكم الثلج المتزايد تدريجيًا في طبقات، ويتسبب وزنه المتزايد في دمج البلورات الثلجية تحت السَّطح، مكوِّنة كريات حبيبية الشَّكل. ويزداد اندماج الكرَّيات بعد عمق 15م أو أكثر، وتكوِّن بلورات جليدية كثيفة. وتتحد هذه البلورات، لتُشكِّل جليداً مثلجاً. وفي آخر الأمر يصبح الجليد سميكاً لدرجة أنه يبدأ في التَّحرك، بتأثير من ضغط وزنه الهائل.
تتأثر المثالج بالتغيرات الموسمية، المرتبطة بتساقط الثلوج ودرجة الحرارة. فتزيد معظم المثالج بصورة طفيفة في الحجم خلال الشّتاء، لأن الثّلج يتساقط على معظم سطحها. وتعزز درجات الحرارة الباردة تراكم الثّلج، كما تحدُّ من ذوبان الأجزاء السُّفلية من المثالج وذلك عندما تتحرّك الكتل الجليدية إلى أسفل. وفي الصَّيف يقل حجم المثالج في المناطق البعيدة عن القطبين، لأنّ ارتفاع درجات الحرارة، يسبب ذوبان الأجزاء السُّفلية. أما في المناطق القطبيَّة دائمة التَّجمُّد، فتتقلص المثالج لأسباب أخرى. وعلى سبيل المثال، عندما تصل المثالج إلى البحر، وتنفصل منها قطع ضخمة من الجليد، تسقط هذه القطع في ماء البحر لتكوِّن جبالاً جليدية عائمة.
قد تزيد أو تنقص المثالج في الحجم نتيجةً للتَّغيرات المُنَاخيَّة والتي تحدث لفترات طويلة. وعلى سبيل المثال: تزايد لوح الجليد الذي يغطي معظم جرينلاند بمعدل أقل بسبب الارتفاع التَّدريجي في درجة حرارة المنطقة، منذ أوائل القرن العشرين.
مثلجة واديَّة تنساب إلى أسفل أحد الوديان الجبلية في ألاسكا. والخطوط السَّوداء للحطام الصَّخري، وتسمى ركامًا تتخلل الجليد. وعندما يذوب الجليد فإنه يكوِّن بحيرة في نهاية المثلجة.  
حركة المثالج. تَتَدَفَّق المثالج إلى أسفل بسبب شدِّ الجاذبية، وتنزلق بلورات الجليد في عمق المثلجة بعضها فوق بعض، نتيجةً لضغط الطّبقات السَّطحيَّة. وتسبب هذه الحركات الصَّغيرة للبلورات المفردة، حركةَ كُتلة الجليد كلها. ويسهم أيضاً ذوبان وإعادة تجمُّد بلورات الثلج بمحاذاة قاعدة المثلجة في انزلاقها لأسفل. وتذيب الحرارة النَّاتجة عن الاحتكاك، والحرارة الخارجة من باطن الأرض بعض بلورات الجليد بالطبقة السُّفلية للمثلجة. ويتدفق الماء من البلورات الذّائبة، مندفعًا إلى أسفل، لملء الفراغات القريبة المفتوحة في الطَّبقة وتتجمد من جديد، مكونة بلورات جليدية جديدة.
ويكون سطح المثلجة، شديداً وصلباً على عكس كتلة الجليد السُّفلية. وغالبًا ما تتشقق لتشكل شروخًا عميقة تُعرف باسم الصدوع الغائرة حيث تسير المثلجة فوق أرض غير مستوية أو شديدة الانحدار. وتنمو كذلك الصُّدوع الغائرة، لأنَّ الطَّبقات العليا من المثلجة تتحرَّك بسرعة أكبر من طبقاتها السُّفلية.
تسير معظم المثالج ببطء شديد، وتتحرك أقل من 30سم في اليوم، ولكنَّها أحيانًا قد تسير بسرعة أكبر ولعدة سنوات. وعلى سبيل المثال: تتحرك بعض المثالج في بعض الأوقات لأكثر من 15م في اليوم. وتتحرَّك الأجزاء المختلفة من المثلجة بسرعات متفاوتة. كما تتحرَّك الأجزاء المركزية والعليا للمثلجة الواديَّة بسرعة، في حين تتحرَّك الجوانب والقاع ببطء، لأنَّها تحتكُّ بجدران الوادي وقاعه. ويقيس العلماء سرعة المثلجة بغرس أوتاد في الجليد بنقاط مختلفة وتسجيل التَّغيُّر في أماكنها كلَّ فترة.
أشكال تضاريسية تشكلها المثالج عندما تذوب المثلجة فإنها تترك أكوامًا من الصخور الصلدة وتلالاً دائرية وهضابًا ضيقة من الركام الصخري. تتجمع المياه الذائبة من المثالج بالتجاويف في الصخور المفككة لتكون بحيرات.  
كيف تُشكَّل المثالج اليابسة. عندما تمر المثالج فوق منطقة ما، فهي تُسهم في تشكيل معالمها. وتبتدع أشكالاً من التَّضاريس بالتَّعرية والنَّقل والتَّرسيب للحطام الصَّخري. لقد غيَّرت المثالج وبدرجة كبيرة أسطح أجزاء شاسعة من أوروبا وأمريكا الشَّمالية، أثناء العصر الجليدي الذي انتهى منذ 14,000 إلى 10,000 سنة. 
تَحَاتُّ المثالج يحدث عندما تجرف كتلة جليديَّة متقدمة الكِسَرَ الصَّخرية، وتجرها على امتداد قاعدتها. وبهذه الطرَّيقة، فإنَّ المثلجة تطحن صخور الأساس ـ وهي طبقة الصُّخور الصَّلدة تحت الكسَر الصَّخرية المفككة ـ منتجة أسطحًا مصقولة، ولكن غالبًا ما تكون مخدوشة. وعندما يَقل حجم المثلجة، فإنَّها تترك وراءها روابي عريضة من صخور الأسْاس الصَّلدة، تعرف باسم صخور الجبال، ويكون أحد جوانب هذا النَّوع من التضاريس مستديراً وناعماً، بينما يكون الجانب الآخر خشناً وغير منتظم.
قد تنشئ المثلجة في الوديان الجبلية تجويفاً مستديراً يسمى المدرَّج بالقرب من قمة الجبل، ويتشكَّل المدرَّج عندما يزيح الجزء العلوي للمثلجة كتلاً صخريةً من الأجراف المحيطة، ويمكن أيضاً أن تحفر المثلجة منخفضاً على شكل حرف ن في الوديان النَّهريَّة. ومثل هذا المنخفض، الذي يتشكَّل تحت مستوى سطح البحر ويغمر بالمحيط يُسمى الفيورد.
الفْيورْد Fiord  خليج صغير أو ذراع بحرية. وهي كلمة نرويجية تطلق على الخلجان العميقة والمداخل البحرية التي تقع على طول الساحل الجبلي للشواطئ النرويجية. ويعتقد علماء الجيولوجيا أنها قد حدثت من جراء التعرية النهرية، ثم عمقتها المثالج (الأنهار الجليدية) منذ ملايين خلت من السنين. ولمعظم الفيوردات جُدَّات متوازية (أجسام بركانية) ضحلة عند بدايتها إلا أنها تصبح غائصة كلما تقدمنا إلى الداخل.
وتوجد خلجان شبيهة بتلك الفيوردات التي تنتشر في النرويج في كل من سواحل ألاسكا ومين في الولايات المتحدة، وكولومبيا البريطانية بكندا، وكذلك في السواحل النيوزيلندية. اللسان البحري ومصب النهر هما المصطلحان البريطانيان اللذان يطلقان على مثل هذه الخلجان.
رسوبيات المثالج تتكوَّن من طين ورمل وصخور ذات أحجام مختلفة. وتعمل المثالج على تراكم هذه المواد مشكلة تلالاً غير مستوية تسمى الرُّكام. وتعرف سلسلة التلال المحاذية لجانبي المثلجة الوادية بالرُّكام الجانبي. وعندما تلتقي مثلجتان واديتان معًا، يندمج الرُّكام الجانبي لهاتين المثلجتين، ليتشكل الرُّكام الوسطي على طول مركز التقاء الكتلة الجليدية المتضامة. ويُسمَّى التَّلُّ الشديد الانحدار، عند النِّهاية السفلى لمثلجة الوادي بالرُّكام الطَرَفي. ويتكوَّن مثل هذا الركام حول حافة المثلجة القارية.
تشمل الأشكال التَّضاريسيَّة الأخرى، المصاحبة للرَّواسب المثلجية تلالاً جليدية بيضية الشَّكل وكثبانًا مثلجية. وتتكوَّن التلال المثلجية البيضية عادة من حطام صخري، وتتشكَّل معظم التلال المثلجية البيضية في مجموعات. والتل المثلجي، تل طويل ضيق من الرَّمل والحصى، ترسب بوساطة تيار ماء متدفق، في نفق تحت مثلجة ذائبة.
المثالج المشهورة. توجد في أوروبا معظم المثالج العالمية البارزة، وأكثر هذه المثالج شهرة، هي تلك التي في جبال الألب الفرنسية والسويسرية. وتشمل هذه المثالج الميردي غلاس على المون بلان، ومثلجة اليتشي قرب الغنغفراو. وأكبر المثالج بالقارة الأوروبية، هي مثلجة غوستيدالا بالنرويج. وتغطي حوالي 780 كم².
تغطي مثالج عظمى أخرى أقاليم شمال غربي أمريكا الشَّمالية. وأكبر هذه المثالج وأعظمها شهرة، هي مثلجة ألاسبينا، والتي تغطي مساحة 2,176كم² على خليج ياكوتات في ألاسكا. كما توجد 12 مثلجة كبيرة في جزيرة نيوزيلندا الجنوبية. وأكبر مثلجة على الإطلاق هي مثلجة تاسمان ويبلغ طولها 29كم.
ويقوم المحيط أيضًا بتغيير وجه الأرض. فعندما تضرب أمواج المحيط وجه الشاطئ فإنها تجرف التربة وتترك الصخور العالية. وتحمل هذه الأمواج المواد التي جرفتها إلى البحر. وقد تتكوم بعض هذه المواد وتتراكم على هيئة حواجز رملية بالقرب من الشاطئ. من أجل مزيد من المعلومات عن كيفية تشكيل الماء لسطح الأرض.
*****
التعرية Erosion عملية طبيعية تتحرر وتتفكك فيها التربة والصخور من سطح الأرض في منطقة معينة وتنتقل إلى منطقة أخرى. وتعمل التعرية على تشكيل وتغيير معالم الأرض بتفتيت الجبال وردم الأودية وجعل الأنهار تظهر أو تختفي. وهي عادة عملية بطيئة وتدريجية تحدث على مدى آلاف أو ملايين السنين. ولكن معدل التعرية يمكن أن يزيد بفعل الأنشطة مثل التعدين. 
التعرية بفعل الماء قد تحدث سريعا من جراء مياه الأمطار المندفعة من المرتفعات الى الأراضي المنخفضة العارية من النباتات. الزراعة في شرائح. تعاقب زراعة المحصولات وتبديلها بمحصولات أخرى, يساعد على خفض نسبة تعرية التربة في الأراضي المنحدرة. 
كيف تحدث التعرية. تبدأ التعرية بعملية التجوية، وفيها تعمل عوامل بيئيَّة متعددة على تفتيت الصخور والتربة إلى أجزاء أصغر بحيث تحررها من سطح التربة. ويعد تكوُّن الجليد واحدًا من أهم أسباب التجوية. فحين تتجمد المياه فإنها تأخذ حيزًا أكبر في شقوق الصخور ويصبح بإمكانها تفتيت الصخور إلى أجزاء. ومن الأسباب الأخرى للتجوية: العوامل الكيميائية والكائنات الحية، وحركة الهواء أو الجليد والماء والحرارة المنبعثة من الشمس. ثم تنتقل المواد إلى مناطق أخرى بعد أن تتحرر بالتجوية. فعلى سبيل المثال، ترفع الرياح الجسيمات عن سطح الأرض وتنقلها إلى مسافات شاسعة. وكذلك تنقل المثالج المواد الموجودة فيها. وتنقل قطرات المطر المتساقطة على الأرض المنحدرة الجسيمات إلى الأراضي المنخفضة. ويحمل مجرى المياه المواد إلى مجرى النهر أو إلى البحر. 
التعرية السطحية تحدث نتيجة انجراف الطبقة العليا من التربة بفعل الرياح، مما يتلف الأراضي الزراعية. التعرية الأخدودية تتسبب فيها الرياح والأمطار بحيث تتسع المصارف والأنهار مشكِّلة بذلك الأخاديد. 
آثار التعرية. يمكن أن تكون التعرية إيجابية أو سلبية. فهي تساعد الناس على الإسهام في تشكيل التربة الناجمة عن تفتت الصخور. كما تشكل تربة خصبة تترسب في الأودية ومَصَبَّات الأنهار. وقد كونت التعرية بعض التشكيلات الجيولوجية الرائعة. فالوادي العظيم (الجراند كانيون) في الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال ـ تشكل على مدى ملايين السنين بوساطة التعرية من نهر كولورادو.
أما أبرز الآثار السلبية للتعرية، فسلبها للتربة السطحية الغنية في الأراضي الزراعية. ولهذا تُعَدُّ أحد الأخطار التي تهدد مصادر الغذاء. ويمكن أن تؤدي التعرية إلى غسل الأسمدة من الأراضي الزراعية ونقل المواد الكيميائية التي تسبب التلوث في البحيرات والأنهار. وقد تسد التربة المعراة قنوات الري والبرك والخزانات. وقد تتسَّبب الأخاديد الناشئة عن جريان المياه في تدمير الحقول بجعلها صغيرة جدًا لزراعتها بالجرارات والمعدات الأخرى الحديثة.
التعرية بفعل المثالج. ويحدث ذلك عبر آلاف السنين, عندما تحرك كتل الجليد ببطء سفوح الجبال.  
التحكم في التعرية. رغم أن التعرية عملية طبيعية إلا أن الناس يمكن أن يؤثروا في ازديادها. تزيد تعرية التربة، على سبيل المثال، حين تنظف الأراضي وتحرث، لأن الأشجار وبعض النباتات تحمي التربة من الرياح والأمطار.
وتعمل جذور هذه النباتات وبقايا النباتات السابقة على تثبيت التربة في مكانها. وهكذا يمكن للمزارعين الحد من تجريف التربة، وذلك بإبقاء الحقول التي كانت قد زرعت بمثل هذه النباتات الكثيفة النمو في مكانها مثل العشب أو الفصفصة. كما أن هناك العديد من المزارعين الذين عملوا على تقليل نسبة تجريف التربة، وذلك عن طريق استعمال أسلوب معين في صيانة التربة، يتم فيه إبقاء المخلفات السابقة على سطح التربة. وهناك أساليب أخرى لحفظ التربة من الانجراف، من ضمنها الحرث الكونتوري، والزراعة الشريطية، وعمل المصطبات.
*****
كيف تكوّن الماء. يعتقد بعض العلماء أن الأرض تكونت من مواد أتت من الشمس الملتهبة. احتوت هذه المواد على عناصر شكلت الماء. وبعد أن بردت الأرض وأصبحت صلبة، حُجز هذا الماء في صخور قشرة الأرض، ثم تحرر منها تدريجيًا بحيث ملأ أحواض المحيطات. ولدى بعض العلماء أفكار أخرى عن كيفية تكوّن الأرض والماء. والأرض من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وآية من آياته. فقد جاءت في القرآن آيات كثيرة تشير إلى ذلك مثل قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام﴾ ق: 38. وقوله: ﴿خلق السموات والأرض بالحق﴾ الزمر:5.
مشكلة إمدادات المياه
أقلق تناقص كميات المياه الجوفية الناس عبر التاريخ. وفي هذه الأيام يسبب قلقًا أكثر من أي وقت مضى؛ إذ إن الحاجة للماء العذب في ازدياد مستمر. ويتخوف كثير من الناس من أنه لايوجد في العالم مايكفي من الماء لمواجهة كامل احتياجاتهم، مع أن كميات الماء الموجودة في العالم دائمة ومساوية لكمياته التي كانت موجودة سابقًا. ويمر كل الماء الذي نستعمله عبر دورة الماء الطبيعية الكبيرة وبالإمكان استعماله مرات ومرات.
وتكفي كميات الماء الكلية الموجودة على الأرض لمواجهة كل الاحتياجات المائية. ومع هذا فإن الماء على الأرض ليس موزعًا بالتساوي؛ فبعض المناطق تعاني الجفاف الدائم وبعض المناطق الأخرى بها كميات وفيرة من الماء ولكنها قد تتأثر بالجفاف أحيانًا. وبالإضافة لهذا تسبب الناس في مشاكل مائية عديدة بسبب سوء تعاملهم وسوء إدارتهم للموارد المائية.
التوزيع غير المتوازن للأمطار  
توزيع الماء في العالم. في الأرض كميات هائلة من الماء تبلغ حوالي 1,4 بليون كم§. و97% من هذا الماء ماء محيطات مالح وأكثر من 2% منه محجوز في المثالج والغطاءات الثلجية. وماتبقى من الماء (1% فقط) يوجد معظمه تحت سطح الأرض، ومابقي منه يشمل ماء البحيرات والأنهار والينابيع والبرك الكبيرة والصغيرة، كما يشمل ماء المطر والثلج وبخار الماء الموجود في الهواء.
تتحدد موارد الماء لقطر ما عن طريق الأمطار في ذلك القطر. وفي بعض الأقطار كجنوبي السودان وإثيوبيا وأوغندا، حيث الأمطار الغزيرة، توجد كميات كبيرة من الماء في البحيرات والأنهار ومكامن المياه الجوفية.
وتتلقى الأرض بشكل عام كميات كبيرة من مياه الأمطار. ولو أن هذه الأمطار سقطت بالتساوي على الأرض لتلقت الأرض حوالي 86سم سنويًا. ولكن الأمطار لاتتوزع بالتساوي، فمثلاً نجد أن شمال شرقي الهند يُشبع سنويًا بما يزيد على 1,000سم من المطر، بينما نجد تشيلي قد لاتتلقى أمطارًا البتة لعدة سنوات.
وعمومًا تتلقى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في العالم كميات كافية من الأمطار تواجه احتياجاتها. وتشمل هذه المناطق معظم أوروبا وإفريقيا إلاَّ شمالها وجنوب شرقي آسيا وشرقيّ الولايات المتحدة والهند ومعظم الصين والمناطق الشمالية الغربية من روسيا. ولكن حوالي نصف الأرض لايحصل على أمطار كافية. وهذه المناطق الجافة تشمل معظم آسيا ووسط أستراليا ومعظم شمالي إفريقيا والشرق الأوسط.
ويعتبر الماء موردًا نادرًا شحيحًا في أستراليا حيث يبلغ معدل سقوط الأمطار عبر القارة الأسترالية 420ملم في السنة فقط. وفي كثير من المناطق فإن الأمطار ليست قليلة فقط بل، تكون متغيرة وغير مضمونة. ويحدث الجفاف أحيانًا وعلى فترات في المناطق الداخلية الحارة. ويتبخر معظم ماء المطر بسرعة كبيرة قبل أن يجري في الجداول والأنهار. ويبلغ معدل جريان الماء على سطح الأرض في كل القارة 5 ملم في السنة فقط.
وبسبب نقص المياه في أستراليا أقام المهندسون مشاريع ضخمة مكلفة لتخزين الماء لاحتياجات المدن الرئيسية ولري الأراضي. وبعض هذه المشاريع تقلل من الدمار الذي تسببه الفيضانات كما استُعمل بعضها الآخر في توليد الطاقة الكهربائية.
وأكثر هذه المشاريع إتقانًا مخطط جبال سنووي الذي استغرق إنشاؤه أكثر من خمسة وعشرين عامًا، ويحتوي على 16 سدًا كبيرًا و7 محطات توليد كهربائية ضخمة. ويضخ المشروع حوالي 2,300 بليون لتر من الماء كل عام. ويستعمل بعض هذا الماء لري وديان نهري موري ومورامبدجي.
ُيعطي الماء السطحي ما معدله 85 لترًا من كل 100 لتر من احتياجات أستراليا المائية. وبالإضافة لهذا، هناك ما معدله 13 لترًا من كل مائة لتر يأتي من المياه الجوفية. وفي بعض المناطق يضخ المزارعون الماء من الحُفر والآبار التي تم حفرها في بعض الصخور الرملية الضحلة الحاملة للمياه. ويحصل المزارعون في مناطق أخرى على ماء جوفي من آبار يبلغ عمقها مئات الأمتار. ويكون ماء الآبار الإرتوازية في العادة نصف مالح لا يصلح للشرب ولكنه يستعمل بشكل رئيسي لسقي الماشية والقطعان. وهناك ما معدله لتر واحد من كل مائة لتر من الماء يعد ماء مستهلكًا مهدرًا في القارة الأسترالية حيث يستخدم في عمليات الري.
الجفاف يحدث حينما تهطل على منطقة ما أمطار أقل من المعتاد لفترة طويلة، مما يجعل التربة ظمأى وجافة ومتشققة. 
الصحراء تستقبل نسبًا ضئيلة من مياه الأمطار مما ينجم عنه جفاف بعض الأراضي، غير أنها تزود القليل من النبات والحيوان بالماء. 
الانزلاق الوحلي يحدث عندما يشبع انهمار أمطار غزيرة منطقة قلما تستقبل كميات كبيرة من المطر. 
نقص المياه. لاتحصل مناطق عديدة من العالم على أمطار كافية، وتعاني نقصًا ثابتًا ودائمًا في المياه. كما أن مناطق أخرى عديدة تتلقى طبيعيًّا كميات كافية من الأمطار، إلا أنها يمكن أن تتعرض فجأة إلى سنوات من الجفاف. ويكون المناخ متقلبًا خصوصًا في المناطق التي تسقط عليها أمطار خفيفة. وتتعرض مثل هذه المناطق لسلسلة من سنوات الجفاف المدمرة.
في ثلاثينيات القرن العشرين، تأثر الجزء الجنوبي الغربي من الولايات المتحدة الذي يعتبر منطقة جافة، لأطول فترات من الجفاف في تاريخه. وأدت الرياح لكنس التربة الجافة وسببت عواصف ترابية عاتية. وأصبح معظم المنطقة معروفًا باسم العواصف الغبارية، واضطرت مئات من عائلات المزارعين لهجر منازلها. تتعاقب فترات هطول أمطار قليلة مع فترات أمطار غزيرة من سنة لأخرى ومن مكان لآخر. وفي ثمانينيات القرن العشرين أصاب الجفاف مناطق في الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل وإثيوبيا، وباراجواي، وأروجواي، وكثيرًا من الأقطار الأخرى. وفي الوقت ذاته اجتاحت فيضانات قوية بعض أجزاء من بنغلادش والصين والهند وأقطار أخرى.و تعاني مناطق عديدة نقص الماء لأن السكان لا يهيئون أنفسهم لمواجهة فترات يقل فيها المطر عن المعتاد. وكان من الممكن أن يتوقف نقصان الماء هذا وتتم السيطرة عليه لو أن الناس أنشأوا بحيرات صناعية أو خزانات ووسائل أخرى تنجيهم من الجفاف.
خلال ستينيات القرن العشرين، انخفض معدل هطول الأمطار في شمال شرقي الولايات المتحدة إلى ما دون معدله الطبيعي لعدة سنوات، وكان على كثير من المدن أن تحد من استعمال الماء. وعانت مدينة نيويورك بشكل خاص وذلك بسبب كثافتها السكانية العالية. وبهدف المحافظة على الماء أوقف السكان استعمال مكيفات الهواء التي تعمل بالماء وتركوا مروجهم تذبل، وحدّت المطاعم من تقديم الماء للزبائن وأعلنت المدينة منطقة منكوبة. ونشأت مشاكل مدينة نيويورك لكونها لاتملك خزانات مياه ولاشبكات توزيع كافية ولا وسائل أخرى لإمداد المدينة بالماء خلال فترات الأمطار الخفيفة التي تدوم طويلاً.
إدارة موارد الماء والمحافظة عليها. حاول الناس عبر تاريخهم زيادة مواردهم المائية. فقد حاولوا الاستمطار وصلوا لله واستسقوه، (صلاة الاستسقاء). وأقاموا رقصات المطر. 
*****
استسقاءٌ (صلاة الاستسقاء) 
«التعريف» 
1 - الاستسقاء لغةً : طلب السّقيا ، أي طلب إنزال الغيث على البلاد والعباد. 
والاسم : السّقيا بالضّمّ ، واستسقيت فلاناً : إذا طلبت منه أن يسقيك. 
والمعنى الاصطلاحيّ للاستسقاء هو : طلب إنزال المطر من اللّه بكيفيّةٍ مخصوصةٍ عند الحاجة إليه. 
«صفته : الحكم التّكليفيّ» 
2 - قال الشّافعيّة ، والحنابلة ، ومحمّد بن الحسن من الحنفيّة : الاستسقاء سنّةٌ مؤكّدةٌ ، سواءٌ أكان بالدّعاء والصّلاة أم بالدّعاء فقط ، فعله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصحابته والمسلمون من بعدهم. 
وأمّا أبو حنيفة فقال بسنّيّة الدّعاء فقط ، وبجواز غيره. 
وعند المالكيّة 
«تعتريه الأحكام الثّلاثة التّالية» 
الأوّل : سنّةٌ مؤكّدةٌ ، إذا كان للمحلّ والجدب ، أو للحاجة إلى الشّرب لشفاههم ، أو لدوابّهم ومواشيهم ، سواءٌ أكانوا في حضرٍ ، أم سفرٍ في صحراء ، أو سفينةٍ في بحرٍ مالحٍ. 
الثّاني : مندوبٌ ، وهو الاستسقاء ممّن كان في خصبٍ لمن كان في محلٍّ وجدبٍ ؛ لأنّه من التّعاون على البرّ والتّقوى. 
ولما روى ابن ماجه « ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر جسده بالسّهر والحمّى » . 
وصحّ : « دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابةٌ ، عند رأسه ملكٌ موكّلٌ كلّما دعا لأخيه بخيرٍ قال الملك الموكّل به : آمين ولك بمثلٍ » . 
ولكنّ الأوزاعيّ والشّافعيّة قيّدوه بألاّ يكون الغير صاحب بدعةٍ أو ضلالةٍ وبغيٍ. 
وإلاّ لم يستحبّ زجراً وتأديباً ؛ ولأنّ العامّة تظنّ بالاستسقاء لهم حسن طريقهم والرّضى بها ، وفيها من المفاسد ما فيها. 
مع أنّهم قالوا : لو احتاجت طائفةٌ من أهل الذّمّة وسألوا المسلمين الاستسقاء لهم فهل ينبغي إجابتهم أم لا ؟ الأقرب : الاستسقاء لهم وفاءً بذمّتهم. 
ثمّ علّلوا ذلك بقولهم : ولا يتوهّم مع ذلك أنّا فعلناه لحسن حالهم ؛ لأنّ كفرهم محقّقٌ معلومٌ. 
ولكن تحمل إحابتنا لهم على الرّحمة بهم ، من حيث كونهم من ذوي الرّوح ، بخلاف الفسقة والمبتدعة. 
الثّالث : مباحٌ ، وهو استسقاء من لم يكونوا في محلٍّ ، ولا حاجة إلى الشّرب ، وقد أتاهم الغيث ، ولكن لو اقتصروا عليه لكان دون السّعة ، فلهم أن يسألوا اللّه من فضله. 
«دليل المشروعيّة» 
3 - ثبتت مشروعيّته بالنّصّ والإجماع ، أمّا النّصّ فقوله تعالى : «فقلت استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً يرسل السّماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جنّاتٍ ويجعل لكم أنهاراً» . 
كما استدلّ له بعمل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وخلفائه والمسلمين من بعده ، فقد وردت الأحاديث الصّحيحة في استسقائه صلى الله عليه وسلم. 
روى أنسٌ رضي الله عنه : « أنّ النّاس قد قحطوا في زمن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فدخل رجلٌ من باب المسجد ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخطب. 
فقال : يا رسول اللّه هلكت المواشي ، وخشينا الهلاك على أنفسنا ، فادع اللّه أن يسقينا. 
فرفع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللّهمّ اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مغدقاً عاجلاً غير رائثٍ. 
قال الرّاوي : ما كان في السّماء قزعةٌ ، فارتفعت السّحاب من هنا ومن هنا حتّى صارت ركاماً ، ثمّ مطرت سبعاً من الجمعة إلى الجمعة. 
ثمّ دخل ذلك الرّجل ، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب ، والسّماء تسكب ، فقال : يا رسول اللّه تهدّم البنيان ، وانقطعت السّبل ، فادع اللّه أن يمسكه ، فتبسّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لملالة بني آدم. 
قال الرّاوي : واللّه ما نرى في السّماء خضراء. 
ثمّ رفع يديه ، فقال : اللّهمّ حوالينا ولا علينا ، اللّهمّ على الآكام والظّراب ، وبطون الأودية ، ومنابت الشّجر. 
فانجابت السّماء عن المدينة حتّى صارت حولها كالإكليل » . 
واستدلّ أبو حنيفة بهذا الحديث وجعله أصلاً ، وقال : إنّ السّنّة في الاستسقاء هي الدّعاء فقط ، من غير صلاةٍ ولا خروجٍ. 
واستدلّ الجمهور بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « شكا النّاس إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قحوط المطر ، فأمر بمنبرٍ فوضع له في المصلّى ، ووعد النّاس يوماً يخرجون فيه ، قالت عائشة : فخرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشّمس ، فقعد على المنبر ، فكبّر وحمد اللّه عزّ وجلّ ثمّ قال : إنّكم شكوتم جدب دياركم ، واستئخار المطر عن إبّان زمانه عنكم ، وقد أمركم اللّه عزّ وجلّ أن تدعوه ، ووعدكم أن يستجيب لكم. 
ثمّ قال : الحمد للّه ربّ العالمين ، الرّحمن الرّحيم ، مالك يوم الدّين ، لا إله إلاّ اللّه يفعل ما يريد ، اللّهمّ أنت اللّه لا إله إلاّ أنت ، أنت الغنيّ ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوّةً وبلاغاً إلى حينٍ. 
ثمّ رفع يديه فلم يزل في الرّفع حتّى بدا بياض إبطيه ، ثمّ حوّل إلى النّاس ظهره ، وقلب أو حوّل رداءه وهو رافعٌ يديه ، ثمّ أقبل على النّاس ، ونزل فصلّى ركعتين ، فأنشأ اللّه سحابةً فرعدت وبرقت ثمّ أمطرت بإذن اللّه تعالى ، فلم يأت مسجده حتّى سالت السّيول ، فلمّا رأى سرعتهم إلى الكنّ ضحك حتّى بدت نواجزه فقال : أشهد أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٍ ، وأنّي عبد اللّه ورسوله » . 
وقد استسقى عمر رضي الله عنه بالعبّاس ، وقال : اللّهمّ إنّا كنّا إذا قحطنا توسّلنا إليك بنبيّك فتسقينا ، وإنّا نتوسّل بعمّ نبيّك فاسقنا فيسقون. 
وكذلك روي أنّ معاوية استسقى بيزيد بن الأسود. 
فقال : اللّهمّ إنّا نستسقي بخيرنا وأفضلنا ، اللّهمّ إنّا نستسقي بيزيد بن الأسود ، يا يزيد ارفع يديك إلى اللّه تعالى « فرفع يديه ، ورفع النّاس أيديهم. 
فثارت سحابةٌ من الغرب كأنّها ترسٌ ، وهبّ لها ريحٌ ، فسقوا حتّى كاد النّاس ألاّ يبلغوا منازلهم. 
aaحكمة المشروعيّةaa
4 - إنّ الإنسان إذا نزلت به الكوارث ، وأحدقت به المصائب فبعضها قد يستطيع إزالتها ، وبعضها لا يستطيع بأيّ وسيلةٍ من الوسائل ، ومن أكبر المصائب والكوارث الجدب المسبّب عن انقطاع الغيث ، الّذي هو حياة كلّ ذي روحٍ وغذاؤه ، ولا يستطيع الإنسان إنزاله أو الاستعاضة عنه ، وإنّما يقدر على ذلك ويستطيعه ربّ العالمين فشرع الشّارع الحكيم سبحانه الاستسقاء ، طلباً للرّحمة والإغاثة بإنزال المطر الّذي هو حياة كلّ شيءٍ ممّن يملك ذلك ، ويقدر عليه ، وهو اللّه جلّ جلاله. 
aaأسباب الاستسقاءaa
5 - الاستسقاء يكون في أربع حالاتٍ : 
الأولى : للمحلّ والجدب ، أو للحاجة إلى الشّرب لشفاههم ، أو دوابّهم ومواشيهم ، سواءٌ أكانوا في حضرٍ ، أم سفرٍ في صحراء ، أم سفينةٍ في بحرٍ مالحٍ. 
وهو محلّ اتّفاقٍ. 
الثّانية : استسقاء من لم يكونوا في محلٍّ ، ولا حاجة إلى الشّرب ، وقد أتاهم الغيث ، ولكن لو اقتصروا عليه لكان دون السّعة ، فلهم أن يستسقوا ويسألوا اللّه المزيد من فضله. 
وهو رأيٌ للمالكيّة والشّافعيّة. 
الثّالثة : استسقاء من كان في خصبٍ لم كان في محلٍّ وجدبٍ ، أو حاجةٍ إلى شربٍ. 
قال به الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة. 
الرّابعة : إذا استسقوا ولم يسقوا. 
اتّفقت المذاهب الأربعة : الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة على تكرار الاستسقاء ، والإلحاح في الدّعاء ؛ لأنّ اللّه تعالى يحبّ الملحّين في الدّعاء ، ولقوله تعالى : {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ولكن قست قلوبهم} ولأنّ الأصل في تكرار الاستسقاء قوله صلى الله عليه وسلم : » يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي « ولأنّ العلّة الموجبة للاستسقاء هي الحاجة إلى الغيث ، والحاجة إلى الغيث قائمةٌ. 
قال أصبغ في كتاب ابن حبيبٍ : وقد فعل عندنا بمصر ، واستسقوا خمسةً وعشرين يوماً متواليةً يستسقون على سنّة الاستسقاء ، وحضر ذلك ابن القاسم وابن وهبٍ. 
إلاّ أنّ الحنفيّة قالوا بالخروج ثلاثة أيّامٍ فقط ، وقالوا : لم ينقل أكثر من ذلك. 
ولكن صاحب الاختيار قال : يخرج النّاس ثلاثة أيّامٍ متتابعةٍ. 
وروي أكثر من ذلك. 
aaأنواعه وأفضلهaa
6 - والاستسقاء على ثلاثة أنواعٍ. 
اتّفق على ذلك فقهاء المذاهب الأربعة ؛ لثبوت ذلك عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. 
وقد فضّل بعض الأئمّة بعض الأنواع على بعضٍ ، ورتّبوها حسب أفضليّتها. 
فقال الشّافعيّة والحنابلة : 
aaالاستسقاء ثلاثة أنواعٍaa
aaالنّوع الأوّلaa
وهو أدناها ، الدّعاء بلا صلاةٍ ، ولا بعد صلاةٍ ، فرادى ومجتمعين لذلك ، في المسجد أو غيره ، وأحسنه ما كان من أهل الخير. 
aaالنّوع الثّانيaa
وهو أوسطها ، الدّعاء بعد صلاة الجمعة أو غيرها من الصّلوات ، وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك. 
قال الشّافعيّ في الأمّ : وقد رأيت من يقيم مؤذّناً فيأمره بعد صلاة الصّبح والمغرب أن يستسقي ، ويحضّ النّاس على الدّعاء ، فما كرهت ما صنع من ذلك. 
وخصّ الحنابلة هذا النّوع بأن يكون الدّعاء من الإمام في خطبة الجمعة على المنبر. 
aaالنّوع الثّالثaa
وهو أفضلها ، الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين ، وتأهّبٍ لها قبل ذلك ، على ما سيأتي في الكيفيّة. 
يستوي في ذلك أهل القرى والأمصار والبوادي والمسافرون ، ويسنّ لهم جميعاً الصّلاة والخطبتان ، ويستحبّ ذلك للمنفرد إلاّ الخطبة. 
وقال المالكيّة : الاستسقاء بالدّعاء سنّةٌ ، أي : سواءٌ أكان بصلاةٍ أم بغير صلاةٍ ، ولا يكون الخروج إلى المصلّى إلاّ عند الحاجة الشّديدة إلى الغيث ، حيث فعله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. 
وأمّا الحنفيّة : فأبو حنيفة يفضّل الدّعاء والاستغفار في الاستسقاء ؛ لأنّه السّنّة ، وأمّا الصّلاة فرادى فهي مباحةٌ عنده ، وليست بسنّةٍ ، لفعل الرّسول لها مرّةً وتركها أخرى. 
وأمّا محمّدٌ فقد قال : الاستسقاء يكون بالدّعاء ، أو بالصّلاة والدّعاء ، والكلّ عنده سنّةٌ ، وفي مرتبةٍ واحدةٍ وأمّا أبو يوسف فالنّقل عنه مختلفٌ في المسألة ، فقد روى الحاكم أنّه مع الإمام ، وروى الكرخيّ أنّه مع محمّدٍ ، ورجّح ابن عابدين أنّه مع محمّدٍ. 
aaوقت الاستسقاءaa
7 - إذا كان الاستسقاء بالدّعاء فلا خلاف في أنّه يكون في أيّ وقتٍ ، وإذا كان بالصّلاة والدّعاء ، فالكلّ مجمعٌ على منع أدائها في أوقات الكراهة ، وذهب الجمهور إلى أنّها تجوز في أيّ وقتٍ عدا أوقات الكراهة. 
والخلاف بينهم إنّما هو في الوقت الأفضل ، ما عدا المالكيّة فقالوا : وقتها من وقت الضّحى إلى الزّوال ، فلا تصلّى قبله ولا بعده ، وللشّافعيّة في الوقت الأفضل ثلاثة أوجهٍ : 
الأوّل : ووافقهم عليه المالكيّة ، وهو الأولى عند الحنابلة : وقت صلاة الاستسقاء وقت صلاة العيد. 
وبهذا قال الشّيخ أبو حامدٍ الإسفرايينيّ وصاحبه المحامليّ في كتبه : المجموع ، والتّجريد ، والمقنع ، وأبو عليٍّ السّنجيّ ، والبغويّ. 
وقد يستدلّ له بحديث ابن عبّاسٍ الّذي روته السّنن الأربع عن إسحاق بن عبد اللّه بن كنانة قال : » أرسلني الوليد بن عتبة - وكان أمير المدينة - إلى ابن عبّاسٍ أسأله عن استسقاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم متبذّلاً متواضعاً متضرّعاً ، حتّى أتى المصلّى ، فلم يخطب خطبتكم هذه ، ولكن لم يزل في الدّعاء والتّضرّع والتّكبير ، وصلّى ركعتين كما كان يصلّي في العيد «. 
الثّاني : أوّل وقتها وقت صلاة العيد ، وتمتدّ إلى صلاة العصر. 
وهو الّذي ذكره البندنيجيّ ، والرّويانيّ وآخرون. 
لما روت عائشة : » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشّمس « لأنّها تشبهها في الوضع والصّفة ، فكذلك في الوقت ، إلاّ أنّ وقتها لا يفوت بالزّوال. 
الثّالث : وعبّر عنه الشّافعيّة بالصّحيح والصّواب ، وهو الرّأي المرجوح عند الحنابلة أيضاً : أنّها لا تختصّ بوقتٍ معيّنٍ ، بل تجوز في كلّ وقتٍ من ليلٍ أو نهارٍ ، إلاّ أوقات الكراهة على أحد الوجهين ، وهو الّذي نصّ عليه الشّافعيّ ، وبه قطع الجمهور ، وصحّحه المحقّقون. 
وممّن قطع به صاحب الحاوي ، وصحّحه الرّافعيّ في المحرّر ، وصاحب جمع الجوامع ، واستصوبه إمام الحرمين. 
واستدلّوا له بأنّها لا تختصّ بيومٍ كصلاة الاستخارة ، وركعتي الإحرام وغيرهما. 
وقالوا : إنّ تخصيصها بوقتٍ كصلاة العيد ليس له وجهٌ أصلاً. 
ولأنّ الشّافعيّ نصّ على ذلك وأكثر الأصحاب. 
وقال ابن عبد البرّ : الخروج إليها عند زوال الشّمس عند جماعةٍ من العلماء. 
وأمّا الحنفيّة : فلم يذكر عندهم وقتٌ لها ، ولم يتكلّموا في تحديده. 
وقد يكون هذا ؛ لأنّ السّنّة عند الإمام في الاستسقاء الدّعاء ، والدّعاء في كلّ وقتٍ ، وليس له زمانٌ معيّنٌ. 
aaمكان الاستسقاءaa
8 - اتّفقت المذاهب الأربعة على أنّ الاستسقاء يجوز في المسجد ، وخارج المسجد. 
إلاّ أنّ المالكيّة لا تقول بالخروج إلاّ في وقت الشّدّة إلى الغيث ، والشّافعيّة والحنابلة يفضّلون الخروج مطلقاً ، لحديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما. 
» خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متبذّلاً متواضعاً متضرّعاً حتّى أتى المصلّى ، فلم يخطب خطبتكم هذه ، ولكن لم يزل في الدّعاء والتّضرّع والتّكبير ، وصلّى ركعتين كما كان يصلّي في العيد «. 

T.H.E

T.H.E

الأستاذ /طارق العقيلي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.