أخبار الإنترنت
recent

فقه المعاملات

    المعاملات
    • 1 - البيع.
    • 2 - الخيار.
    • 3 - السلم.
    • 4 - الربا.
    • 5 - القرض.
    • 6 - الرهن.
    • 7 - الضمان والكفالة.
    • 8 - الحوالة.
    • 9 - الصلح.
    • 10 - الحجر.
    • 11 - الوكالة.
    • 12 - الشركة.
    • 13 - المساقاة والمزارعة.
    • 14 - الإجارة.
    • 15 - السبق. .
    • 16 - العارية.
    • 17 - الغصب.
    • 18 - الشفعة والشفاعة.
    • 19 - الوديعة.
    • 20 - إحياء الموات.
    • 21 - الجعالة.
    • 22 - اللقطة واللقيط.
    • 23 - الوقف.
    • 24 - الهبة والصدقة.
    • 25 - الوصية.
    • 26 - العتق.
    1 - البيع
    • * أقسام العقود ثلاثة:.
    • * حكمة مشروعية البيع:.
    • * شروط صحة البيع:.
    • * ينعقد البيع بإحدى صفتين:.
    • * فضل الورع في المعاملات:.
    • * فضل الكسب الحلال:.
    • * فضل السماحة في البيع والشراء:.
    • * خطر كثرة الحلف في البيع:.
    • مفاتيح الرزق وأسبابه:.
    • * التبكير في طلب الرزق:.
    • * تقوى الله عز وجل:.
    • * اجتناب المعاصي:.
    • * التوكل على الله عز وجل:.
    • * التفرغ لعبادة الله عز وجل:.
    • * المتابعة بين الحج والعمرة:.
    • * الإنفاق في سبيل الله تعالى:.
    • * الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي:.
    • * صلة الرحم:.
    • * إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:.
    • * الهجرة في سبيل الله:.
    • * المحرمات في الشرع نوعان:.
    • * صور من البيوع المحرمة:.
    • * حكم التأمين التجاري:.
    • * حكم بيع التقسيط:.
    • * حكم المحاقلة:.
    • * حكم المزابنة:.
    • * بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين:.
    * أقسام العقود ثلاثة:
    1 - عقد معاوضة محضة كالبيع، والإجارة والشركة ونحوها.
    2 - عقد تبرع محض، كالهبة والصدقة والعارية والضمان ونحوها.
    3 - عقد تبرع ومعاوضة معاً كالقرض، فهو تبرع؛ لأنه في معنى الصدقة، ومعاوضة حيث إنه يرد مثله.
    * البيع: مبادلة مال بمال من أجل التملك.
    * المسلم يعمل في أي عمل كسبي لإقامة أمر الله في ذلك العمل، وإرضاء الرب بامتثال أوامره، وإحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك العمل، وفعل الأسباب المأمور بها، ثم يرزقه الله رزقاً حسناً ويوفقه لأن يصرفه في مصرف حسن.
    * حكمة مشروعية البيع:
    لما كانت النقود والسلع والعروض موزعة بين الناس كلهم، وحاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه وهو لا يبذله بغير عوض.
    وفي إباحة البيع قضاء لحاجته ووصول إلى غرضه، وإلا لجأ الناس إلى النهب والسرقة والحيل والمقاتلة.
    لذا أحل الله البيع لتحقيق تلك المصالح وإطفاء تلك الشرور، وهو جائز بالإجماع، قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة/275).
    * شروط صحة البيع:
    1 - التراضي من البائع والمشتري إلا من أكره بحق.
    2 - أن يكون العاقد جائز التصرف بأن يكون كل منهما حراً مكلفاً رشيداً.
    3 - أن يكون المبيع مما يباح الانتفاع به مطلقاً، فلا يجوز بيع ما لا نفع فيه كالبعوض والصراصير، ولا ما نفعه محرم كالخمر والخنزير، ولا ما فيه منفعة لا تباح إلا حال الحاجة والاضطرار كالكلب، والميتة، إلا السمك والجراد.
    4 - أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، أو مأذوناً له في بيعه وقت العقد.
    5 - أن يكون المبيع معلوماً للمتعاقدين برؤية أو صفة.
    6 - أن يكون الثمن معلوماً.
    7 - أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع السمك في البحر، أو الطير في الهواء ونحوهما؛ لوجود الغرر، وهذه الشروط لدفع الظلم والغرر والربا عن الطرفين.
    * ينعقد البيع بإحدى صفتين:
    1 - قولية: بأن يقول البائع: بعتك أو ملكتك أو نحوهما، ويقول المشتري: اشتريت، أو قبلت، ونحوهما مما جرى به العرف.
    2 - فعلية: وهي المعاطاة كأن يقول: أعطني بعشرة ريالات لحماً فيعطيه بلا قول، ونحو ذلك مما جرى به العرف إذا حصل التراضي.
    * فضل الورع في المعاملات:
    يجب على كل مسلم أن يكون بيعه وشراؤه، وطعامه وشرابه، وسائر معاملاته على السنة، فيأخذ الحلال البيّن ويتعامل به، ويجتنب الحرام البيّن ولا يتعامل به، أما المشتبه فينبغي تركه حماية لدينه وعرضه، ولئلا يقع في الحرام.
    عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما مُشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه.
    ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)). متفق عليه (1).
    * المشتبهات من الأموال ينبغي صرفها في الأبعد عن المنفعة فالأبعد، فأقربها ما دخل في البطن، ثم ما ولي الظاهر من اللباس، ثم ما عرض من المراكب كالخيل والسيارة ونحوهما.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52)، ومسلم برقم (1599)، واللفظ له.
    * فضل الكسب الحلال:
    1 - قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة/10).
    2 - عن المقدام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)). أخرجه البخاري (1).
    * وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبايعون، ويتَّجرون، ولكنهم إذا نابهم حق من حقوق الله عز وجل لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله تعالى.
    * المكاسب تختلف باختلاف الناس، والأفضل لكل أحد ما يناسب حاله من زراعة أو صناعة أو تجارة بشروطها الشرعية.
    * يجب على الإنسان أن يجتهد في طلب الرزق الحلال؛ ليأكل وينفق على أهله وفي سبيل الله، ويستعف عن سؤال الناس، وأطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه)). متفق عليه (2).
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2072).
    (2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1470)، واللفظ له، ومسلم برقم (1042).
    * فضل السماحة في البيع والشراء:
    ينبغي أن يكون الإنسان في معاملته سهلاً سمحاً حتى ينال رحمة الله.
    عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)). أخرجه البخاري (1).
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2076).
    * خطر كثرة الحلف في البيع:
    الحلف في البيع منفقة للسلعة، ممحقة للربح، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق)). أخرجه مسلم (1).
    * الصدق في البيع والشراء سبب لحصول البركة، والكذب سبب لمحق البركة.
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (1607).
    مفاتيح الرزق وأسبابه:
    أهم مفاتيح الرزق وأسبابه التي يُستنزل بها الرزق من الله عز وجل:
    * الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل من الذنوب:
    1 - قال الله تعالى عن نوح صلى الله عليه وسلم: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح/10 - 12).
    2 - قال الله تعالى عن هود صلى الله عليه وسلم: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (هود/52).
    * التبكير في طلب الرزق:
    ينبغي التبكير في طلب الرزق، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأُمتي في بكورها)). أخرجه أبو داود والترمذي (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2606)، صحيح سنن أبي داود رقم (2270). وأخرجه الترمذي برقم (1212)، صحيح سنن الترمذي رقم (968).
    * تقوى الله عز وجل:
    1 - قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق/2 - 3).
    2 - قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف/96).
    * اجتناب المعاصي:
    قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/41).
    * التوكل على الله عز وجل:
    ومعناه: اعتماد القلب على الوكيل وحده سبحانه، وطلب الرزق بالبدن.
    1 - قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق/3).
    2 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)). أخرجه الترمذي وابن ماجه (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2344) صحيح سنن الترمذي رقم (1911). وأخرجه ابن ماجه برقم (4164)، وهذا لفظه، صحيح سن ابن ماجه رقم (3359).
    * التفرغ لعبادة الله عز وجل:
    ومعناه: حضور القلب وخشوعه وخضوعه لله عز وجل أثناء العبادة.
    عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول ربكم تبارك وتعالى: يا ابن ادم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأملأ يديك رزقاً، يا ابن ادم لا تَبَاعدْ مني فأملأ قلبك فقراً وأملأ يديك شغلاً)). أخرجه الحاكم (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه الحاكم برقم (7926)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1359).
    * المتابعة بين الحج والعمرة:
    عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة)). أخرجه الترمذي والنسائي (1).
    _________
    (1) حسن/ أخرجه الترمذي برقم (810)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (650). وأخرجه النسائي برقم (2631)، صحيح سنن النسائي رقم (2468).
    * الإنفاق في سبيل الله تعالى:
    1 - قال الله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ/39).
    2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تبارك وتعالى: يا ابن ادم أَنفق أُنفق عليك)). أخرجه مسلم (1).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (993).
    * الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أخوان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف، فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لعلك تُرزقُ به)). أخرجه الترمذي (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2345)، صحيح سنن الترمذي رقم (1912).
    * صلة الرحم:
    وهي إيصال ما أمكن من الخير إلى الأقارب ودفع الشر عنهم والإحسان إليهم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2067)، واللفظ له، ومسلم برقم (2557).
    * إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:
    1 - عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلاً عمن دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم؟)). أخرجه البخاري (1).
    2 - وفي لفظ: ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم)). أخرجه النسائي (2).
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2896).
    (2) صحيح / أخرجه النسائي برقم (3178)، صحيح سنن النسائي رقم (2978).
    * الهجرة في سبيل الله:
    قال الله تعالى: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء/100).
    * المحرمات في الشرع نوعان:
    1 - المحرمات من الأعيان: كالميتة والدم ولحم الخنزير والخبائث والنجاسات ونحوها.
    2 - المحرمات من التصرفات: كالربا والميسر والقمار والاحتكار والغش وبيوع الغرر ونحو ذلك مما فيه ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل.
    فالأول تعافه النفس، والثاني تشتهيه فاحتاج إلى رادع وزاجر وعقوبة تمنع من الوقوع فيه.
    * صور من البيوع المحرمة:
    أباح الإسلام كل شيء يجلب الخير والبركة والنفع المباح، وحرم بعض البيوع والأصناف؛ لما في بعضها من الجهالة والغرر، أو الإضرار بأهل السوق، أو إيغار الصدور، أو الغش والكذب، أو ضرر على البدن والعقل ونحوها مما يسبب الأحقاد والتشاحن والتناحر والأضرار.
    فتحرم تلك البيوع ولا تصح، ومنها:
    1 - بيع الملامسة: كأن يقول البائع للمشتري مثلاً: أي ثوب لمسته فهو لك بعشرة، وهذا البيع فاسد؛ لوجود الجهالة والغرر.
    2 - بيع المنابذة: كأن يقول المشتري للبائع: أي ثوب نبذته إلي فهو علي بكذا، وهذا البيع فاسد؛ لوجود الجهالة والغرر.
    3 - بيع الحصاة: كأن يقول البائع: ارم هذه الحصاة فعلى أي سلعة وقعت فهي لك بكذا، وهذا البيع فاسد، لوجود الجهالة والغرر.
    4 - بيع النجش: وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وهذا البيع حرام؛ لأن فيه تغريراً بالمشترين الآخرين وخداعاً لهم.
    5 - بيع الحاضر للبادي: وهو السمسار الذي يبيع السلعة بأغلى من سعر يومها، وهذا البيع غير صحيح؛ لما فيه من الضرر والتضييق على الناس لكن إن جاء إليه البادي وطلب منه أن يبيع أو يشتري له فلا بأس.
    6 - بيع السلعة قبل قبضها لا يجوز؛ لأنه يفضي إلى الخصام والفسخ خاصة إذا رأى أن المشتري سيربح فيها.
    7 - بيع العينة: وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من قيمتها نقداً، فاجتمع فيه بيعتان في بيعة، وهذا البيع حرام وباطل؛ لأنه ذريعة إلى الربا، فإن اشتراها بعد قبض ثمنها، أو بعد تغير صفتها، أو من غير مشتريها جاز.
    8 - بيع الرجل على بيع أخيه: كأن يشتري رجل سلعة بعشرة وقبل إنهاء البيع يجيء آخر ويقول: أنا أبيعك مثلها بتسعة أو أقل مما اشتريت به، ومثله الشراء، كأن يقول لمن باع سلعة بعشرة أنا أشتريها منك بخمسة عشر ليترك الأول ويدفعها له، وهذا البيع والشراء حرام؛ لما فيه من الإضرار بالمسلمين، وإيغار صدور بعضهم على بعض.
    9 - البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة محرم لا يصح، وكذا سائر العقود.
    10 - كل ما كان حراماً، كالخمر والخنزير والتماثيل أو وسيلة إلى محرم كآلات اللهو فبيعه وشراؤه حرام.
    * ومن البيوع المحرمة: بيع حبل الحبلة، وبيع الملاقيح وهو ما في بطون الأمهات، وبيع المضامين وهو ما في أصلاب الفحول، وضراب الجمل وعسب الفحل، ويحرم ثمن الكلب والسنور ومهر البغي، وحلوان الكاهن، وبيع المجهول، وبيع الغرر، وبيع ما يعجز عن تسليمه كالطيور في الهواء، وبيع التمار قبل بدو صلاحها ونحو ذلك.
    * إذا باع مشاعاً بينه وبين غيره صح في نصيبه بقسطه، وللمشتري الخيار إن جهل الحال.
    * المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار، فماء السماء وماء العيون لا يملك ولا يصح بيعه ما لم تحزه في قربته أو بركته أو نحوهما، والكلأ سواء كان رطباً أو يابساً ما دام في أرضه لا يجوز بيعه، والنار سواء وقودها كالحطب أو جذوتها كالقبس لا يجوز بيعها، فهذه من الأمور التي أشاعها الله بين خلقه، فيجب بذلها لمحتاجها، ويحرم منع أحد منها.
    * إذا باع شخص داراً تناول البيع أرضها وأعلاها وأسفلها وكل ما فيها، وإن كانت المباعة أرضاً شمل البيع كل ما فيها ما لم يستثن منها.
    * إذا باع داراً على أنها مائة متر فبانت أقل أو أكثر صح البيع، والزيادة للبائع، والنقص عليه، ولمن جهله وفات غرضه الخيار.
    * إذا جمع بين بيع وإجارة فقال: بعتك هذا البيت بمائة ألف، وأجرتك هذا البيت بعشرة آلاف، فقال الآخر قبلت صح البيع والإجارة، وكذا لو قال: بعتك هذا البيت، وأجرتك هذا البيت بمائة ألف صح، ويقسط العوض عليهما عند الحاجة.
    * الهدايا والجوائز المقدمة من المحلات التجارية لمن يشتري من بضائعهما المعروضة محرمة، وهي من القمار، إذ فيها إغراء للناس على الشراء منهم دون غيرهم، وشراء ما لا يحتاج أو يحرم طمعاً في الجائزة، وإضرار بالتجار الآخرين، والجائزة التي يأخذها منهم محرمة؛ لكونها من الميسر المحرم شرعاً.
    قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة/90)
    * المجلات والصحف الخليعة التي تدعو إلى التهتك والفجور، وأشرطة الفيديو والكاسيت التي تحمل الأغاني وأصوات المعازف، والتي تظهر فيها صور النساء سافرات غناء وتمثيلاً، وكل ما يحمل الكلام الساقط، والغزل الفاحش، ويدعو إلى الرذيلة فذلك كله يحرم بيعه وشراؤه، وسماعه، والنظر إليه، والتجارة فيه، والمال الذي منه بيعاً أو شراء أو تأجيراً كله سحت حرام لا يحل لصاحبه.
    * حكم التأمين التجاري:
    التأمين التجاري عقد يلزم فيه المؤمن أن يدفع للمؤمن له عوضاً مادياً يتفق عليه عند وقوع خطر أو خسارة مقابل رسم يؤديه المؤمن له، وهو محرم لما فيه من الغرر والجهالة، وهو ضرب من الميسر، وأكل لأموال الناس بالباطل سواء كان على النفس أو على البضائع أو الآلات أو غيرها.
    * لا يجوز بيع عصير ممن يتخذه خمراً، ولا سلاح في فتنة، ولا بيع حي بميت.
    * كل بيع معلق على شرط لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً فهو صحيح كأن يشترط البائع سكنى الدار شهراً، أو يشترط المشتري حمل الحطب، وتكسيره ونحو ذلك.
    * أرض منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد لعموم المسلمين، فلا يجوز بيعها أو تأجيرها، ومن فعل ذلك فهو عاص آثم ظالم والأجرة عليه حرام.
    * حكم بيع التقسيط:
    بيع التقسيط صورة من بيع النسيئة وهو جائز، فبيع النسيئة مؤجل لأجل واحد، وبيع التقسيط مؤجل لآجال متعددة.
    * تجوز الزيادة في ثمن السلعة لأجل التأجيل أو التقسيط كأن يبيعه سلعة قيمتها مائة حالة بمائة وعشرين مؤجلة لأجل واحد أو آجال محددة، بشرط أن لا تكون الزيادة فاحشة، أو يستغل المضطرين.
    * البيع إلى أجل أو بالتقسيط يكون مستحباً إذا قصد به الرفق بالمشتري فلا يزيد في الثمن لأجل الأجل وبذلك يثاب فيه البائع على إحسانه، ويكون مباحاً إذا قصد به الربح والمعاوضة فيزيد في الثمن لأجل الأجل، ويسدد على أقساط معلومة لآجال معلومة.
    * لا يجوز للبائع أن يأخذ من المشتري زيادة على الدين إذا تأخر في دفع الأقساط، لأن ذلك من الربا، لكن له رهن المبيع حتى يستوفي دينه من المشتري.
    * إذا باع أرضاً فيها نخل أو شجر، فإن كان النخل قد أُبِّر (لقح)، والشجر ثمره باد فهو للبائع إلا أن- يشترطه المشتري فهو له، وإن كان النخل لم يؤبر، والشجر لم يظهر طلعه فهو للمشتري.
    * لا يصح بيع ثمر النخيل أو غيرها من الأشجار حتى يبدو صلاحها، ولا يصح بيع الزرع قبل اشتداد حبه، وإذا باع الثمر قبل بدو صلاحه مع أصوله، أو باع الزرع الأخضر مع الأرض جاز ذلك.
    * إذا اشترى أحد تمرة وتركها إلى الحصاد أو الجذاذ بلا تأخير ولا تفريط، ثم أصابتها آفة سماوية كالريح والبرد ونحوهما فأتلفتها فللمشتري أن يرجع بالثمن على البائع.
    وإن أتلفها آدمي خيّر مشتر بين الفسخ أو الإمضاء، ومطالبة من أتلقها ببدله.
    * حكم المحاقلة:
    هي بيع الحب المشتد في سنبله بحب من جنسه، وهي لا تجوز؛ لأنها جمعت محذورين: الجهالة في المقدار والجودة، والربا لعدم انضباط التساوي.
    * حكم المزابنة:
    المزابنة هي أن يباع ثمر النخل بالتمر كيلاً، وهي لا تجوز كالمحاقلة.
    * لا يجوز شراء التمر بالرطب على رؤوس النخل؛ لما فيه من الغرر والربا، إلا أنه رخص في بيع العرايا للحاجة بأن يخرُص الرطب في النخل، ثم يعطيه قدره من التمر القديم، بشرط أن لا تزيد على خمسة أوسق مع التقابض في مجلس العقد.
    * لا يجوز بيع العضو أو الجزء من الإنسان قبل الموت أو بعده، وإن لم يحصل عليه المضطر إلا بثمن جاز الدفع للضرورة وحرم على الآخذ، وإن وهبه بعد الموت للمضطر وأعطي مكافأة قبل الموت فلا بأس بأخذها.
    * لا يجوز بيع الدم لعلاج ولا غيره، فإن احتاجه لعلاج ولم يحصل عليه إلا بعوض جاز له أخذه بعوض وحرم أخذ العوض على باذله.
    * الغرر: هو ما طوي عن الإنسان علمه، وخفي عليه باطنه من معدوم أو مجهول أو معجوز عنه أو غير مقدور عليه.
    * الغرر والميسر والقمار من المعاملات الخطرة المدمرة المحرمة، أفقرت بيوتاً تجارية كبرى، وسببت ثراء قوم بلا جهد، وفقر آخرين بالباطل فكان الانتحار والعداوة والبغضاء وهذا كله من عمل الشيطان.
    قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) (المائدة/91).
    * بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين:
    1 - الأولى: أكل أموال الناس بالباطل، فأحدهما إما غارم بلا غنم، أو غانم بلا غرم؛ لأنها رهان ومقامرة.
    2 - الثانية: العداوة والبغضاء بين المتبايعين إلى جانب الحقد والتناحر.
    * حكمة مشروعية الخيار:
    الخيار في البيع من محاسن الإسلام، إذ قد يقع البيع بغتة من غير تفكير ولا تأمل ولا نظر في القيمة فيندم المتبايعان أو أحدهما، من أجل ذلك أعطى الإسلام فرصة للتروي تسمى الخيار يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما تناسب كلا منهما من إمضاء البيع أو فسخه.
    عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لما يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2079)، واللفظ له، ومسلم برقم (1532).
    * أقسام الخيار:
    للخيار عدة أقسام ومنها:
    1 - خيار المجلس: ويثبت في البيع والصلح والإجارة وغيرها من المعاوضات التي يقصد منها المال، وهو حق للمتبايعين معاً، ومدته من حين العقد إلى التفرق بالأبدان، وإن أسقطاه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، فإذا تفرقا لزم البيع، وتحرم الفرقة من المجلس خشية أن يستقيله.
    2 - خيار الشرط: بأن يشترط المتبايعان أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة فيصح ولو طالت، ومدته من حين العقد إلى أن تنتهي المدة المشروطة، وإذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ المشترط المبيع لزم البيع، وإن قطعا الخيار أثناء المدة بطل؛ لأن الحق لهما.
    3 - خيار اختلاف المتبايعين: كما لو اختلفا في قدر الثمن، أو عين البيع، أو صفته، ولم تكن بينة فالقول قول البائع مع يمينه، ويخير المشتري بين القبول أو الفسخ.
    4 - خيار العيب: وهو ما ينقص قيمة المبيع، فإذا اشترى سلعة ووجد بها عيباً فهو بالخيار، إما أن يردها ويأخذ الثمن، أو يمسكها ويأخذ أرش العيب، فتقوّم السلعة سليمة ثم تقوّم معيبة ويأخذ الفرق بينهما، وإن اختلفا عند من حدث العيب كعرج، وفساد طعام فقول بائع مع يمينه، أو يترادان.
    5 - خيار الغبن: وهو أن يغبن البائع أو المشتري في السلعة غبناً يخرج عن العادة والعرف، وهو محرم، فإذا غُبن فهو بالخيار بين الإمساك والفسخ، كمن انخدع بمن يتلقى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان يجهل القيمة ولا يحسن المماكسة في البيع فله الخيار.
    6 - خيار التدليس: وهو أن يظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه، مثل إبقاء اللبن في الضرع عند البيع ليوهمه بكثرة اللبن ونحو ذلك، وهذا الفعل محرم، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، فإذا حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن.
    7 - خيار الإخبار بالثمن متى بان خلاف الواقع أو بان أقل مما أخبر به، فللمشتري الخيار بين الإمساك وأخذ الفرق، أو الفسخ، كما لو اشترى قلماً بمائة، فجاءه رجل وقال: بعنيه برأس ماله، فقال: رأس ماله مائة وخمسون، فباعه عليه، ثم تبين كذب البائع فللمشتري الخيار، ويثبت هذا الخيار في التولية والشركة والمرابحة والمواضعة، ولا بد في جميعها من معرفة البائع والمشتري رأس المال.
    8 - إذا ظهر أن المشتري معسر أو مماطل فللبائع الفسخ إن شاء حفاظاً على ماله.
    * خطر الغش:
    الغش محرم في كل شيء، ومع كل أحد، وفي أي معاملة، فهو محرم في المعاملات كلها، ومحرم في الأعمال المهنية، ومحرم في الصناعات، ومحرم في العقود والبيوع وغيرها؛ لما فيه من الكذب والخداع، ولما يسببه من التشاحن والتناحر.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا)). أخرجه مسلم (1).
    * الإقالة: هي فسخ العقد ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له، وتجوز بأقل أو أكثر منه.
    * الإقالة سنة للنادم من بائع ومشتر، وهي سنة في حق المقيل، مباحة في حق المستقيل، وتشرع إذا ندم أحد المتبايعين، أو زالت حاجته بالسلعة، أو لم يقدر على الثمن ونحو ذلك.
    * الإقالة من معروف المسلم على أخيه إذا احتاج إليها، رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من أقال مسلماً أقاله الله عثرته يوم القيامة)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (2).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (102).
    (2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3460)، صحيح سنن أبي داود رقم (2954). وأخرجه ابن ماجه برقم (2199)، وهذا لفظه، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1786).
    3 - السلم
    • * شروط صحة السلم:.
    • * مسائل تتعلق بالبيع والشراء:.
    • 4 - بيع العربون:.
    * شروط صحة السلم:
    يشترط له شروط زائدة على شروط البيع لضبطه وهي: العلم بالمسلم به، والعلم بالثمن، وقبضه في مجلس العقد، وأن يكون المسلم فيه في الذمة، وصفه صفة تنفي عنه الجهالة، ذكر أجله ومكان حلوله.
    * مسائل تتعلق بالبيع والشراء:
    1 - التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع، بحيث لا يظلم المالك ولا يرهق المشتري.
    * يحرم التسعير إذا تضمن ظلم الناس، أو إكراههم بغير حق بشيء لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم.
    * يجوز التسعير إذا كانت لا تتم مصلحة الناس إلا به كأن يمتنع أصحاب السلع من بيعها إلا بزيادة مع حاجة الناس إليها، فتسعر بقيمة المثل لا ضرر ولا ضرار.
    2 - الاحتكار: هو شراء السلع وحبسها لتقل بين الناس فيرتفع سعرها.
    * الاحتكار حرام؛ لما فيه من الجشع والطمع والتضييق على الناس، ومن احتكر فهو خاطئ.
    3 - التورق: إذا احتاج الإنسان إلى نقد ولم يجد من يقرضه فيجوز أن يشتري سلعة إلى أجل ثم يبيعها على غير الأول وينتفع بثمنها.
    4 - بيع العربون:
    هو بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من ثمنها، وإن تركها فالمبلغ المدفوع للبائع الذي هو العربون، وهذا البيع جائز إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدد.
    4 - الربا
    • * حكم الربا:.
    • * عقوبة الربا:.
    • * أقسام الربا:.
    • * أحكام ربا الفضل:.
    • * كيف يتخلص من الأموال الربوية:.
    • * حكم بيع الصرف والأوراق المالية:.
    * حكم الربا:
    1 - الربا من كبائر الذنوب، وهو محرم في جميع الأديان السماوية؛ لما فيه من الضرر العظيم، فهو يسبب العداوة بين الناس، ويؤدي إلى تضخم المال على حساب سلب مال الفقير، وفيه ظلم للمحتاج، وتسلط الغني على الفقير، وإغلاق باب الصدقة والإحسان، وقتل مشاعر الشفقة في الإنسان.
    2 - والربا أكل لأموال الناس بالباطل، وفيه تعطيل للمكاسب والتجارة والصناعات التي يحتاجها الناس، فالمرابي يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة والمصالح التي ينتفع بها الناس، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة، والربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه.
    * عقوبة الربا:
    الربا من أعظم الذنوب، وقد أعلن الله عز وجل الحرب على آكل الربا وموكله من بين سائر الذنوب:
    1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة/278 - 279).
    2 - عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. أخرجه مسلم (1).
    3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)). متفق عليه (2).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (1598).
    (2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766)، واللفظ له، ومسلم برقم (89).
    * أقسام الربا:
    1 - ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة مثلاً.
    * ومنه قلب الدين على المعسر، بأن يكون له مال مؤجل على رجل، فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي، فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في المال، فيتضاعف المال في ذمة المدين، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، وهو أخطر أنواع الربا، لعظيم ضرره، وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض.
    1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران/130).
    2 - قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/280).
    * ومنه ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب، والبر بالبر ونحوهما، وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلاً.
    2 - ربا الفضل: وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وهو محرم، وقد نص الشرع على تحريمه في ستة أشياء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)). أخرجه مسلم (1).
    * يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة: في الذهب والفضة (الثمنية)، وفي الأربعة الباقية (الكيل والطعم) (أو الوزن والطعم).
    * المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان أهل مكة، وما لم يوجد فيهما يرجع فيه إلى العرف، وكل شيء حرم فيه ربا الفضل حرم فيه ربا النسيئة.
    3 - ربا القرض: وصفته أن يقرض الإنسان أحداً شيئاً ويشترط عليه أن يرد أفضل منه، أو يشترط عليه نفعاً ما، نحو أن يسكنه داره شهراً مثلاً، وهو حرام، فإن لم يشترط وبذل المقترض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجر.
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (1587).
    * أحكام ربا الفضل:
    1 - إذا كان البيع في جنس واحد ربوي حرم فيه التفاضل والنساء كأن يبيع أحد ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما، فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق البدلين في الجنس والعلة.
    2 - إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس حرم النساء وجاز التفاضل كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز البيع مع التفاضل إذا كان القبض في الحال يداً بيد؛ لأنهما اختلفا في الجنس، واتحدا في العلة.
    3 - إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنساء كأن يبيع طعاماً بفضة، أو طعاماً بذهب ونحوهما، فيجوز التفاضل والتأجيل؟ لاختلاف البدلين في الجنس والعلة.
    4 - إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة كأن يبيع بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحوهما فيجوز التفاضل والتأجيل.
    * لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة، فلا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم.
    * لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً؛ لأجل الصنعة في أحد العوضين، لكن يبيع ما معه بالدراهم ثم يشتري المصوغ.
    * الفوائد التي تأخذها البنوك اليوم على القروض من الربا المحرم، والفوائد التي تدفعها البنوك مقابل الإيداع ربا لا يحل لأحد أن ينتفع به بل يتخلص منه.
    * يجب على المسلمين إذا احتاجوا الإيداع والتحويل بواسطة البنوك الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها لكن بدون فائدة، والتحويل من غيرها ما لم يخالف الشرع.
    * يحرم على المسلمين العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا، والمال الذي يأخذه العامل فيه سحت يعاقب عليه.
    * كيف يتخلص من الأموال الربوية:
    الربا من أعظم الذنوب، وإذا منّ الله على المرابي وتاب إلى الله عز وجل وله وعنده أموال مجتمعة من الربا ويريد التخلص منها فلا يخلو من حالين:
    1 - أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه فهنا يأخذ رأس ماله ويترك ما زاد عليه من الربا.
    2 - أن تكون أموال الربا مقبوضة عنده فلا يردها على أصحابها ولا يأكلها؛ لأنها كسب خبيث، ولكن يتخلص منها بالتبرع بها، أو جعلها في مشاريع خيرية تخلصاً منها.
    * لا ربا في الحيوان ما دام حياً، وكذا كل معدود، فيجوز بيع البعير بالبعيرين والثلاثة، فإذا صار موزوناً أو مكيلاً جرى فيه الربا، فلا يجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم الغنم، ويجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر؛ لاختلاف الجنس إذا حصل التقابض في الحال.
    * يجوز شراء الذهب للقنية، أو لقصد الربح كأن يشتريه حينما ينخفض سعره، ويبيعه عندما يزيد سعره.
    * حكم بيع الصرف والأوراق المالية:
    الصرف: هو بيع نقد بنقد سواء اتحد الجنس أو اختلف، وسواء كان النقد من الذهب والفضة، أو من الأوراق النقدية المتعامل بها الآن فهي تأخذ حكم الذهب والفضة لاشتراكهما في الثمنية.
    * إذا باع نقداً بجنسه كذهب بذهب، أو ورق نقدي بجنسه كريال بريال ورقي أو معدني وجب التساوي في المقدار والتقابض في المجلس.
    * وإن باع نقداً بنقد من غير جنسه كذهب بفضة، أو ريالات ورقية سعودية بدولارات أمريكية مثلاً جاز التفاضل في المقدار، ووجب التقابض في المجلس.
    * إذا افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض صح العقد فيما قبض وبطل فيما لم يقبض كأن يعطيه ديناراً ليصرفه بعشرة دراهم، فلم يجد إلا خمسة دراهم فيصح العقد في نصف الدينار، ويبقى نصفه أمانة عند البائع.
    5 - القرض
    • * حكمة مشروعية القرض:.
    • * فضل القرض:.
    • * فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:.
    • * المدين له أربع حالات:.
    * حكمة مشروعية القرض:
    القرض قربة مندوب إليه، لما فيه من الإحسان إلى المحتاجين وقضاء حاجتهم، وكلما كانت الحاجة أشد، والعمل أخلص لله تعالى كان الثواب أعظم، والسلف يجري مجرى شطر الصدقة.
    * فضل القرض:
    1 - قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة/245).
    2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفّس عن مُؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)). أخرجه مسلم (1).
    * القرض مستحب للمقرض، ومباح للمقترض، وكل ما صح بيعه صح قرضه إذا كان معلوماً والمقرض ممن يصح تبرعه، وعلى المقترض أن يرد بدل ما اقترضه، المثل في المثليات، والقيمة في غيرها.
    * كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم كأن يقرضه شيئاً ويشترط أن يسكن داره، أو يقرضه مالاً بفائدة كأن يقرضه ألفاً بألف ومائتين بعد سنة.
    * الإحسان في القرض مستحب إن لم يكن شرطاً كأن يقرضه من الإبل بكراً فيعطيه بدله رباعياً؛ لأن هذا من حسن القضاء ومكارم الأخلاق، ومن أقرض مسلماً مرتين فكأنما تصدق عليه مرة.
    عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: ((أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء)). أخرجه مسلم (2).
    * يجوز الحط من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء كان بطلب من الدائن أو المدين، ومن أدى عن غيره واجباً عليه من دين أو نفقة رجع عليه به إن شاء.
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (2699).
    (2) أخرجه مسلم برقم (1600).
    * فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:
    إنظار المعسر من مكارم الأخلاق، وأفضل منه التجاوز عنه.
    1 - قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/280).
    2 - عن أبي اليسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أنظر معسراً أو وضع عنه، أظله الله في ظله)). أخرجه مسلم (1).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (3006).
    * المدين له أربع حالات:
    1 - أن لا يكون عنده شيء مطلقاً، فهذا يجب إنظاره وترك ملازمته.
    2 - أن يكون ماله أكثر من دينه فهذا يجوز طلبه، ويلزم بالقضاء.
    3 - أن يكون ماله بقدر دينه فيلزم بالوفاء.
    4 - أن يكون ماله أقل من دينه فهذا مفلس يحجر عليه بطلب الغرماء أو بعضهم، ويقسم ماله بين الغرماء حسب النسب.
    * يجب على من اقترض مالاً أن يعزم على أدائه وإلا أتلفه الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله)). أخرجه البخاري (1).
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2387).
    * العقود ثلاثة أقسام:
    1 - عقود لازمة من الطرفين كالبيع والإجارة ونحوهما.
    2 - عقود جائزة من الطرفين لكل منهما فسخها كالوكالة ونحوها.
    3 - عقود جائزة من أحدهما دون الآخر كالرهن جائز من قبل المرتهن، لازم من قبل الراهن ونحو ذلك مما يكون الحق فيه لواحد على الآخر.

    * الرهن: هو توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها إن تعذر الاستيفاء من ذمة المدين.
    * حكمة مشروعية الرهن:
    الرهن مشروع لحفظ المال لئلا يضيع حق الدائن، فإذا حل الأجل لزم الراهن الوفاء، فإن امتنع عن الوفاء فإن كان الراهن أذن للمرتهن في بيعه باعه ووفى الدين، وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفّى دينه.
    1 - قال الله تعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) (البقرة/283).
    2 - عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد. متفق عليه (1).
    * الرهن أمانة في يد المرتهن أو أمينه، لا يضمنه إلا أن يتعدى أو يفرط.
    * مؤنة الرهن على الراهن، وما يحتاج إلى مؤنة، فللمرتهن أن يركب ما يركب ويحلب ما يحلب بقدر نفقته.
    * لا يصح بيع الراهن للرهن إلا بإذن المرتهن، فإن باعه وأجازه المرتهن صح البيع، وإن لم يجزه فالعقد فاسد.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2068)، ومسلم برقم (1603).
    7 - الضمان والكفالة
    * الضمان: هو التزام ما وجب على غيره مع بقائه على مضمون عنه وما قد يجب.
    * حكم الضمان: جائز والمصلحة تقتضيه، بل قد تدعو الحاجة إليه، وهو من التعاون على البر والتقوى، وفيه قضاء لحاجة المسلم، وتنفيس لكربته.
    * يشترط لصحة الضمان: أن يكون الضامن جائز التصرف، راضياً غير مكره.
    * يصح الضمان بكل لفظ يدل عليه كضمنته أو تحملت عنه أو نحو ذلك.
    * يصح الضمان لكل مال معلوم كألف مثلاً، أو مجهول كأن يقول: أنا ضامن لك مالك على فلان، أو ما يقضى به عليه حياً كان المضمون عنه أو ميتاً.
    * إذا ضمن الدين ضامن لم يبرأ المدين، وصار الدين عليهما جميعاً، وللدائن مطالبة أيهما شاء.
    * يبرأ الضامن إذا استوفى الدائن من المضمون عنه أو أبرأه.
    * الكفالة: هي التزام رشيد برضاه إحضار من عليه حق مالي لربه.
    * حكمة مشروعيتها: حفظ الحقوق واستحصالها.
    * حكم الكفالة: جائزة، وهي من التعاون على البر والتقوى.
    * إذا كفل إنسان إحضار مدين فلم يحضره، غرم ما عليه.
    * يبرأ الكفيل بما يلي: موت المكفول، أو إذا سلم المكفول نفسه لرب الحق، أو تلفت العين المكفولة بفعل الله تعالى.
    * من أراد سفراً وعليه حق يستحق قبل مدة سفره فلصاحب الحق منعه، فإن أقام ضميناً مليئاً أو دفع رهناً يفي بالدين عند الحلول فله السفر لزوال الضرر.
    * خطاب الضمان الذي تصدره البنوك: إذا كان له غطاء كامل، أو كان الضمان مسبوقاً بتسليم جميع المبلغ المضمون للمصرف فيجوز أخذ الأجرة عليه مقابل الخدمة، وإن كان خطاب الضمان غير مغطى فلا يجوز للبنك إصداره وأخذ الأجرة عليه.
    8 - الحوالة
    • * حكمة مشروعية الحوالة:.
    • * فضل التجاوز عن المعسر:.
    * حكمة مشروعية الحوالة:
    شرع الله الحوالة تأميناً للأموال، وقضاء لحاجة الإنسان، فقد يحتاج إلى إبراء ذمته من حق لغريم، أو استيفاء حقه من مدين له، وقد يحتاج لنقل ماله من بلد إلى آخر، ويكون نقل هذا المال غير متيسر، إما لمشقة حمله، أو لبعد المسافة، أو لكون الطريق غير مأمون فشرع الله الحوالة لتحقيق هذه المصالح.
    * إذا أحال المدين دائنه على مليء لزمه أن يحتال، وإن أحاله على مفلس ولم يعلم رجع بحقه على المحيل، وإن علم ورضي بالحوالة عليه فلا رجوع له، ومماطلة الغني حرام لما فيها من الظلم.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مطل الغني ظلم، فإذا أُتبع أحدكم على مليء فليَتَّبع)). متفق عليه (1).
    * إذا تمت الحوالة انتقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وبرأت ذمة المحيل.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2287)، واللفظ له، ومسلم برقم (1564).
    * فضل التجاوز عن المعسر:
    إذا تمت الحوالة ثم أفلس المحال عليه استحب إنظاره أو التجاوز عنه وهو الأفضل.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2078)، واللفظ له، ومسلم برقم (1562).
    9 - الصلح
    • * حكمة مشروعية الصلح:.
    • * فضل الإصلاح بين الناس:.
    • * الصلح في المال على قسمين:
    1 - صلح على إقرار:.
    • 2 - صلح على إنكار:.
    * حكمة مشروعية الصلح:
    شرع الله الصلح للتوفيق بين المتخاصمين وإزالة الشقاق بينهما، وبذلك تصفو النفوس، وتزول الأحقاد، والإصلاح بين الناس من أجل القربات وأعظم الطاعات إذا قام به ابتغاء لمرضاة الله تعالى.
    * فضل الإصلاح بين الناس:
    1 - قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء/114).
    2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الناس صدقة)). متفق عليه (1).
    * الصلح مشروع بين المسلمين والكفار، وبين أهل العدل والبغي، وبين الزوجين عند الشقاق، وبين الجيران والأقارب والأصدقاء، وبين المتخاصمين في غير مال، وبين المتخاصمين في المال.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2707)، واللفظ له، ومسلم برقم (1009).
    * الصلح في المال على قسمين:
    1 - صلح على إقرار:
    كأن يكون لأحد على آخر عين أو دين لا يعلمان مقداره وأقر به، فصالحه على شيء صح، وإن كان له عليه دين حال وأقرَّ به فوضع بعضه وأجل باقيه صح الإسقاط والتأجيل، وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاً صح، وإنما يصح هذا الصلح إذا لم يكن مشروطاً في الإقرار كأن يقول: أقر لك بشرط أن تعطيني كذا، ولا يمنعه حقه بدونه.
    2 - صلح على إنكار:
    بأن يكون للمدعي حق لا يعلمه المدعى عليه فينكره، فإذا اصطلحا على شيء صح الصلح، لكن إن كذب أحدهما لم يصح الصلح في حقه باطناً وما أخذه حرام.
    * المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً.
    والصلح الجائز هو العادل الذي أمر الله ورسوله به، وهو ما يقصد به رضا الله تعالى عنه، ثم رضا الخصمين، وقد مدحه الله تعالى بقوله: ( .. وَالصُّلْحُ خَيْرٌ .. ) (النساء/128).
    * الصلح العادل له شروط أهمها: أهلية المتصالحين بأن تصح منهما التصرفات الشرعية، وأن لا يشتمل الصلح على تحريم حلال أو تحليل حرام، وأن لا يكون أحد المتصالحين كاذباً في دعواه، وأن يكون المصلح تقياً عالماً بالوقائع، عارفاً بالواجب، قاصداً العدل.
    * يحرم على المالك أن يحدث بملكه ما يضر بجاره من ماكينة قوية، أو فرن ونحوهما، فإن لم يضر فلا بأس، وللجار على جاره حقوق كثيرة أهمها: صلته وبره والإحسان إليه وكف الأذى عنه، والصبر على أذاه ونحو ذلك مما يجب على المسلم.
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى طننت أنه سيورثه)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6015)، ومسلم برقم (2625).
    10 - الحجر
    • * حكمة مشروعية الحجر:.
    • * الحجر نوعان:.
    • * فضل إنظار المعسر:.
    • * يزول الحجر عن الصغير بأمرين:.
    * حكمة مشروعية الحجر:
    أمر الله بحفظ المال وجعل من وسائل ذلك الحجر على من لا يحسن التصرف في ماله كالمجنون، أو في تصرفه وجه إضاعة كالصبي، أو في تصرفه وجه تبذير كالسفيه، أو يتصرف بما في يده تصرفاً يضر بحق الغير كالمفلس الذي أثقلته الديون، فشرع الله الحجر حفظاً لأموال هؤلاء.
    * الحجر نوعان:
    1 - حجر لحظ غيره: كالحجر على المفلس لحظ الغرماء.
    2 - حجر لحظ نفسه: كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون لحفظ ماله.
    * المفلس: هو من دينه أكثر من ماله، ويحجر عليه من الحاكم بطلب غرمائه، أو بعضهم، ويحرم عليه التصرف بما يضر غرماءه، ولا ينفذ تصرفه ذلك ولو لم يحجر عليه.
    * من ماله قدر دينه أو أكثر لم يحجر عليه ويؤمر بوفائه، فإن أبى حبس بطلب صاحبه، فإن أصر ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه.
    * من كان ماله أقل مما عليه من الدين الحال فهو مفلس يجب الحجر عليه وإعلام الناس به لئلا يغتروا به، ويحجر عليه بطلب غرمائه أو بعضهم.
    * إذا تم الحجر على المفلس انقطع الطلب عنه، وليس له التصرف بماله، فيبيع الحاكم ماله ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالة، فإن لم يبق عليه شيء انفك الحجر عنه لزوال موجبه.
    * إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه انقطعت المطالبة عنه، ولا تجوز ملازمته ولا حبسه بهذا الدين، بل يخلي سبيله ويمهل إلى أن يرزقه الله ويسدد ما بقي لغرمائه.
    * من لم يقدر على وفاء دينه لم يطالب به، وحرم حبسه، ويجب إنظاره، وإبراؤه مستحب؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/280).
    * فضل إنظار المعسر:
    إنظار المعسر إذا حل الدين فيه ثواب عظيم لقوله صلى الله عليه وسلم: (( ... من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة)). أخرجه أحمد (1).
    * من أدرك متاعه بعينه عند إنسان مفلس فهو أحق به إذا لم يقبض من ثمنه شيئاً، وكان المفلس حياً، وكان المتاع بصفته في ملكه لم يتغير.
    * الحجر على السفيه والصغير والمجنون لا يحتاج لحاكم، ووليهم الأب إن كان عدلاً رشيداً، ثم الوصي، ثم الحاكم، وعلى الولي التصرف بالأحظ لهم.
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23434)، انظر إرواء الغليل رقم (1438).
    * يزول الحجر عن الصغير بأمرين:
    1 - البلوغ كما سبق.
    2 - الرشد: وهو حسن التصرف في المال، بأن يُعطى مالاً ويُمتحن بالبيع والشراء حتى يُعلم حسن تصرفه.
    قال الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (النساء/6).
    * إذا عقل المجنون ورشد، أو رشد السفيه بأن يحسن التصرف في المال فلا يغبن ولا يصرفه في حرام أو في غير فائدة زال الحجر عنهما وردت إليهما أموالهما.
    * ليُّ الواجد ظلم يُحِلُّ عرضه وعقوبته، فيشرع حبس المدين الموسر المماطل تأديباً له، أما المعسر فله حق الإنظار، والعفو خير وأحسن.
    11 - الوكالة
    • * حكمة مشروعية الوكالة:.
    • * الحقوق ثلاثة أنواع:.
    • * حالات الوكالة:.
    • * تبطل الوكالة بما يلي:.
    * حكمة مشروعية الوكالة:
    الوكالة من محاسن الإسلام، فكل أحد بحكم ارتباطه بغيره قد تكون له حقوق أو تكون عليه حقوق، فإما أن يباشرها بنفسه أخذاً وعطاءً، أو يتولاها عنه غيره، وليس كل إنسان قادراً على مباشرة أموره بنفسه، ومن هنا أجاز له الإسلام توكيل غيره ليقوم بها نيابة عنه.
    * الوكالة: عقد جائز، يجوز لكل من الوكيل والموكل فسخها في أي وقت.
    * الوكالة تنعقد بكل ما يدل عليها من قول أو فعل.
    * الحقوق ثلاثة أنواع:
    1 - نوع تصح الوكالة فيه مطلقاً، وهو ما تدخله النيابة كالعقود، والفسوخ، والحدود ونحوها.
    2 - ونوع لا تصح الوكالة فيه مطلقاً وهو العبادات البدنية المحضة كالطهارة، والصلاة ونحوهما.
    3 - ونوع تصح فيه الوكالة مع العجز كحج فرض وعمرته.
    * تصح الوكالة من جائز التصرف لنفسه، ويصح التوكيل في كل ما تجوز فيه النيابة من العقود كالبيع، والشراء، والإجارة ونحوها، ومن الفسوخ كالطلاق، والعتق، والإقالة ونحوها، وفي الحدود في إثباتها واستيفائها ونحو ذلك.
    * حالات الوكالة:
    الوكالة: تصح مؤقتة كأن يقول أنت وكيلي شهراً، وتصح معلقة بشرط كأن يقول: إذا تمت إجارة داري فبعها، وتصح منجزة كأن يقول أنت وكيلي الآن، ويصح قبولها على الفور والتراخي.
    * ليس للوكيل أن يوكل فيما وُكِّل فيه إلا إذا أذن له الموكِّل بذلك، فإن عجز فله التوكيل إلا في الأمور المالية، فلا بد من إذن الموكل.
    * تبطل الوكالة بما يلي:
    1 - فسخ أحدهما لها.
    2 - عزل الموكل للوكيل.
    3 - موت أحدهما أو جنونه.
    4 - حجر السفه على أحدهما.
    * يجوز التوكيل بأجر أو بغير أجر، والوكيل أمين فيما وُكِّل فيه لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط، فإن تعدى أو فرط ضمن، ويقبل قوله في نفي التفريط مع يمينه.
    * من علم من نفسه الكفاءة والأمانة ولم يخش من نفسه الخيانة ولم تشغله الوكالة عما هو أهم فهي مستحبة في حقه؛ لما فيها من الأجر والثواب، حتى لو كانت بأجرة مع حسن الإخلاص وإتمام العمل.
    12 - الشركة
    • * حكمة مشروعية الشركة:.
    • * الشركة نوعان:.
    * حكمة مشروعية الشركة:
    الشركة من محاسن الإسلام، وهي سبب لحصول البركة ونماء المال إذا قامت على الصدق والأمانة، والأمة بحاجة إليها خاصة في المشاريع الكبرى التي لا يستطيعها الشخص بمفرده كالمشاريع الصناعية، والعمرانية، والتجارية، والزراعية ونحوها.
    * الشركة عقد جائز مع المسلم وغيره، فتجوز مشاركة الكافر بشرط أن لا ينفرد الكافر بالتصرف من دون المسلم فيتعامل بما حرم الله كالربا، والغش والتجارة فيما حرم الله من خمر وخنزير وأصنام ونحو ذلك.
    * الشركة نوعان:
    1 - شركة أملاك: وهي اشتراك اثنين فأكثر في استحقاق مالي كالاشتراك في تملك عقار، أو تملك مصنع، أو تملك سيارات ونحو ذلك، ولا يجوز لأحدهما أن يتصرف إلا بإذن صاحبه، فإن تصرف نفذ في نصيبه فقط إلا أن يجيزه صاحبه فينفذ في الكل.
    2 - شركة عقود: وهي الاشتراك في التصرف كالبيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، وهي أقسام:
    1 - شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان فأكثر ببدنيهما وماليهما المعلوم ولو متفاوتاً ليعملا فيه ببدنيهما، أو يعمل فيه أحدهما ويكون له من الربح أكثر من الآخر، ويشترط أن يكون رأس المال معلوماً من النقود أو العروض المقدرة بها، ويكون الربح والخسارة على قدر مال كل واحد منهما من المال المشترك حسب الاشتراط والتراضي.
    2 - شركة المضاربة: وهي أن يدفع أحد الشريكين إلى الآخر مالاً فيَتَّجر به، بجزء معلوم مشاع من ربحه كالنصف أو الثلث ونحوهما، وعلى أي ذلك حصل التراضي صح، والباقي للآخر، وإن خسر المال بعد التصرف جُبر من الربح وليس على العامل شيء، وإن تلف المال بغير تعد ولا تفريط لم يضمنه العامل المضارب، والمضارب أمين في قبض المال، ووكيل في التصرف، وأجير في العمل، وشريك في الربح.
    * التعدي: فعل ما لا يجوز من التصرفات، والتفريط: ترك ما يجب فعله.
    3 - شركة الوجوه: أن يشتريا في ذمتيهما بجاههما دون أن يكون لهما رأس مال اعتمادا على ثقة التجار بهما، فما ربحا فبينهما، وكل واحد منهما وكيل صاحبه، وكفيل عنه، والملك بينهما على ما شرطاه، والخسارة على قدر ملكيهما، والربح على ما شرطاه حسب الاتفاق والتراضي.
    4 - شركة الأبدان: أن يشترك اثنان فأكثر فيما يكتسبان بأبدانهما من المباح كالاحتطاب، وسائر الحرف والمهن وما رزق الله فهو بينهما حسب الاتفاق والتراضي.
    5 - شركة المفاوضة: وهي أن يفوض كل من الشركاء إلى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة بيعاً وشراء في الذمة، وهي الجمع بين الشركات الأربع السابقة، والربح بينهما حسب الشرط، والخسارة على قدر ملك كل واحد منهم من الشركة.
    * شركة العنان والمضاربة والوجوه والأبدان خير وسيلة لتنمية المال، ونفع الأمة، وتحقيق العدل.
    فالعنان مال وعمل من الطرفين سوياً، والمضاربة مال من أحدهما وعمل من الآخر، والأبدان عمل منهما معاً، والوجوه بما يأخذان بجاههما من الناس.
    * بمثل هذه الشركات والمعاملات يُستغنى عن الربا الذي هو ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل، وتتسع دائرة الاكتساب في حدود المباح، فقد أباحت شريعة الإسلام للإنسان الاكتساب منفرداً أو مشتركاً مع غيره حسب ما ورد في الشرع.
    * إذا اتفقت إحدى الشركات الأجنبية مع مواطن تستخدم اسمه ووجاهته ولا تطالبه بمال ولا عمل وتعطيه مقابل ذلك مبلغاً معيناً من المال أو نسبة من الربح فهذا العمل غير جائز، والعقد غير صحيح؛ لما فيه من الكذب والخداع والغرر والضرر، وفي الشركات السابقة غنية عنه.
    13 - المساقاة والمزارعة
    • * فضل المساقاة والمزارعة:.
    • * حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:.
    * فضل المساقاة والمزارعة:
    عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320)، ومسلم برقم (1553).
    * حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:
    من الناس من يملك الأرض والشجر أو يملك الأرض والحب ولكن لا يستطيع سقيها والعناية بها، إما لعدم معرفته، أو لانشغاله، ومن الناس من يملك القدرة على العمل لكن ليس في ملكه شجر ولا أرض، فلمصلحة الطرفين أباح الإسلام المساقاة والمزارعة؛ عمارة للأرض، وتنمية للثروة، وتشغيلاً للأيدي العاملة التي تملك القدرة على العمل ولا تملك المال والشجر.
    * المساقاة والمزارعة عقد لازم، ولا يجوز فسخها إلا برضى الآخر، ويشترط لها مدة معلومة ولو طالت، وأن تكون برضى الطرفين.
    * يجوز الجمع بين المساقاة والمزارعة في بستان واحد، بأن يساقيه على الشجر بجزء معلوم مشاع من الثمرة، وبزرعه الأرض بجزء معلوم مشاع من المزروع.
    عن ابن عُمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عامَلَ خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. متفق عليه (1).
    * المخابرة: أن يجعل المزارع لصاحب الأرض ما على الجداول والسواقي أو يجعل له جانباً معيناً من الزرع، وهي محرمة؛ لأن في ذلك غرراً وجهالة وخطراً، فقد يسلم هذا ويهلك هذا فتقع الخصومة.
    * تجوز إجارة الأرض بالنقود وبجزء معلوم مشاع مما يخرج منها كالنصف أو الثلث ونحوهما.
    * تجوز معاملة الكفار في الزراعة والصناعة والتجارة والبناء ونحو ذلك بما لا يتنافى مع الشرع.
    * يحرم على المسلم اقتناء الكلاب إلا ما فيه مصلحة، ككلب صيد، أو ماشية، أو زرع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض، فإنه يَنْقُصُ أجره قيراطان كل يوم)). متفق عليه (2).
    * من أوقد النار في ملكه لغرض صحيح فطيرتها الريح فأحرقت مال غيره ولا يملك ردها فلا يضمنه.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2328)، واللفظ له، ومسلم برقم (1551).
    (2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2322)، ومسلم برقم (1575)، واللفظ له.
    14 - الإجارة
    • * حكم الإجارة:.
    • * حكمة مشروعية الإجارة:.
    • * الإجارة نوعان:.
    • * شروط الإجارة:.
    • * حكم تأجير أهل المحرمات:.
    • * حكم الشرط الجزائي:.
    * حكم الإجارة:
    الإجارة عقد لازم من الطرفين، وتنعقد بكل لفظ يدل عليها كأجرتك وأكريتك ونحو ذلك مما جرى به العرف.
    * حكمة مشروعية الإجارة:
    الإجارة فيها تبادل المنافع بين الناس بعضهم بعضاً، فهم يحتاجون أرباب الحرف للعمل، والبيوت للسكنى، والدواب والسيارات والآلات ونحوها للحمل والركوب والانتفاع، لذا أباح الله الإجارة تيسيراً على الناس، وقضاء لحاجاتهم بيسير من المال مع انتفاع الطرفين، فلله الحمد والمنة.
    * الإجارة نوعان:
    1 - أن تكون على عين معلومة كأجرتك هذه الدار أو السيارة بكذا.
    2 - أن تكون على عمل معلوم كأن يستأجر شخصاً لبناء جدار أو حرث أرض ونحوهما.
    * شروط الإجارة:
    1 - أن تكون من جائز التصرف.
    2 - معرفة المنفعة كسكنى الدار، أو خدمة الآدمي.
    3 - معرفة الأجرة.
    4 - أن تكون المنفعة مباحة كدار للسكن، فلا تصح على نفع محرّم كأن يؤجر داراً أو محلاً لبيع الخمر، ودوراً للبغي، وجعل داره كنيسة أو لبيع المحرمات.
    * يشترط في العين المؤجرة معرفتها برؤية أو صفة، وأن يعقد على نفعها دون أجزائها، وأن يقدر على تسليمها، وأن تشتمل على المنفعة المباحة، وأن تكون مملوكة للمؤجر أو مأذوناً له فيها.
    * يجوز للمستأجر أن ينتفع بالعين المؤجرة بنفسه، وله إجارتها لمن يقوم مقامه بما شاء إن كان مثله أو أقل منه لا بأكثر منه ضرراً.
    * إن ركب طائرة أو سيارة أو سفينة، أو أعطى ثوبه خياطاً، أو استأجر حمالاً بلا عقد صح ذلك كله بأجرة العادة.
    * تصح إجارة الوقف، فإن مات المؤجر وانتقل إلى من بعده، لم تنفسخ، وللثاني حصته من الأجرة.
    * كل ما حرم بيعه حرمت إجارته إلا الوقف، والحر، وأم الولد.
    * تجب الأجرة بالعقد، ويجب تسليم الأجرة بعد مضي المدة، وإن تراضيا على التأجيل، أو التعجيل، أو التقسيط جاز، ويستحق الأجير أجرته إذا قضى عمله متقناً تاماً، فيعطى أجرته قبل أن يجف عرقه.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)). أخرجه البخاري (1).
    * يجوز بيع العين المؤجرة كالدار والسيارة ونحوهما، ويأخذها المشتري بعد استيفاء المستأجر منفعته وانتهاء مدة إجارته.
    * لا يضمن الأجير ما تلف بيده، ما لم يفرط أو يتعد، ولا يجوز للمرأة تأجير نفسها لعمل أو رضاع إلا بإذن زوجها.
    * يجوز أخذ الأجرة على التعليم، وبناء المساجد ونحوها.
    * يجوز أن يأخذ الإمام أو المؤذن أو المعلم للقرآن رزقاً من بيت المال، ومن عمل منهما لله تعالى أثيب، وما يأخذه من بيت المال إعانة على الطاعة لا عوضاً أو أجرة على عمله.
    * يجوز أن يستأجر المسلم كافراً عند الضرورة كأن لم يجد مسلماً، ولا يجوز للمسلم خدمة الكافر بإجارة ولا غيرها، فإن كان في غير خدمة نفسه كحداد أو نجار جاز
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2270).
    * حكم تأجير أهل المحرمات:
    لا يجوز تأجير البيوت والمحلات على من يبيع حراماً كآلات اللهو المحرمة، والأفلام الخليعة، والصور الفاتنة، وكذا من يتعاطى المعاملات المحرمة كالبنوك الربوية، ومن يتخذ البيت معملاً للخمر، أو مأوى لأهل الملاهي والزنى ونحو ذلك كمحلات بيع الدخان، وحلق اللحى، وأشرطة الفيديو والغناء؛ لأن في تأجير ذلك إعانة على المحرم، وقد نهى الله عنه.
    قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة/2).
    * قد يكون السكن أو الدكان في مكان مرغوب مطلوب، وهنا يجوز دفع بدل الخلو للمستأجر أثناء مدة الإجارة مقابل تخليه عن بقية مدة الإجارة ولو زاد عن الأجرة الدورية لا بعد انقضاء المدة.
    * حكم الشرط الجزائي:
    الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود بين الناس شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، فهو جائز لإتمام العقد في وقته، وفيه سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق العباد ما لم يكن هناك عذر شرعي فيكون العذر مسقطاً لوجوبه، وإن كان الشرط كثيراً عرفاً فيجب الرجوع إلى العدل والإنصاف حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة عند الحاكم.
    ومثاله: كأن يتفق رجل مع آخر على أن يبني له بيتاً خلال سنة بمائة ألف، وإذا تأخر عن السنة فعليه أن يدفع عن كل شهر ألف ريال، فتأخر عن السنة أربعة أشهر بلا عذر، فيلزمه أن يدفع أربعة آلاف ريال لصاحب الدار.
    15 - السبق.
    • * حكمة مشروعية المسابقة:.
    • * شروط صحة المسابقة:.
    • * أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات:.
    • * يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنرد:.
    • * حكم اللعب بالكرة المعاصرة:.
    * حكمة مشروعية المسابقة:
    المسابقة والمصارعة من محاسن الإسلام، وهما مشروعتان؛ لما فيهما من المرونة والتدريب على الفنون العسكرية، والكر والفر، وتقوية الأجسام، والصبر والجلد، وتهيئة الأعضاء والأبدان للجهاد في سبيل الله تعالى.
    * المسابقة: تكون بالعدو بين الأشخاص، وتكون بالرمي بالسهام والأسلحة، وتكون بالخيل والإبل.
    * شروط صحة المسابقة:
    1 - أن يكون المركوب أو الآلة التي يرمي بها من نوع واحد.
    2 - تحديد المسافة ومدى الرمي.
    3 - أن يكون العوض معلوماً مباحاً.
    4 - تعيين المركوبين أو الراميين.
    * تباح المصارعة والسباحة وكل ما يقوي الجسم ويبعث على الصبر والجلد إذا لم يشغل عن واجب أو عن ما هو أهم منه أو يكون فيه ارتكاب محظور.
    * الملاكمة والمصارعة الحرة التي تمارس اليوم في حلبات الرياضة محرمة لا تجوز؛ لما فيها من الخطر والضرر وكشف العورات.
    * لا يجوز التحريش بين البهائم وإغراء بعضهما ببعض، ولا يجوز اتخاذها غرضاً للرمي.
    * لا تصح المسابقة بعوض إلا في إبل، أو خيل، أو رمي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا سبق إلا في نَصلٍ أو خُفٍ أو حافرٍ)). أخرجه أبو داود والترمذي (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2574)، صحيح سنن أبي داود رقم (2244). وأخرجه الترمذي برقم (1700)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (1390).
    * أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات:
    1 - يجوز بعوض وهو المسابقة في الإبل أو الخيل أو الرمي.
    2 - لا يجوز بعوض ولا بغير عوض كالنرد والشطرنج والقمار ونحوها.
    3 - يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض وهذا هو الأصل والأغلب كالمسابقة على الأقدام والسفن والمصارعة ونحوها، لكن يجوز أن يعطى الفائز تشجيعاً له جائزة أو عوضاً غير محدد ولا مسمى.
    * يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنرد:
    1 - قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) (المائدة/90).
    2 - عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لعب بالنَّردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزيرٍ ودَمِه)). أخرجه مسلم (1).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (2260).
    * حكم اللعب بالكرة المعاصرة:
    اللعب بالكرة المعاصرة من اللهو الباطل، واللعب بها لا يجوز؛ لما فيه من التشبه بالكفار، والتحاكم إلى الطاغوت والقانون عند الإصابة وغيرها، وضياع الأوقات في اللهو واللعب، وإضاعة الأموال، وكشف العورات والأفخاذ، والفتنة بالمردان، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة تركاً أو تأخيراً، وإيقاع الفرقة والعداوة والبغضاء بين اللاعبين والمشجعين خاصة عند المباريات، وإثارة الفتن والتحزبات، وحصول السب والشتم من بعضهم لبعض، والإشغال عن طلب العلم والدعوة إلى الله، ولما تسببه غالباً من التصادم والكسور بين اللاعبين، فهي من اللهو الباطل الذي شغل الأعداء به الناس عما خلقوا من أجله وهو العبادة والدعوة، نسأل الله السلامة والعافية، فإن خلت من تلك المحاذير أبيحت.
    * الهدايا والجوائز التي تقدم في الأسواق على كمية المبيعات، وفي المسابقات والعروض والمهرجانات الرياضية والتجارية والفنية ومسابقات الرسم والتصوير لذوات الأرواح ومسابقات عرض الأزياء ومسابقات ملكات الجمال ونحو ذلك مما يوقع فيما حرم الله، كل ذلك من اللعب بعقول الأمة، وأكل أموالها بالباطل، وإضاعة أوقاتها، وإفساد دينها وأخلاقها، واشتغالها بذلك عما خلقت من أجله، فعلى المسلم الحذر من ذلك.
    16 - العارية
    • * حكمة مشروعيتها:.
    * حكمة مشروعيتها:
    قد يحتاج الإنسان إلى الانتفاع بعين من الأعيان وهو لا يستطيع أن يتملكها، ولا يملك مالاً فيدفع أجرتها، وبعض الناس قد لا تقوى نفسه على الصدقة أو الهبة، ومن هنا شرع الإسلام العارية قضاء لحاجة المستعير، مع حصول الأجر والثواب للمعير ببذل المنفعة لأخيه مع بقاء العين له.
    * العارية سنة مندوب إليها؛ لما فيها من الإحسان، وقضاء الحاجات، وجلب المودة والمحبة، وتنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها.
    * شروط صحة العارية: أن تكون العين منتفعاً بها مع بقائها، وأن يكون النفع مباحاً، وأن يكون المعير أهلاً للتبرع، ومالكاً لما يعيره.
    * يباح إعارة كل ذي نفع مباح كالدار، والدابة، والسيارة، والآلة ونحوها.
    * يحرم إعارة ما فيه معصية لله تعالى كالأواني لشرب الخمر، والدور للبغاء ونحوها.
    * يجب على المستعير المحافظة على العارية وردها سليمة إلى صاحبها، ولا يجوز للمستعير أن يعير العارية لغيره إلا بإذن مالكها.
    * تضمن العارية إن تلفت بيد المستعير إن فرط أو تعدى، فإن تلفت بغير تعد ولا تفريط فلا ضمان على المستعير.
    17 - الغصب
    • * أقسام الظلم:.
    • * حكم الغصب:.
    * أقسام الظلم:
    الظلم ثلاثة: ظلم لا يتركه الله، وظلم يُغفر، وظلم لا يُغفر.
    فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك لا يغفره الله.
    وأما الظلم الذي يُغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه.
    وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد يقتص الله لبعضهم من بعض.
    * حكم الغصب:
    الغصب حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ من غيره شيئاً مهما كان إلا بطيبة من نفسه.
    1 - قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/188).
    2 - عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أخذ شبراً من الأرض ظلماً فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين)). متفق عليه (1).
    * إذا غصب أرضاً فغرسها أو بنى فيها لزمه القلع وإزالة البناء وضمان النقص والتسوية إن طالبه المالك بذلك، وإن تراضيا على القيمة جاز.
    * إذا زرع الغاصب الأرض وردها بعد أخذ الزرع فهو للغاصب وعليه أجرة
    الأرض لمالكها، وإن كان الزرع قائماً فيها، خُيِّر ربها بين تركه إلى الحصاد بأجرة مثله، وبين أخذه بنفقته.
    * يجب على الغاصب رد ما غصبه على صاحبه ولو غرم أضعافه لأنه حق غيره فوجب رده، وإن اتجر في المغصوب فالربح بينهما مناصفة، وإن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب رده وأجرة مثله مدة بقائه في يده.
    * إذا نسج الغاصب الغزل أو قصر الثوب أو نجر الخشب ونحو ذلك لزمه رده لمالكه وأرش نقصه ولا شيء للغاصب.
    * إذا خلط الغاصب ما أخذه بما لا يتميز كزيت بمثله، أو أرز بمثله ونحوهما، فإن لم تنقص القيمة ولم تزد فهما شريكان بقدر ماليهما، وإن نقصت ضمنها الغاصب، وإن زادت قيمة أحدهما فلصاحبه.
    * ما تلف أو تعيب من مغصوب مثلي غرم مثله، وإلا يكن مثلي فقيمته يوم تعذر المثل.
    * تصرفات الغاصب من بيع ونكاح وحج ونحو ذلك موقوفة على إجازة المالك، فإن أجازها وإلا بطلت.
    * القول في قيمة التالف أو قدره أو صفته قول الغاصب مع يمينه ما لم تكن بينة للمالك، والقول في رده وعدم عيبه قول المالك ما لم تكن بينة.
    * إذا فتح قفصاً أو باباً أو حل وكاءً أو رباطاً أو قيداً فذهب ما فيه أو تلف ضمنه، سواء كان مكلفاً أو غير مكلف؛ لأنه فوّته عليه.
    * إذا أتلفت البهائم شيئاً من الزروع ونحوها ليلاً ضمنه صاحبها؛ لأن عليه حفظها ليلاً، وما أتلفته نهاراً لم يضمنه؛ لأن على أهل المزارع حفظها نهاراً إلا إن فرط صاحبها فيضمن ما أتلفته.
    * من اقتنى كلباً عقوراً أو أسداً أو ذئباً فأطلقه، أو طيراً جارحاً فأتلف شيئاً ضمنه.
    * إذا أراد رد المغصوب وجهل صاحبه سلمه الحاكم إن كان عدلاً، أو تصدق به عنه، ويضمنه إن لم يجزه صاحبه فيما بعد.
    * إذا كانت بيد الغاصب أموال مغصوبة، وسرقات، وأمانات، وودائع للناس، ورهون ونحوها، ولم يعرف أصحابها فله الصدقة بها، وله صرفها في مصالح المسلمين ويبرأ من عهدتها.
    * من كسب مالاً حراماً كثمن خمر ثم تاب، فإن كان لم يعلم بالتحريم ثم علم جاز له أكله، وإن كان يعلم بالتحريم ثم تاب فإنه يتخلص منه فينفقه في وجوه البر ولا يأكله.
    * لا ضمان في إتلاف آلات اللهو، والصلبان، وأواني الخمر، وكتب الضلال والمجون، وآلات السحر ونحوها؛ لأنها محرمة لا يجوز بيعها، لكن يكون إتلافها بأمر الحاكم ورقابته؛ ضماناً للمصلحة، ودفعاً للمفسدة.
    * من أجج ناراً بملكه فتعدت إلى ملك غيره بتفريطه فأتلفت شيئاً ضمنه، لا إن طرأت ريح فلا ضمان عليه؛ لأنه ليس من فعله ولا بتفريطه.
    * البهائم إذا اعترضت الطرق العامة المعبدة بالإسفلت ونحوه فضربتها سيارة فهلكت فهي هدر لا ضمان على من أتلفها إن لم يفرط أو يتعد، وصاحبها آثم بتركها وإهمالها.
    * يحرم على الغاصب الانتفاع بالمغصوب ويجب عليه رده، وكذا سائر المظالم.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه)). أخرجه البخاري (2).
    * يجوز للإنسان الدفاع عن نفسه وماله إذا قصده آخر لقتله، أو أخذ ماله.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ((فلا تعطه مالك)) قال أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتله)) قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيد)) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ((هو في النار)). أخرجه مسلم (3).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3198)، واللفظ له، ومسلم برقم (1610).
    (2) أخرجه البخاري برقم (2449).
    (3) أخرجه مسلم برقم (140).
    18 - الشفعة والشفاعة
    • * حكمه مشروعية الشفعة:.
    * حكمه مشروعية الشفعة:
    الشفعة من محاسن الإسلام، شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما يشتري نصيب شريكه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر.
    * تثبت الشفعة في كل شيء لم يقسم من أرض، أو دار، أو حائط، ويحرم التحيّل لإسقاطها؛ لأنها شرعت لإزالة الضرر عن الشريك.
    عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة. متفق عليه (1).
    * الشفعة حق للشريك متى علم بالبيع، فإن أخرها بطلت شفعته إلا أن يكون غائباً أو معذوراً فيكون على شفعته متى قدر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته.
    * إذا مات الشفيع ثبتت الشفعة لورثته، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت.
    * لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن شريكه، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وإن أذن له وقال لا غرض لي فيه لم يكن له المطالبة به بعد البيع.
    * الجار أحق بشفعة جاره، فإذا كان بين الجارين حق مشترك من طريق أو ماء ثبتت الشفعة لكل منهما لقوله عليه الصلاة والسلام: ((الجار أحق بشفعة جاره يُنْتَظَرُ بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)). أخرجه أبوداود وابن ماجه (2).
    * الشفاعة: هي طلب العون للغير.
    * الشفاعة قسمان: حسنة وسيئة.
    1 - الشفاعة الحسنة: هي ما كانت فيما استحسنه الشرع، كأن يشفع لإزالة ضرر، أو جرَّ منفعة إلى مستحق، أو رفع مظلمة عن مظلوم، فهذه محمودة، وصاحبها مأجور.
    2 - الشفاعة السيئة: هي ما كانت فيما حرَّمه أو كَرِهه الشرع، كأن يشفع في إسقاط حد، أو هضم حق، أو إعطائه لغير مستحقه، فهذه مذمومة، وصاحبها مأزور غير مأجور.
    قال الله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (النساء/85)
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2257)، واللفظ له، ومسلم برقم (1608). (2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3518)، صحيح سنن أبي داود رقم (3004). وأخرجه ابن ماجه برقم (2494)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (2023).
    19 - الوديعة
    • * حكمة مشروعيتها:.
    * حكمة مشروعيتها:
    قد تطرأ على الإنسان أحوال يكون فيها غير قادر على حفظ ماله، إما لفقد المكان أو لعدم الإمكان، ويكون عند غيره من إخوانه القدرة على حفظ ماله، ومن هنا أباح الإسلام الوديعة لحفظ المال من جهة، وكسب الأجر من جهة المودع، وفي حفظها ثواب جزيل، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
    * الوديعة عقد جائز، إن طلبها صاحبها وجب ردها إليه، وإن ردها المستودَع لزم صاحبها قبولها.
    * يستحب قبول الوديعة لمن علم أنه قادر على حفظها؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى، وفيها ثواب جزيل، وتكون من جائز التصرف لمثله.
    * إذا تلفت الوديعة من بين ماله ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن، ويلزم حفظها في حرز مثلها.
    * إذا حصل خوف وأراد المودع أن يسافر فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله، فإن لم يمكن دَفَعها إلى الحاكم إن كان عدلاً، فإن لم يمكن أودعها عند ثقة ليردها إلى صاحبها.
    * من أودع دابة فركبها لغير نفعها، أو دراهم فأخرجها من حرزها أو خلطها بغير متميز فضاع الكل أو تلف ضمن.
    * المودَع أمين لا يضمن إلا إن تعدى أو فرط، ويُقبل قول المودَع مع يمينه في رد الوديعة وتلفها وعدم التفريط ما لم يكن بينة.
    * الوديعة مالاً كانت أو غيره أمانة عند المودَع، يجب ردها عندما يطلبها صاحبها، فإن لم يردها بعد طلب صاحبها من غير عذر فتلفت ضمنها.
    قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء/58).
    * إذا طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل، أو موزون، أو معدود ينقسم أُعطي إياه.
    20 - إحياء الموات
    • * حكمة مشروعيته:.
    • * فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:.
    • * حكم أحياء الموات:.
    • * كيفية إحياء الأرض الموات: يحصل إحياء الأرض بما يلي:.
    • * حكم التعدي على حق الغير:.
    * حكمة مشروعيته:
    إحياء الموات فيه اتساع دائرة الرزق، وانتفاع المسلمين بما يخرج منها من طعام وغيره، ومن زكاة تُفَرَّق على المستحقين.
    * فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:
    عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مُسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320)، واللفظ له، ومسلم برقم (1553).
    * حكم أحياء الموات:
    من أحيا أرضاً ميتة ليست لأحد فهي له، من مسلم وذمي، بإذن الإمام وعدمه، في دار الإسلام وغيرها، ما لم تتعلق بمصالح المسلمين كالمقبرة ومحل الاحتطاب وموات الحرم وعرفات فلا يملك بالإحياء.
    عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أعمرَ أرضاً ليست لأحد فهو أحق)). أخرجه البخاري (1).
    _________
    (1) أخرجه البخاري برقم (2335).
    * كيفية إحياء الأرض الموات:
    يحصل إحياء الأرض بما يلي:
    إما بحائط منيع مما جرت به العادة، أو بإجراء الماء، أو حفر بئر فيها، أو غرس شجر، ويُرجع في ذلك إلى العرف، فما عده الناس إحياءً فإنه تملك به الأرض الموات، فمن أحياها إحياء شرعياً ملكها بجميع ما فيها كبيرة كانت أو صغيرة، وإن عجز فللإمام أخذها وإعطاؤها لمن يقدر على إحيائها.
    * الأرض الواقعة في البلد أو القريبة منه لا تملك إلا بإذن الإمام، فقد يحتاجها المسلمون لمقبرة أو بناء مسجد أو مدرسة أو نحوها، وامتلاكها يفوت هذه المصالح العامة.
    * الأرض الموات التي تنحدر سيلها إلى أرض مملوكة فهي تبع لها على وجه الاختصاص لا يسوغ إحياؤها ولا إقطاعها لغير أهل الأرض المملوكة إلا بإذنهم.
    * يجوز للإمام إقطاع موات لمن يحييه، وإقطاع الجلوس في الطرقات الواسعة للبيع والشراء ما لم يضيق على الناس، ومن غير إقطاع يجوز الجلوس فيها لمن سبق، فإن سبقا معاً اقترعا، وإذا اختلف الناس في الطريق جُعل سبعة أذرع.
    * التحجر لا يفيد التملك وإنما يفيد الاختصاص والأحقية من غيره كأن يحيط الأرض بجدار ليس بمنيع أو بشبك أو خندق أو حاجز ترابي أو يحفر بئراً ولا يصل إلى الماء، فيضرب له ولي الأمر مدة لإحيائها، فإن أحياها إحياء شرعياً وإلا نزعها من يده وسلمها لمتشوِّف لإحيائها.
    * يجوز لمن في أعلى الماء المباح كماء النهر والوادي السقي وحبس الماء إلى الكعبين، ثم يرسله إلى من تحته.
    * يجوز للإمام دون غيره حمى مرعىً للدواب والخيل التي تتبع بيت مال المسلمين كخيل الجهاد وإبل الصدقة ونحوهما ما لم يضر بالمسلمين.
    * من سبق إلى مباح وحازه فهو له كصيد، وعنبر، وحطب ونحو ذلك.
    * المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار، ولا يجوز الحمى إلا لمصالح المسلمين العامة.
    * حكم التعدي على حق الغير:
    يحرم على المسلم الاعتداء على حق غيره من مال أو عقار وغيرهما.
    1 - عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ظلم قيد شبر من الأرض طُوِّقَهُ من سبع أرضين)). متفق عليه (1).
    2 - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين)). أخرجه البخاري (2).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2453)، واللفظ له، ومسلم برقم (1612).
    (2) أخرجه البخاري برقم (2454).
    21 - الجعالة
    • * صفة الجعالة:.
    * صفة الجعالة:
    أن يقول الإنسان مثلاً: من بنى لي هذا الجدار، أو خاط هذا الثوب، أو رَدَّ هذا الفرس فله كذا مالاً، فمن فعله استحق الجعل.
    * يجوز فسخ الجعالة، فإن كان الفسخ من العامل لم يستحق شيئاً.
    وإن كان الفسخ من الجاعل:
    فإن كان قبل الشروع في العمل لم يستحق العامل شيئاً.
    وإن كان بعده فللعامل أجرة عمله.
    * من رد لقطة أو ضالة أو نحوهما من غير جعل لم يستحق عوضاً، ويستحب إعطاؤه ما تيسر.
    * من استنقذ مال غيره من الهلكة ورده إلى صاحبه استحق أجرة المثل ولو بغير شرط.
    22 - اللقطة واللقيط
    • * المال الضائع على ثلاثة أقسام:.
    • * حكم لقطة الحرم:.
    • * حكم إنشاد الضالة في المسجد:.
    • * حضانة اللقيط:.
    * المال الضائع على ثلاثة أقسام:
    1 - ما لا تتبعه همة أوساط الناس كالسوط والعصا والرغيف والثمرة ونحوها، فهذا يُملك بأخذه إن لم يجد صاحبه، ولا يجب تعريفه، والأفضل أن يتصدق به.
    2 - الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل والبقر والخيل والضبا والطيور ونحوها فهذه لا تلتقط، ومن أخذها لزمه ضمانها وتعريفها أبداً.
    3 - سائر الأموال كالنقود والأمتعة والحقائب والحيوانات التي لا تمتنع بنفسها من السباع كالغنم والفصلان ونحوها، فهذه يجوز أخذها إن أمن نفسه عليها وقوي على تعريفها، فَيُشهد عليها عدلين، ويحفظ عفاصها ووكاءها، ثم يعرفها سنة كاملة في المجتمعات العامة كالأسواق، وأبواب المساجد، ونحوها من وسائل الإعلام المباحة.
    * إذا عَرَّف اللقطة سنة كاملة، فإن وجد صاحبها سلمها إليه بلا بينة ولا يمين، وإن لم يجده عَرَف صفاتها وقدرها ثم تصرف فيها وتَمَلَّكها، ومتى جاء صاحبها فوصفها دفعها إليه أو مثلها إن كانت قد تلفت.
    * إن هلكت اللقطة أو تلفت في حول التعريف بغير تعدٍّ منه ولا تفريط فلا ضمان عليه.
    * إن كانت اللقطة شاة أو فصيلاً أو نحوهما أو ما يُخشى فساده فللملتقط أن يفعل الأحظ لمالكه من أكله وعليه قيمته، أو بيعه وحفظ ثمنه، أو حفظه مدة التعريف، ويرجع بما أنفق عليه على مالكه.
    عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، الذهب، أو الوَرِق؟ فقال: ((اعْرِفْ وكاءَها وعِفاصَها ثم عرِّفها سنة فإن لم تَعرِفْ فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدِّها إليه)).
    وسأله عن ضالة الإبل فقال: ((ما لك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها تَرِدُ الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها)).
    وسأله عن الشاة فقال: ((خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)). متفق عليه (1).
    * السفيه والصغير يُعرِّف لقطتهما وليهما.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (91)، ومسلم برقم (1722)، واللفظ له.
    * حكم لقطة الحرم:
    لقطة الحرم لا يجوز أخذها إلا إذا خاف عليها التلف أو الضياع، ويجب على آخذها تعريفها ما دام في مكة.
    وإذا أراد الخروج سلمها لجهات الاختصاص من حاكم أو نائبه، أو من ينوب عنه، ولا يجوز تملك لقطة مكة بحال، ولا يجوز أخذها إلا لمن يُعرِّفها أبداً، أما لقطة الحاج فيحرم التقاطها سواء كانت في الحل أو الحرم.
    * حكم إنشاد الضالة في المسجد:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: ((لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا)). أخرجه مسلم (1).
    * اللقيط: هو طفل لا يُعرف نسبه ولا رِقّه نُبذ في مكان أو ضل الطريق.
    * حكم التقاطه: فرض كفاية، ولمن أخذه ورباه أجر عظيم.
    * اللقيط إذا وُجد في دار الإسلام حُكم بإسلامه، ويُحكم بحريته أينما وجد؛ لأنها الأصل ما لم يتبين خلاف ذلك.
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (568).
    * حضانة اللقيط:
    حضانة اللقيط لواجده إن كان مكلفا أميناً عدلاً، ونفقته على بيت مال المسلمين، وإن وُجد معه شيء أُنفق عليه منه.
    * ميراث اللقيط وديته لبيت المال إن لم يخلِّف وارثاً، ووليه في قتل العمد الإمام، يخير فيه بين القصاص والدية لبيت المال.
    * إن أقر رجل أو امرأة ذات زوج مسلم أو كافر أنه ولده لحق به، وإن ادعاه جماعة قُدِّم ذو البينة، فإن لم تكن بينة فمن ألحقته القافة به لحقه.
    23 - الوقف
    • * حكمة مشروعية الوقف:.
    • * حكم الوقف:.
    • * شروط صحة الوقف:.
    • * كيف يُكتب الوقف:.
    • * أفضل أبواب الوقف:.
    * حكمة مشروعية الوقف:
    يرغب من وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات، ويكثروا من القربات فيجعلوا شيئاً من أموالهم العينية مما يبقى أصله وتستمر منفعته وقفاً؛ خشية أن يؤول بعد الموت إلى من لا يحفظه ولا يصونه، لذا شرع الله الوقف.
    * حكم الوقف:
    الوقف مستحب، وهو من أفضل الصدقات التي حث الله تعالى عليها، وأجل أعمال القُرَب والبر والإحسان وأعمها وأكثرها فائدة، وهو من الأعمال التي لا تنقطع بعد الموت.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعُو له)). أخرجه مسلم (1).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (1631).
    * شروط صحة الوقف:
    1 - أن يكون في عين معلومة يُنتفع بها مع بقاء عينها.
    2 - أن يكون على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء.
    3 - أن يقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو شخص كزيد مثلاً، أو صنف كالفقراء.
    4 - أن يكون مُنَجَّزاً غير مؤقت ولا معلق إلا إذا علقه بموته.
    5 - أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه.
    * ينعقد الوقف بالقول كأن يقول: وَقَّفت، وحَبَّست، وسَبَّلت ونحوها. ويصح بالفعل كمن بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه، أو مقبرة وأذن للناس بالدفن فيها.
    * يجب العمل بشرط الواقف في جمع، وتقديم، وترتيب ونحوها ما لم يخالف الشرع، فإن أطلق ولم يشترط عُمل بالعادة والعرف ما لم يخالف الشرع، وإلا فهم سواء في الاستحقاق.
    * يشترط في العين الموقوفة المنفعة دائماً من عقار، وحيوان، وبستان، وسلاح، وأثاث ونحوها، ويستحب أن يكون الوقف من أطيب المال وأحسنه.
    * كيف يُكتب الوقف:
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به؟ قال: ((إن شئت حبَّست أصلها وتصدقت بها)) فتصدق عمر أنه لا يُباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه. متفق عليه (1).
    * إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم، والتساوي بينهم، فإن لم يمكن جاز التفضيل والاقتصار على بعضهم.
    * إذا وقف على أولاده، ثم على المساكين، فهو لأولاده الذكور والإناث وأولادهم وإن نزلوا للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان لبعضهم عيال، أو به حاجة، أو عاجزاً عن الكسب، أو خص ذا الدين والصلاح بالوقف فلا بأس.
    * إذا قال: هذا الوقف وقف على أبنائي أو بني فلان اختص بالذكور دون الإناث إلا أن يكون الموقوف عليهم قبيلة كبني هاشم ونحوها فيدخل النساء مع الرجال.
    * الوقف عقد لازم لا يجوز فسخه، ولا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولا يرهن، فإن تعطلت منافعه بخراب أو غيره، أو عند ظهور مصلحة، جاز بيعه ويصرف ثمنه في مثله كالمسجد تتعطل منافعه يباع وينقل لمسجد آخر حفظاً لمصلحة الوقف، ما لم يترتب على ذلك مفسدة أو مضرة لأحد.
    * يجوز تغيير صورة الوقف للمصلحة كجعل الدور حوانيت، والبساتين دوراً، ونفقة الوقف من غلته ما لم يشترط من غيرها.
    * إذا لم يعين الواقف ناظراً للوقف، فالنظر يكون للموقوف عليه إن كان معيناً، وإن كان على جهة كالمساجد، أو من لا يمكن حصرهم كالمساكين، فالنظر على الوقف للحاكم.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2772)، واللفظ له، ومسلم برقم (1632).
    * أفضل أبواب الوقف:
    ما عمت منفعته المسلمين في كل زمان ومكان، كالوقف على المساجد، وطلبة العلم، والمجاهدين في سبيل الله عز وجل، والأقارب، وفقراء المسلمين وضعفائهم ونحوهم.
    * الوقف أصل ثابت يجوز دفعه إلى آخر يقوم بتعميره من ماله بنسبة معينة من الريع.
    * المواساة بالمال على ثلاث مراتب:
    1 - الأولى: أن تُنزِّل المحتاج منزلة عبدك فتعطيه ابتداء ولا تحوجه إلى السؤال وهي أدناها.
    2 - الثانية: أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك.
    3 - الثالثة: وهي أعلاها أن تُؤثره على نفسك، وهذه مرتبة الصِّدِّيقين.
    * الهبة: هي تمليك المال في الحياة لغيره بغير عوض، وفي معناها الهدية والعطية.
    * الصدقة: هي ما يعطى للفقراء والمحتاجين من مال طلباً للثواب من الله تعالى.

    * الهبة والصدقة كلاهما مستحب، وقد حث الإسلام على الهبة والهدية والعطية والصدقة؛ لما فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، وتطهير النفوس من رذيلة البخل والشح والطمع، وجَعَلَ لمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى الأجر الجزيل والثواب العظيم.
    * هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق:
    الله جواد كريم، يحب الجود والسخاء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان يقبل الهدية ويثيب عليها، ويدعو إلى قبولها، ويرغب فيها، وكان أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، لا يسأله أحد شيئا إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه.
    وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه منه، إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، وكان ينوع في أصناف عطائه وصدقته، تارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة يشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه، وتارة يشتري الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعاً، ولذلك كان أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً فصلوات الله وسلامه عليه.
    * فضل الجود والإحسان:
    1 - قال الله تعالى (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة/272).
    2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّهُ حتى تكون مثل الجبل)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410)، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).
    * حكم أخذ العطاء:
    من جاءه مال أو شيء من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه، فإن شاء تموله وإن شاء تصدق به.
    عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عُمر: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تُتبِعه نفسك)). متفق عليه (1).
    * تجوز الصدقة على المسلم وغيره من أهل الأديان.
    * تنعقد الهبة بأي صيغة تفيد تمليك المال بلا عوض كوهبتك أو أهديتك أو أعطيتك، وبكل معاطاة دالة عليها، وتجوز هبة كل عين يصح بيعها، ويكره ردها وإن قلت.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7164)، ومسلم برقم (1045)، واللفظ له.
    * كيف يعطي الإنسان أولاده:
    1 - يجوز للإنسان أن يعطي أولاده حال حياته، ويجب عليه التسوية بينهم على حسب ميراثهم، فإن فضّل بعضهم على بعض سُوِّي برجوع أو زيادة.
    2 - إذا أعطى الإنسان أحد أولاده لمعنى فيه من حاجة، أو زمانه، أو كثرة أولاد، أو مرض، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه جاز التخصيص من أجل ذلك، ويحرم ذلك على سبيل الأثرة.
    عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكُلَّ ولدك نَحَلْتَه مثل هذا؟)) فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فارجِعه)). متفق عليه (1).
    * لا يجوز لواهب أن يرجع في هبته المقبوضة إلا الأب، ويجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إلا بنفقته الواجبة عليه.
    * يستحب قبول الهدية والإثابة عليها مقابلة للجميل بمثله أو أفضل منه، فإن لم يجد دعا له، وتجوز الهدية للمشرك وقبولها منه؛ تأليفاً لقلبه، وطمعاً في إسلامه.
    عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صُنِعَ إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)). أخرجه الترمذي (2).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2586)، ومسلم برقم (1623)، واللفظ له.
    (2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035)، صحيح سنن الترمذي رقم (1657).
    * أفضل الصدقة:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يارسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تَصدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمُل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان)). متفق عليه (1).
    * من مرضه مخوف كالطاعون وذات الجَنْب ونحوهما فلا يلزم تبرعه لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة بعد الموت، كما لا يلزم تبرعه بما فوق الثلث لغير وارث إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت.
    * من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا.
    * يجوز رد الهدية لسبب كأن يعلم أن المهدي صاحب منة، أو يعيِّرك بها، أو يتحدث بها ونحو ذلك، ويجب رد الهدية إذا كانت مسروقة أو مغصوبة.
    * من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدي والمهدى إليه، وهي من الرشوة الملعون آخذها ومعطيها، وإن أهداه هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه اتقاء لشره، وحفظاً لحق الدافع.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419)، واللفظ له، ومسلم برقم (1032).
    * الأولى بأخذ الصدقة:
    خير الصدقة وأفضلها ما كان عن ظهر غنى، وأن يبدأ بمن يعول، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فَضَلَ شيء فلأهلك، فإن فَضَلَ عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فَضَلَ عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)). يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك. أخرجه مسلم (1).
    _________
    (1) أخرجه مسلم برقم (997).
    * فضل النفقة في وجوه البر:
    الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والنفقة في سبيل الله بسبعمائة حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، ويتفاوت ذلك بحسب حال المنفق ونيته، وإيمانه، وإخلاصه، وإحسانه، وانشراح صدره، وسروره بذلك، وبحسب قدر النفقة، ونفعها، ووقوعها موقعها، وبحسب طيب المنفَق منه، وسلامته، وطهارته، وكيفية إنفاقه.
    1 - قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة/261).
    2 - قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/274).
    3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)). متفق عليه (1).
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (42)، ومسلم برقم (129)، واللفظ له.
    25 - الوصية
    • * حكمة مشروعية الوصية:.
    • * حكم الوصية:.
    • * وجوه الوصية:.
    • * نص الوصية:.
    • * تبطل الوصية بما يلي:.
    * حكمة مشروعية الوصية:
    شرع الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الوصية لطفاً بعباده ورحمة بهم حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على الفقراء والمحتاجين بالخير والفضل، ويعود على الموصي بالثواب والأجر في وقت حيل بينه وبين العمل.
    قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة/180).
    * حكم الوصية:
    1 - الوصية مستحبة لمن له مال كثير ووارثه غير محتاج، فيوصي بشيء من ماله لا يتجاوز الثلث يُصرف في وجوه البر والإحسان ليصل إليه ثوابه بعد موته.
    2 - وتجب الوصية على من في ذمته دين لله تعالى، أو لآدمي، أو عنده أمانة لغيره فيكتبها ويبينها؛ لئلا تضيع الحقوق، أو ترك مالاً كثيراً فيلزمه أن يوصي لأقاربه غير الوارثين بما لا يزيد على الثلث.
    3 - الوصية المحرمة كأن يوصي لأحد الورثة كابنه الأكبر أو زوجته بمال من بين سائر الورثة.
    * تسن الوصية لمن له وارث بالخمس أو الربع إن ترك خيراً وهو المال الكثير عرفاً، والخمس أفضل، وتجوز الوصية بالثلث لغير وارث، وتكره وصية فقير ورثته محتاجون، وتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له، ولا تجوز الوصية لأجنبي لمن له وارث بأكثر من الثلث، ولا تجوز الوصية لوارث، وإن أوصى لأمه وأبيه وأخيه ونحوهم بحجة أو أضحية وهم أحياء جاز؛ لأن هذا من باب البر والإحسان إليهم بالثواب لا من باب الوصية التي يقصد بها التمليك.
    * يشترط في الموصى إليه بالتصرف أن يكون مسلماً، عاقلاً، مميزاً، حسن التصرف فيما أوصي إليه فيه رجلاً كان أو امرأة.
    * تصح الوصية من البالغ الرشيد، ومن الصبي العاقل، والسفيه بالمال ونحوهم.
    * تصح الوصية بلفظ مسموع من الموصي، أو خطه، ويستحب أن يكتب وصيته، ويُشهد عليها؛ قطعاً للنزاع.
    عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)). متفق عليه (1).
    * يجوز الرجوع في الوصية ونقصها وزيادتها، فإذا مات استقرت.
    * تصح الوصية لمن يصح تملكه من مسلم وكافر معين بكل شيء فيه نفع مباح، وتصح للمساجد، والقناطر، ودور العلم ونحو ذلك.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2738)، واللفظ له، ومسلم برقم (1627).
    * وجوه الوصية:
    الوصية تكون بالتصرف المعلوم بعد الموت كأن يزوج بناته وينظر لصغاره، أو يفرق ثلثه، وهي مندوب إليها وقربة يثاب عليها من قدر عليها.
    وتكون الوصية بالتبرع بالمال كأن يوصي بخمس ماله للفقراء أو أهل العلم أو المجاهدين في سبيل الله، أو لبناء مسجد، أو حفر بئر ماء للشرب ونحو ذلك.
    * تستحب الوصية للوالدين اللذين لا يرثان، وللأقارب الفقراء الذين لا يرثون؛ لأنها عليهم صدقة وصلة.
    * يجب أن تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصي مضارة الوارث حرم عليه ذلك وهو آثم، ويحرم على الموصى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة، ويسن لمن علم أن في الوصية جنفاً أو إثماً أن ينصح الموصي بالأحسن والأعدل، وينهاه عن الجور والظلم، فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم ليحصل العدل والتراضي وبراءة ذمة الميت.
    قال الله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة/181 - 182).
    * لا تصح الوصية ولا تجوز على جهة معصية، كالوصية لبناء الكنائس، وعمارة الأضرحة، سواء كان الموصي مسلماً أو كافراً.
    * الاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت، فلو أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحت الوصية، ولو أوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً، كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية ثم مات ابنه فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة.
    * إذا مات الإنسان يخرج من تركته الدين، ثم الوصية، ثم الميراث.
    * يجوز أن يكون الموصى إليه واحداً أو أكثر، فإذا تعدد الأوصياء وحُدد لكل واحد اختصاصه صح فيما خصه به، وإن أوصى إلى وصيين في شيء واحد كالنظر في أمر أولاده، أو أمواله فليس لأحدهما التصرف منفرداً.
    * يصح قبول الموصى إليه الوصية في حياة الموصي، وبعد موته، فإن امتنع عنها قبل الموت أو بعده سقط حقه؛ لعدم قبوله.
    * إذا أوصى الموصي بأن قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب ابني أو أي وارث فله مثل نصيبه مضموماً إلى المسألة، وإن أوصى بجزء أو حظ أعطاه الورثة ما شاؤوا.
    * إذا مات الإنسان بموضع لا حاكم فيه ولا وصي كالمفاوز والقفار، جاز لمن حوله من المسلمين حوز تركته والتصرف فيها بما يحقق المصلحة.
    * نص الوصية:
    يستحب أن يكتب في صدر الوصية ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم:
    هذا ما أوصى به فلان ابن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك بعده من أهله أن يتقوا الله حق تقاته، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة/132).
    ثم يذكر ما يريد أن يوصي به. أخرجه البيهقي والدارقطني (1).
    _________
    (1) صحيح/ أخرجه البيهقي برقم (12463)، وأخرجه الدارقطني (4/ 154) انظر إرواء الغليل رقم (1647).
    * تبطل الوصية بما يلي:
    1 - إذا جُنَّ الموصَى له بالتصرف.
    2 - إذا تلف الموصى به.
    3 - إذا رجع الموصي عن الوصية.
    4 - إذا ردها الموصى له.
    5 - إذا مات الموصى له قبل موت الموصي.
    6 - إذا قتل الموصى له الموصي.
    7 - إذا انتهت مدة الوصية، أو انتهى العمل الذي عُهد إلى الوصي القيام به.
    26 - العتق
    • * حكمة مشروعيته:.
    • * فضل العتق:.
    * حكمة مشروعيته:
    العتق من أعظم القرب المندوب إليها؛ لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل وغيره من الذنوب، ولما فيه من تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق، وتمكينه من التصرف في نفسه وماله حسب اختياره، وأفضل الرقاب أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها.
    * يقع العتق من الجاد والهازل بكل لفظ يدل عليه كأنت حر، أو عتيق ونحوهما، ومن ملك ذا رحم محرّم عَتُق عليه بالملك كأمه وأبيه ونحوهما، وأيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته.
    * فضل العتق:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيما رجل أعتق امرءاً مسلماً استنقذ اللهُ بكل عضو منه عُضوا من النار)). متفق عليه (1).
    * المكاتبة: بيع السيد رقيقه نفسه بمال في ذمته، وتجب إذا دعا العبد الذي فيه خير سيده إليها، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور/33).
    * يجب على السيد أن يعين المكاتب بشيء من ماله كالربع، أو يضع عنه قدره ونحوه، ويجوز بيع المكاتب، ومشتريه يقوم مقام مكاتبه، فإن أدى ما عليه عتق، وإن عجز عاد رقيقاً.
    _________
    (1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2517)، واللفظ له، ومسلم برقم (1509).
    * أهمية علم الفرائض:
    علم الفرائض من أجلّ العلوم خطراً، وأرفعها قدراً، وأعظمها أجراً، ولأهميته فقد تولى الله سبحانه تقدير الفرائض بنفسه، فبيّن ما لكل وارث من الميراث، وفصّلها غالباً في آيات معلومة، إذ الأموال وقسمتها محط أطماع الناس، والميراث غالباً بين رجال ونساء، وكبار وصغار، وضعفاء وأقوياء، ولئلا يكون فيها مجال للآراء والأهواء.
    لذا تولى الله عز وجل قسمتها بنفسه وفصلها في كتابه، وسوّاها بين الورثة على مقتضى العدل والمصلحة التي يعلمها سبحانه.
    * للإنسان حالتان: حالة حياة، وحالة موت، وفي علم الفرائض معظم الأحكام المتعلقة بالموت، فالفرائض نصف العلم، والناس كلهم محتاجون إليه.
    * كان أهل الجاهلية يورثون الكبار دون الصغار، والرجال دون النساء، والجاهلية المعاصرة أعطت المرأة ما لا تستحقه من المناصب والأعمال والأموال فزاد الشر، وانتشر الفساد، أما الإسلام فقد أنصف المرأة وأكرمها وأعطاها حقها اللائق بها كغيرها.
    * علم الفرائض: هو علم يُعرف به من يرث ومن لا يرث، ومقدار ما لكل وارث.
    * موضوعه: التركات، وهي ما يتركه الميت من الأموال والأشياء.
    * ثمرته: إيصال الحقوق إلى مستحقيها من الورثة.
    * الفريضة: هي النصيب المقدر شرعاً لكل وارث كالثلث والربع ونحوهما.
    * الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة، تنفذ مرتبة إن وجدت كما يلي:
    1 - تُخرج من التركة مؤونة تجهيز الميت من كفن ونحوه.
    2 - ثم الحقوق المتعلقة بعين التركة كدين برهن ونحوه.
    3 - ثم الديون المطلقة، سواء كانت لله تعالى كالزكاة والكفارة ونحوهما، أو كانت لآدمي.
    4 - ثم الوصية.
    5 - ثم الإرث- وهو المقصود هنا-.
T.H.E

T.H.E

الأستاذ /طارق العقيلي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.